شركة النقل بصفاقس تتسلم 10 حافلات جديدة بقيمة 7 ملايين دينار    مقتل 10 أشخاص وإصابة 396 آخرين خلال ال24 ساعة الماضية    الأمطار الأخيرة أثرها ضعيف على السدود ..رئيس قسم المياه يوضح    وزير السياحة يؤكد أهمية إعادة هيكلة مدارس التكوين في تطوير تنافسية تونس وتحسين الخدمات السياحية    الرابطة الأولى: تشكيلة قوافل قفصة في مواجهة مستقبل سليمان    عاجل/حادثة اعتداء أم على طفليها وإحالتهما على الانعاش: معطيات جديدة وصادمة..    نرمين صفر تتّهم هيفاء وهبي بتقليدها    مدير مركز اليقظة الدوائية: سحب لقاح استرازينيكا كان لدواع تجارية وليس لأسباب صحّية    دائرة الاتهام ترفض الإفراج عن محمد بوغلاب    61 حالة وفاة بسبب الحرارة الشديدة في تايلاند    إتحاد الفلاحة : '' ندعو إلى عدم توريد الأضاحي و هكذا سيكون سعرها ..''    أنس جابر في دورة روما الدولية للتنس : من هي منافستها ...متى و أين ؟    نادي ليفربول ينظم حفل وداع للمدرب الألماني يورغن كلوب    الكشف عن توقيت مباراة أنس جابر و صوفيا كينين…برنامج النّقل التلفزي    نحو إنجاز مشروع جديد خاص بالشبكة الحديدية السريعة ..وزارة التجهيز توضح    طقس الجمعة: امطار متفرقة بهذه المناطق    اليوم: طقس ربيعيّ بإمتياز    تسجيل 10 وفيات و396 مصاب خلال 24 ساعة في حوادث مختلفة    وزير أملاك الدولة: تصفية بعض عقّارات الأجانب أمر صعب    منبر الجمعة .. الفرق بين الفجور والفسق والمعصية    خطبة الجمعة .. لعن الله الراشي والمرتشي والرائش بينهما... الرشوة وأضرارها الاقتصادية والاجتماعية !    اسألوني ..يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    بسبب خلاف مع زوجته.. فرنسي يصيب شرطيين بجروح خطيرة    قوات الاحتلال تمنع دخول 400 شاحنة مساعدات إلى قطاع غزة..#خبر_عاجل    عاجل/ هجوم جديد للحوثيين على سفينة في خليج عدن عبر زورق مسلحين    شركات تونسية وأجنبية حاضرة بقوة وروسيا في الموعد...صالون الفلاحة والصناعات الغذائية بصفاقس يصنع الحدث    اتحاد الفلاحة: لوبيات القطاع سيطروا على الميدان    بنزرت...بطاقة إيداع بالسجن في حق عون صحّة والإبقاء على 5 بحالة سراح    المهدية .. تم نقلهم إلى المستشفى لتلقّي العلاج.. إصابة 5 تلاميذ في حادثة رشق حافلة بالحجارة    ولي يتهجم على أعضاء مجلس التأديب بإعدادية سهلول...القضاء يتدخل    بلا كهرباء ولا ماء، ديون متراكمة وتشريعات مفقودة .. مراكز الفنون الدرامية والركحية تستغيث    أحمد العوضي عن عودته لياسمين عبدالعزيز: "رجوعنا أمر خاص جداً"    مدنين.. مشاريع لانتاج الطاقة    اليوم «السي .آس .آس» «البقلاوة» والمنستير الإفريقي...معركة مفتوحة على المركز الثاني    معاناة في البطولة وصَدمة في الكأس .. الترجي يثير مخاوف أنصاره    عاجل/ مفتي الجمهورية يحسم الجدل بخصوص شراء أضحية العيد في ظل ارتفاع الأسعار..    أضحية العيد: مُفتي الجمهورية يحسم الجدل    بلاغ هام للنادي الافريقي..