تفاوتت تفاعلات ممثلي الأحزاب السياسية والمجتمع المدني وتباينت عقب ما ورد في خطاب الوزير الأول في الحكومة المؤقتة الباجي قائد السبسي الذي ألقاه في اواخر الأسبوع المنقضي، حيث اعتبر البعض ان كلام الوزير الأول فيه من السلبيات الشيء الكثير فيما ذهب البعض الآخر الى القول بأن السبسي قد تناول الملفات الهامة التي تهم التونسي بطريقة خاطئة ، فيما اعتبر شق ثالث ان الحكومة فوتت على نفسها فرصة إصلاح القضاء ، في حين يرى جانب هام من السياسيين ان خطاب الوزير الأول المؤقت قد حمل بعض الإيجابيات مثل التاكيد على احترام موعد انتخابات المجلس التاسيسي . ومقابل هذه المواقف وغيرها التي اتخذتها الأحزاب المقبلة على موعد اتنخابي هام بعد أسابيع قليلة تسبقها حملة انتخابية من المتوقع ان تكون حامية الوطيس بين جميع الفرقاء السياسيين فإن المناداة باستمرار المسيرات والنزول الى الشارع متواصلة وذلك وسط مطالب اعتبرها البعض تعجيزية في هذا الظرف بالذات. وهو ما يدفع للتساؤل حول جدوى تثوير الشارع بالمسيرات والمظاهرات ؟ وهل هي فعلا نتيجة لعجز الحكومة عن تلبية ما طرح من الملفات ؟ وهل يمكن ان يكون»تثوير» الشارع حاليا خدمة لغايات انتخابية أساسا ؟ مثل هذه الاستفهامات وغيرها طرحتها «الأسبوعي» على ممثلين عن أحزاب سياسية فكانت مواقفهم وآراؤهم متباينة. دعوات مقنعة ومريبة يقول خيرالدين الصوابني (حزب الطليعة العربي الديمقراطي) :»لقد كنا اول حزب دعا الى المسيرات والتظاهر في الفترة السابقة وقد تحالفنا مع حزب الوطنيين الديمقراطيين في البداية ثم الاتحاد العام التونسي للشغل. وقد طالبنا باصلاح القضاء ونددنا بالأحكام التي تم اتخاذها مؤخرا في شأن رموز الفساد في عهد بن علي ناهيك السماح لسيدة العقربي بالخروج من تونس دون أن يحرك القضاء ساكنا. وقد توجت مجهوداتنا ومن معنا آنذاك بلقاء مع الوزيرالأول , اما بخصوص خطابه الأخير فقد سجلنا في حزب الطليعة العربي الديمقراطي استجابة مبدئية من الحكومة لملف القضاء والتاكيد على مهام وصلاحيات المجلس التاسيسي.» ويتابع محدثنا قائلا:»رغم ان خطاب الوزير الأول لم يات على ملف الأمن واصلاح الإعلام والوضع الاجتماعي للبلاد فإننا نستغرب استمرار دعوة بعض الاطراف للخروج في مسيرات وهو يثير لدينا الريبة في نوايا هؤلاء لان هذه الأطراف لم تدع للتظاهر بصفتها الرسمية بل عبر دعوات مقنعة أغلبها من خلال صفحات»الفايس بوك» ، لذلك فإني اعتقد أنها بذلك لا تبعث على الطمأنينة.» أين كانوا؟ يضيف خير الدين الصوابني قائلا:» ما يدفعنا ضرورة إلى إيقاف المسيرات لكن اصحاب الأصوات النشاز والتي تتقنع وراء الشارع لم تفصح بعد عن نواياها الحزبية وهويتها وهو ما يثر خوفي. عموما من الضروري بمكان أن تفصح الجهة الداعية والمنظمة للمسيرات عن نفسها دون أن تتخفى وراء مسميات عديدة لأن أي فوضى حاصلة من جراء التظاهرات ستمكن قوى الردة من تحقيق مبتغاها وبالتالي الانقضاض على المسار الديمقراطي وتحويل وجهته الى مصير مجهول. اؤكد اننا مع النزول الى الشارع لكن مع مراعاة الوضع الذي تمر به تونس والذي يتطلب حاليا التفاف الجميع للعبور بها الى بر الأمان .» نحن مع المسيرات ما لم .. من جهته يقول محمد مزام عضو المكتب السياسي لحزب العمال الشيوعي :»لقد اوضحنا موقفنا كحزب من خطاب السبسي الذي نعتقد انه لم يستجب لمطالب العديد من القوى السياسية والمدنية الملتصقة بهموم الشارع في تونس حيث طغى عليه الطابع التبريري إذ لم يتخذ أي قرار حاسم بشأن عدة قضايا كفساد القضاء في حين كنا ننتظر على الأقل تجاوبا ولو نسبيا مع مطالب الأطراف وهو ما سيجعل من النزول الى الشارع مرة أخرى حتى تستمر التحركات السلمية أمرا ضروريا للضغط على الحكومة لاتخاذ خطوات حقيقية لخلق جو مناسب لانتخابات ديمقراطية وذلك لن يتم في ظل وجود قضاء فاسد وجهاز أمن وإعلام في حاجة الى الإصلاح .» وعن مدى تأثير تواصل المظاهرات والاعتصامات والمسيرات على إجراء انتخابات التاسيسي في موعده أجاب محدثنا:»نحن مع التمسك بموعد 23 اكتوبر رغم وجود بعض الدعوات الخبيثة والانتهازية من اطراف معينة تدعو الى تاجيل الانتخابات وتعلتهم في ذلك الأجواء غير المستقرة في بلادنا . اعتقد انه من الواجب توفير ظروف ملائمة تكون نتيجة لقرارات وإجراءات ملموسة بخصوص قضايا جوهرية كإصلاح القضاء لإنجاح انتخابات المجلس التاسيسي.» لا لسقوط الحكومة..نعم للاحتجاج يقول محمد عبو كاتب عام حزب المؤتمر من أجل العمل والحريات :»في البداية لا بد من التاكيد على ان العبرة ليست بتحريك الشارع وتثويره تحت أي ظرف لكن الأسلم هو ان نتخذ مواقف تخدم الراي العام , فهل يعقل ان تكون هناك مسيرا ت تنادي بإسقاط حكومة لا تزال في عمرها اقل من 60 يوما ونحن مقبلون على موعد انتخابي هام. اما عن فحوى خطاب الوزير الأول فاننا اكدنا منذ فترة على ضرورة تطهير القضاء والداخلية وهو موقف قدمناه للحكومة وحاولنا المشاركة في مسيرات نظمتها اطراف سياسية أخرى ونحن ننتظر في خطوات عملية لذلك لكن نؤكد على ضرورة التحرك لضمان انتخابات نزيهة . عموما نتعقد ان مطالب الإصلاح في المنظومتين اللتين ذكرتهما آنفأ اكيدة وسنعمل على تحقيقها بكل الطرق السلمية المتاحة.» ان الظرف الذي تمر به تونس المقبلة على انتخابات مجلس تاسيسي سيحدد خلاله نظامنا السياسي وسيقع فيه سن دستور جديد يستجيب لمتطلبات المرحلة يجعل من الجميع مطالبين بوضع مصلحة تونس فوق كل اعتبار لأن الحسابات الحزبية الضيقة والبحث عن الفوضى من شأنهما ان يعيدا بلادنا الى فترة ما قبل 14 جانفي .