#خبر_عاجل    اليوم: تصويت مرتقب في الأمم المتحدة بشأن عضوية فلسطين    ممثلة الافلام الاباحية ستورمي دانيلز تتحدث عن علاقتها بترامب    المغرب: رجل يستيقظ ويخرج من التابوت قبل دفنه    دراسة: المبالغة بتناول الملح يزيد خطر الإصابة بسرطان المعدة    حالة الطقس اليوم الجمعة    بعد معاقبة طلاب مؤيدين لفلسطين.. رئيسة جامعة كورنيل الأمريكية تستقيل    نبات الخزامى فوائده وأضراره    وزير الخارجية: تونس حريصة على المحافظة على العلاقات التّاريخية والطّبيعية التّي تجمعها بالاتّحاد الأوروبي    استدعاء سنية الدّهماني للتحقيق    أولا وأخيرا...شباك خالية    تونس تفوز بالمركز الأول في المسابقة الأوروبية لزيت الزيتون    اللغة العربية معرضة للانقراض….    تظاهرة ثقافية في جبنيانة تحت عنوان "تراثنا رؤية تتطور...تشريعات تواكب"    قابس : الملتقى الدولي موسى الجمني للتراث الجبلي يومي 11 و12 ماي بالمركب الشبابي بشنني    سلالة "كوفيد" جديدة "يصعب إيقافها" تثير المخاوف    سابقة.. محكمة مغربية تقضي بتعويض سيدة في قضية "مضاعفات لقاح كورونا"    مفزع: 376 حالة وفاة في 1571 حادث مرور منذ بداية السنة..    سليانة: تنظيم الملتقى الجهوي للسينما والصورة والفنون التشكيلية بمشاركة 200 تلميذ وتلميذة    كشف لغز جثة قنال وادي مجردة    الرابطة المحترفة الاولى (مرحلة التتويج – كلاسيكو الجولة السابعة) : الترجي للابتعاد بالصدارة والنجم لاعادة توزيع الاوراق    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



برامج "تعلب" إشهاريا.. أموال مشبوهة.. والإعلام يصنع "الكبار"
الأحزاب والحملات الانتخابية
نشر في الصباح يوم 29 - 08 - 2011

ونحن نقترب من موعد الحسم الانتخابي بات من المألوف أن تطالعك وأنت منهمك في متابعة البرامج الرمضانية -خاصّة المسلسلات والتي كانت أقل دسامة هذه السنة بمفعول الثورة ..
ربما - ومضات إشهارية نظن في البداية أنها تتبع منتوجا غذائيا وفد حديثا على السوق الاستهلاكية ووجد طريقه الى التسويق الاشهاري علّه يستميل شهوات التونسي ويطوّع جيبه.. لكن بعد تمعّن وتمحيص تكتشف أنك بصدد حزب سياسي يستعرض شعاراته الرنانة ويستفيض في كشف نتف ضبابية من برنامجه معتمدا في ذلك على مختلف الشرائح الاجتماعية مع حضور مؤثّر لوجوه «مسحوقة» بفعل ما كان سائدا من ظلم وطغيان..وغير بعيد عن الشاشة الفضية تتحلّى صفحات الجرائد بمختلف تلويناتها وتشكيلاتها وتوجهات بالصفحات الاشهارية الحزبية..أما شوارعنا -التي باتت على الأرض مرتعا «لأصحاب» الرصيف من جماعة الانتصاب الفوضوي والذين أصبحوا سادة الشوارع والأنهج دون رادع- فقد ازدانت جانباتها باللافتات العملاقة لمسقبل بدأ الآن و»كل تونسي عندو الحق: يحب بلادو ولكي نكون في الموعد توه نتحدو الى غير ذلك من شعارات التسويق المغري «بالاستهلاك» ورغم أنه من حق كل حزب أن يسوّق نفسه بالطريقة التي ترضيه غير أنه وأمام تراكم المشاكل الاجتماعية نجد من يدّعي أنه يملك المشروعية الثورية وله حق الانقضاض على كرسي الحكم يغدق ملايين الملاييين على ومضات إشهارية لعمل حزبي من المفروض أن يتحلّى بالجدية والانضباط وتقديم الحلول والبدائل الواضح لفترة صعبة نعيشها جميعا بعيدا عن المهاترات والشبهات..


المنصف المرزوقي : أحزاب «الإشهار» لها أموال مشبوهة وسيعاقبهم الشعب!!
الساسة «المقاولون» تكريس لاستبداد الديمقراطية بعد استبداد الدكتاتورية
لم يجد حزب المؤتمر من أجل الجمهورية حرجا في كشف مصادر تمويله للعموم ضمانا للشفافية وللقناعة التي يعمل وفقها الحزب وهي الاكتفاء بالتمويل الذاتي المتأتي خاصة من الانخراطات والابتعاد التام عن مصادر التمويل المشبوهة والمال السياسي الفاسد... لأن ذلك حسب أمين عام الحزب منصف المرزوقي أولى لَبِنَاتِ البناء الديمقراطي الصحيح والجدي.. المرزوقي أكد في اتصالنا به ما راج مؤخرا حول إدانته لعملية الاشهار المشبوهة التي ينتهجها حزب الاتحاد الوطني الحر والاموال الطائلة التي برزت على سطح المشهد السياسي فجأة وطالب الحكومة والسلطة القضائية بتحمّل مسؤوليتها في الكشف للرأي العام عن مصدر هذه الأموال.
وحول الأموال الطائلة التي باتت سمة بارزة للحملات الانتخابية لبعض الاحزاب «النكرة» سياسيا يقول المرزوقي: «في البداية أؤكد أننا في حزب المؤتمر لن نقبل أي تمويل خارجي ونعتمد على مواردنا الداخلية لأنه لدينا قناعة راسخة أننا في مرحلة ديمقراطية ناشئة لا تنبني الا بسواعدنا .. وليس من خلال إغراق المشهد العام بالاشهار الممجوج أو شراء الذمم فذلك فيه إهانة للشعب التونسي الذي دفع من دم أبنائه فداء لكرامته خلال ثورته المجيدة.
فالديمقراطية هي إقناع الناس بالمبادئ والأفكار البناءة وليس ممارسة التأثير بالإشهار للوصول الى تحريك غرائز الناس.. فنحن نقوم باجتماعاتنا دورية نركّز من خلالها على التواصل المباشر مع عموم الناس وفي مختلف المناطق فنحن قمنا بأكثر من 50 اجتماعا استمعنا من خلالها الى شواغل الناس وحاولنا تعديل رؤانا وأهدافنا انطلاقا من نبض الشارع.. ورغم أن الاعلام خاصة القنوات الخاصة مازالت تحجب منابرها عنّا فإننا نحاول قدر الإمكان.
وهنا سألت محدثي عن مردّ رفضه لدعوة العربي نصرة للالتحاق بطابور زوار «باعث القناة» أكد المرزوقي أن «الحرّة تجوع ولا تأكل بثدييها.. وأنه يرفض خطط هذا الرجل .. «يحب يخدم بينا»..
وعما إذا كانت الحملات الانتخابية لبعض الاحزاب تسير وفق المعايير الشفافة المتعارف عليها يقول المرزوقي، الديمقراطية يجب أن لا تنطلق عرجاء حتى لا تصبح الاحزاب شركات رأسمالية سياسية وساسة «مقاولين» وبذلك نكون مررنا من مرحلة استبداد الديكتاتورية الى استبداد الديمقراطية ونحن ولتفادي أي شبهة حول مصادر تمويلنا فتحنا ميزانية الحزب للعموم للاطلاع عليها لكل من يرغب في معرفة مصادر تمويلنا ويمكن لاي كان الاتصال بنا والاطلاع على الكشوفات وعلى كل ما يهم التمويل بكل شفافية ونزاهة.
وحول الملاحظات التي يرغب المرزوقي في توجيهها لكل المهتمين بالشأن السياسي والناشطين حزبيا يقول المرزوقي: «أولا لابد أن تكشف الاحزاب عن مصادر تمويلها للرأي العام لأن ذلك ضمان لمصداقيتها.
ثانيا يجب الكف فورا عن الاشهار السياسي المشبوه الذي نعيش وقائعه يوميا في هذه الفترة.. فالاشهار السياسي ممنوع في جل البلدان المتقدمة..
وثالثا لابد من فتح ملف قضائي حول الاحزاب التي تضخ أموالا رهيبة لا نعرف مصدرها ولكن على يقين أن التونسيين سيعاقبونهم من خلال صندوق الاقتراع..
وفي سؤال عن أسباب هذا «التكالب» السياسي أكد المرزوقي: «هؤلاء اشتموا رائحة السلطة فجن جنونهم» لكن المصيبة الكبرى أن مناضلين كبارا أصبحوا مقاولي سياسة ليصلوا الى السلطة.. وللاسف فإن الحكومة المؤقتة وكأي حكومة مؤقتة غير قادرة على تأطير المشهد السياسي ونحن نأسف كثيرا لأنه لو كان لدينا قضاء مستقل ونزيه لبادر من تلقاء نفسه بفتح ملف المال السياسي المشبوه لأنه سيضر بالديمقراطية ومن خلال التكالب على السلطة وشجع السياسة.

عبد القادر الزيتوني : السياسة في تونس أصبحت ومضات إشهارية ومسامرات ليلية!!
رغم ما تحظى به أحزاب الخضر خاصة في أوروبا من أهمية بالغة فإنها في تونس مازالت هذه النوعية من الاحزاب تتلمس موقع قدم أصبح غير ثابت تحت أقدام حزب الخضر للنظام البائد.. ومازال غير معتاد بالنسبة لحزب تونس الخضراء الذي ناضل زمن المخلوع ليدافع على حقه في الوجود واليوم فهو يناضل من أجل التمتع بالمناخ الديمقراطي الذي هيأته الثورة..
رغم العراقيل والصعوبات واللاعدالة «مالية» خاصة بين الاحزاب بقطع النظر على مشروعية نضالها «الأسبوعي» اتصلت بعبد القادر الزيتوني أمين عام الحزب الذي أبدى أسفا واضحا لما يعيشه المشهد السياسي من خروقات فاضحة تضرب المسار الديمقراطي في العمق..
الإشهار والإبهار
حول مصداقية المعايير المعتمدة في الحملات الانتخابية التي بدأ وطيسها يشتد في تونس مع اقتراب الموعد الانتخابي يقول الزيتوني: «نحن نتأسف كثيرا على أن السياسة في تونس أصبحت ومضات إشهارية ومسامرات ليلية.. في اعتداء واضح على ذكرى 300 شهيد قدّموا أنفسهم فداء الوطن فالمال السياسي المشبوه يخرق المشهد في حين تغيب البرامج والافكار الجادة.. فالحملات الانتخابية التي تخوضها بعض الأحزاب تشبه هي عبارة عن استعراض عضلات لما تكنزه من أموال تعتقد أنها قادرة من خلالها على التأثير في الرأي العام.. فالسياسة ليست إشهارا بل هي برامج لخدمة الشعب التونسي وهي ليست سباقا محموما لحيازة الأماكن الشاغرة في المجلس التأسيسي... فالوطن لا نخدمه بالمسامرات وباللافتات الاشهارية فالعناية هي تحقيق أهداف الثورة المجيدة بمعنى مناقشة المدة التي سيستغرقها المجلس التأسيسي وإيجاد حلول بناءة لتشغيل الشباب فيجب أن نقدم برنامجا سياسيا يستجيب للتطلعات الشعبية.. ويجب ترشيد هذا الاسهال للاشهار السياسي.. بخوض تركيز لافتات اشهارية بعشرات الملايين كان من الأولى تشغيل الشباب بهذه الأموال.
لكن بعض الأحزاب تريد الوصول الى السلطة ومواقع القرار بالابهار.. ونحن نعتقد أن إغراق المشهد السياسي وبالاموال المشبوهة واختزال البرامج في ومضات اشهارية هو نجاح للثورة المضادة في حين أن لا أحد ذكر أو تكلّم على الشهداء.
وأنا واثق أن الشعب التونسي بفطنته ونضجه لن يستجيب لمغريات تصنعها أموال مجهولة المصدر ولعل تدني معدلات الاقبال على التسجيل في الانتخابات هو تأكيد على أن غالبية التوانسة لم تجد ما يقنعها في الأحزاب «المشهورة» والتي تعتقد أنها مؤثرة في الرأي العام.. فإلى اليوم مازلنا نطوف حول مشاكلنا وشواغلنا الحقيقية دون أن نخوض فيها ونحاول إيجاد حلول تقنع الشارع التونسي وتعيد له الثقة في نجاح ثورته التي وللأسف تمعّش من نجاحها النكرات الذين لا يملكون غير الأموال..

د.سالم لبيض : ظاهرة «تسليع» و«تبضيع» الأفكار والبرامج السياسية
باعتبار أن الحملات الانتخابية توجّه أساسا للرأي العام للتأثير فيه واستقطابه بما تطرحه من برامج وأفكار وذلك يتنزّل في خانة الدعاية الحزبية التي تبقى مشروعة وخاضعة للمقاييس المتعارف عليها ..غير أن ما نعيش تفاصيله اليوم هو نوع من الإشهار الأقرب إلى الغايات التجارية منها الى البرامج الحزبية الجادة.. ولتحليل هذه المسألة الشائكة اتصلت «الأسبوعي» بالدكتور سالم لبيض المختصّ في علم الاجتماع السياسي الذي تناول الظاهرة وأبرز انعكاساتها..
في البداية يقول الدكتور سالم لبيض: «هذه الظاهرة التي تبرز من خلال الدعاية الإشهارية السياسية هي ظاهرة جديدة بحيث لأوّل مرة يشاهد المواطن العادي في تونس اللوحات الاشهارية في الفضاء العمومي وصفحات الجرائد وفي الممرات الاشهارية التلفزية الدعائية المباشرة لأحزاب سياسية ولوجوه قيادية في بعض الأحزاب ؛ وقد بات معروفا أن هذا الشكل كان محتكرا من قبل الشركات الاقتصادية المختلفة والمتنوعة وقد يكون ذلك مبرّرا لأن تلك الشركات تعرض سلعا اقتصادية في عالم شديد المنافسة يتسم بالشراكة وبالتالي من لا قدرة مالية دعائية له لا يستطيع أن يصمد في «السوق «. هذا القانون اخترق عالم السياسية في تونس في الأشهر التالية للثورة ويكاد يتحوّل الى ظاهرة وان كنّا نأسف له من الأحزاب والوجوه ممن كان يرفض الى حدّ قريب حتى المنافسة غيرالشريفة في المستوى الاقتصادي ..
الإشهار تحوّل الى "سنة"
عن هذه الظاهرة يقول: «وتكاد الظاهرة اليوم أن تتحوّل الى «سنة» لدى السياسيين الجدد..وإن اتفقنا على أن هذا الشكل من الممارسة هو «تسليع» و»تبضيع» للأفكار والبرامج السياسية فلا بدّ أن ننبّه الى أنه يعطي الشرعية للقوة المالية التي تختفي وراء تلك الحملات الإشهارية المكثفة في مختلف وسائل الإعلام وفي الفضاء العام ولكن في المقابل يثبت حقيقة هي أن هذه القوى الجديدة لا تثق في أفكارها وبرامجها حتى تضعها في مستوى المنافسة بالوسائل التقليدية المتعارف عليها في الصراع السياسي وفي الحملات الانتخابية وهي بالإضافة إلى ذلك تضع نفسها تحت طائلة القانون من حيث أنها تتجاوز السقوف المحدّدة للإمكانيات المادية المخصّصة في القوانين المنظمة للأحزاب من حيث إنها لا تفصح عن مصادر تمويلها وهي تسقط بذلك في فخّ شراء الأصوات سواء بالدفع المباشر أو بشراء المساحات الدعائية لسيما في الفضاء العام الافتراضي وخاصّة على شبكة الفايس بوك ومن تلك المواقع من تخلّى عن شرف الرسالة التي كان يؤديها الى وقت قريب بمصداقية في علاقته بذاته وأفكاره..والنتيجة التي نخلص بها في هذا المستوى هوأن هذه الأحزاب تكرّس الفساد المالي والسياسي وتؤسّس له كمدخل كنّا نطمح أن لا يكون له موقع في تونس الجديدة .
اختلال المشهد الانتخابي
ويضيف الدكتور لبيض :»على المستوى الثاني هوأن هذه الأحزاب تمارس نوعا من الاختلال في المشهد الانتخابي فهي خارجة عن القانون من حيث إنها بدأت حملاتها الانتخابية قبل الوقت المحدّد..وسوّقت شعاراتها وبعض ومضاتها الدعائية قبل أن نتعرّف حتّى على رموزها وبرامجها وأفكارها وربما يكفي ذلك المشهد عدم وجود أفكار بالمرة وارتباطها بقوى أجنبية ممولة تريد أن تلتف على المشهد السياسي في تونس وتدخل عرس الديمقراطية بالوسائل المشبوهة وهذا كلّه تأسيس منظّم لإجهاض الثورة.

شكري بلعيد :الثورة سرقها الأثرياء من ذوي المال الفاسد والمشبوه
رغم الصعوبات التي تواجهها أحيانا حركة الديمقراطيين التقدميين في تصدّر أحداث المشهد السياسي بالنظر لضعف الموارد المتأتية من التمويل الذاتي وكذلك من حيث الإقصاء «القصدي» أحيانا من المنابرالإعلامية الموالية غيرأن (الوطد) وبعراقة نضالاته وتاريخه الزاخر يصرّ على مواصلة مساره النضالي بعيدا عن كل مساومات أو مزايدات وهو يشجب الإشهار الذي يعتبره شكري بلعيد المنسق العام والناطق الرسمي باسم الحركة ممنوعا قانونا ومنافيا للديمقراطية..
أحزاب تمارس الإشهار وليس الدعاية
يقول شكري بلعيد :»فيما يتعلّق بالإشهار السياسي للأحزاب فإني أؤكّد تدخّل المال السياسي الفاسد في إعادة تشكيل الحياة السياسية وفق قواعد النظام البائد وإلا بماذا نفسّررجال أعمال كانوا مرتبطين بالطرابلسية سعوا لضخّ المال في بعض الأحزاب التي كانت لوقت قريب نكرات أو أحزاب عاجزة عن تسديد حتّى كراء محلاتها الإدارية تحولت بين عشية وضحاها إلى ماركات وبضائع تتصدّر المنابر الإعلامية مغدقة في سبيل ذلك الأموال الطائلة .. وما أريد أن أؤكده أن ما تمارسه أغلب الأحزاب اليوم هو الإشهار وليس الدعاية الحزبية التي تقوم على رؤى وبرامج وأفكارواضحة ..فالدعاية يكون هدفها التعريف بالحزب ونشاطاته ومناضليه لكن القيام بحملات وومضات اشهارية عوض عن ذلك هو اعتداء صارخ على الديمقراطية والتعددية وهو كذلك اعتداء على الصحافة والإعلام ؛ وهنا يجب أن نؤكّد أنه لا يمكن تحقيق الديمقراطية من دون إعلام حرّ ونزيه ولكن المال السياسي الفاسد يضع الإعلام تحت سطوته ويفقده مصداقيته ويساهم في صعود وجوه نكرة وفاسدة لا تخدم الصالح العام بل تتمعّش من الثورة ونحن في حركة الوطنيون الديمقراطيون مع رفع شعار في وجه الأحزاب المتضخّمة ميزانياتها من «أين لك هذا.؟؟؟.»وكذلك أنا مع محاسبة المتورطين في شبهة المال السياسي من قبل السلط المختصة كذلك نحن مع منع التمويل الخاصّ والأجنبي لأن ما وقع هو سرقة ثورة الفقراء الذين أعطوا دمهم ووهبوا للثورة شهداء من قبل الأثرياء من ذوي المال الفاسد والمشبوه.»

أحمد الصديق :مجموعات «تتمعش» من المال السياسي الفاسد في غياب الرقابة القانونية
يؤكّد الكثيرون من المتتبعين للشأن السياسي أن «إغراق» المشهد السياسي بأموال طائلة برزت فجأة على سطح العمل الحزبي وأصبحت وسيلة استمالة وإغراء للنفوس والأصوات يعود أساسا الى غياب الرقابة القانونية الحازمة والرادعة لكل خروقات قد تشوب العملية السياسية وتؤثّر على المناخ الديمقراطي..»الأسبوعي» اتصلت بالأستاذ أحمد الصديق لإبداء رأيه في مسألة المال السياسي وما يشوبه اليوم من شوائب «عجز» الرأي العام عن فكّ طلاسمه..
إشهار ممجوج ..و دمغجة
في البداية يقول الأستاذ الصديق: «لا ننكر أن هناك استقطاب إعلامي مبرمج وموجّه أدّى إلى ظهور أربعة أو خمسة وجوه تتكرّر واعتمدت كل أساليب الإشهار منها الإشهار الممجوج كالاتحاد الوطني الحرّ والحزب الديمقراطي التقدمي والتكتّل الديمقراطي من أجل العمل والحريات وهناك تغييب متعمّد لبقية الأحزاب والتيارات السياسية في محاولة مكشوفة لدمغجة واقناع الشعب التونسي أن المشهد السياسي تؤثثه فقط ثلاثة أوأربعة أحزاب هي النهضة والديمقراطي التقدمي والتكتّل وبمسافة بعيدة القطب الحداثي..وواضح أيضا أن هناك ضخا ماليا خرافيا من حيث حجمه دون أن يترجم وجودا سياسيا فعليا من حيث البرامج والأهداف ؛ فهي تستغل المال بأرقام خرافية لاستقطاب جماهيري لا يقوم أساسا على قناعة عميقة بالمبادئ والبرامج الحزبية ؛ فمن يملك المال له القدرة على أن يؤثّر على المواطنين وللتذكيرلا يمكن أن نتحدّث عن انتخابات شفافة ونزيهة من خلال نظافة صندوق الاقتراع فقط لكن المراقبة والشفافية تتمّ كذلك عبرإعلام نزيه ومحايد..»
قانون مراقبة المال السياسي.. و التنفيذ المؤجّل
ويضيف الأستاذ الصديق: «ليس هناك أي رقابة اليوم على المال السياسي سواء المتأتي من مصادر أجنبية أو داخلية. فهذا المال غير مراقب قانونا وبالنسبة لمشروع مرسوم تنظيم الأحزاب السياسية الذي تضمّن ما يناهز 31 فصلا، منها أكثر من عشرة فصول تحدد طريقة تمويل الأحزاب كما يحجرالفصل 18 من مشروع القانون المذكور على الأحزاب السياسية ، تلقي تمويل من جهة أجنبية، أو تمويل مجهول المصدر . فهو لم يدخل بعد حيز التطبيق الفعلي وأعتقد أنه سيبقى معلّقا لما بعد انتخابات 23 أكتوبر..وبالتالي فإنه نستخلص أنه منذ خطّ الانطلاق هناك عملية مغشوشة أراد من خلالها البعض ممن يحظى بإمكانيات مالية ضخمة ومجهولة المصدر اكتساح الإرث الفضائي للتجمّع بينما يبقى الآخر الفقير الممثل بالكثير من الأحزاب والذي قاوم مناضلوه الديكتاتورية في أحلك فتراتها لكن بقي حضورهم على المستوى الإعلامي مناسباتيا وضعيفا في حين أن هناك وجوها نراها في 3 و4 قنوات في الليلة الواحدة وعندما نتجوّل في الشارع تطالعنا اللافتات الكبرى كلفتها بالملايين على شاكلة «توه الديمقراطية ، توه المساواة..»من دون رؤى سياسية واضحة وهو ما يجعل الاستقطاب الجماهيري يقوم على أساس الدمغجة والإغراء بمحاكاة ما حصل في أوروبا الشرقية بعد انهيار جدار برلين حيث أصبحت الشركات الرأسمالية تتحكّم في العملية السياسية.. وعموما نعتقد أن الشعب التونسي ونخبه السياسية ما كانت لتطمح أن تكون الديمقراطية بهذا الشكل الماسخ أي ديمقراطية تنتفع بها أساسا مجموعات تتمعّش من المال السياسي الفاسد مع فراغ كبير من حيث التأطير القانوني والمراقبة للمال السياسي بحيث لا تتوفّر للمتنافسين السياسيين حظوظا متساوية للقيام بحملات انتخابية..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.