تأكيد على أن الاحتفالات لم تأت بإرادة من فوق انطلق أول أمس الإحتفال بمائوية الأديب التونسي محمود المسعدي بمسقط رأسه بتازركة من ولاية نابل بحضور السيد عزالدين باش شاوش وزير الثقافة بدار الثقافة محمود المسعدي حيث تم تقديم عرض فرجوي مسرحي بمدخل الدار جسد ثلاثة أعمال للمسعدي وهي رواية "السد" و"حدث أبو هريرة قال" و"مولد النسيان "من إخراج عماد الزهراوي أستاذ مسرح وتمثيل مجموعة من الشباب من هواة المسرح. واثر العرض تمت زيارة المعرض الوثائقي الذي يتكون من صور فوتوغرافية لخصت مسيرة الأديب الراحل إلى جانب مشاهدة بعض المقتطفات للقاءات المسعدي التلفزية والشهادات الحية لمعاصريه ومرافقيه، لتتواصل أمس هذه الشهادات بالمركز الثقافي نيابوليس بنابل. العرض الفرجوي المسرحي وان لم يكن مطولا فانه استقطب عددا محترما من الشباب والأطفال والكهول نساء ورجالا، وكان "للصباح" دردشة مع البعض منهم، فالأطفال مثلا فيهم من جاء من باب الصدفة وهو مار فدخل وفيهم من علم بالنشاط فأراد الإطلاع والإستفادة وآخر جاء ليشاهد أخاه "الممثل" المشارك في العرض، أما النسوة وكن من كبار السن فارتئين المجئ احتفاء "بسيدهن المسعدي" وإكراما لذكرى عزيز عليهن من العائلة.
"أياد جاهلة"
انتظمت هذه المئوية إذا ما عدنا إلى كلام وزير الثقافة لا "بإرادة من فوق ولا من قصر النظام السابق ولا من أي سلطة، وإنما جاءت تكريسا لرغبة المثقفين والمبدعين التونسيين إجلالا للقيمة الفنية والأدبية للكاتب محمود المسعدي الذي كان ضحية أياد جاهلة، لا تعي قيمة المبدعين والأدباء، منعته في العديد من المرات من أن تقدم أعماله إلى جائزة نوبل على غرار الأديب المصري نجيب محفوظ، هذه المظلمة لم تقف عند هذا الحد وانما تجاوزته إلى عدم العمل والسعي إلى إدراج اسم محمود المسعدي في المائويات التي تقررها منظمة اليونسكو وتتطلب اجراءات سابقة على الأقل بسنتين بتقديم مطلب إلى المجلس التنفيذي للمنظمة كما فعلت مصر وسوريا والعراق غير أن تونس لم تتقدم بشيء" مضيفا أنها "ليست ثقافة مائويات ومناسبات وانما هي خطى لنجعل من تونس ومن جديد بلد الأدب والإبداع، فكان من المقرر أن تنطلق الإحتفالات منذ 28 جانفي إلا أن الأحداث المباركة للثورة التونسية أجلت الأمر إلى موفى شهر ماي ثم شهر جوان ليستقر الرأي ومنذ أسبوع على تاريخ السابع من شهر أكتوبر الجاري " بتكليف لجنة مختصة ومتكونة من عشرين شخصا لإعداد برنامج الإحتفالات الذي يتوزع على ثلاثة محاور كبرى. وهي على التوالي باب "الندوات والأنشطة العلمية" وباب "النشر والتوثيق" وباب "الإعلام والمعارض". فمن المنتظر كما ذكر السيد عز الدين باش شاوش أن يقع تنظيم 554 نشاطا منها 335 نشاطا فكريا متمثلة في مجموعة من المحاضرات والندوات واللقاءات الفكرية حول أدب المسعدي وسيرته، بالإضافة إلى 94 عرضا ثقافيا من ورشات في القصة والشعر وحصص قراءات وموسيقى، كما سيقع تنظيم 115 معرضا وثائقيا و"تشكيليا" وفوتوغرافيا، إلى جانب برمجة خمسة عروض مسرحية مستوحاة من أدب المسعدي.
الاحتفالات تحمل مشاريع متنوعة من أبرزها تكوين جمعية المسعدي للبحوث والتوثيق
وقد أكد الدكتور محمود طرشونة رئيس لجنة الإحتفاء بمائوية الأديب التونسي محمود المسعدي أن "الإحتفالات ستتواصل على امتداد السنة الدراسية بتشريك عديد الوزارات ولاسيما التربية والتعليم العالي". ومن أبرز الفقرات يمكن أن نخص بالذكر تنظيم ندوة دولية حول "محمود المسعدي مبدعا ومفكرا : جماليات الكتابة وأسئلة الوجود" أيام 16 و17 ,18 ديسمبر 2011 بمشاركة ثلة من الشخصيات العلمية من داخل البلاد وخارجها، مع العمل على إعادة طبع "الأعمال الكاملة" للمسعدي و طبع العدد الخاص به لمجلة الحياة الثقافية. ومن أهم اقتراحات اللجنة الوطنية لإعداد الإحتفالات بمائوية المسعدي تكوين جمعية ثقافية يطلق عليها إسم "جمعية المسعدي للبحوث والتوثيق" تعنى بتجميع تراثه الأدبي والفكري والسياسي المكتوب والمسموع والمرئي، مع بعث جائزة وطنية في الإبداع السردي أو غيره تتبناها إحدى المؤسسات الخاصة. كما فكرت اللجنة في إنجاز شريط وثائقي يتضمن التعريف بالمسعدي وبأنشطته ونماذج من أحاديثه المسجلة والمصورة وشهادات لمعاصريه ونقاده من تونس ومن الخارج، بالإضافة إلى تشريك المنظمات الثقافية الدولية والعربية التي نشط فيها الأديب مثل "الألكسو" ومعهد العالم العربي بباريس. ومن ضمن الأعمال التي ارتأت اللجنة أن تحققها كما قال الدكتور محمود طرشونة "إخراج كتابه -حدث أبو هريرة قال - سينمائيا" ومؤلفه - السد - مسرحيا وهو حلم شاء محمود المسعدي تحقيقه منذ ربع قرن إلا أن التقنيات آنذاك لم تسمح بذلك". ومن ضمن مقترحات اللجنة أيضا السعي بالتعاون مع مركز النشر الجامعي ودور النشر التونسية إلى إصدار الرسائل الجامعية والأعمال النقدية التي اهتمت بدراسة أدب المسعدي وفكره، وأيضا إطلاق إسم محمود المسعدي على جائزة الآداب والعلوم الإنسانية التي تمنحها الدولة سنويا على غرار جائزة الهادي العبيدي للصحافة، كما سيقع تنظيم مسابقة من طرف وزارة التعليم العالي لإنجاز تمثال للأديب يشارك فيه طلبة معاهد الفنون التشكيلية، إلى جانب إصدار طابع بريدي يحمل صورة الكاتب التونسي، مع العمل على اعداد حوارات تلفزية وإذاعية حول أعماله يشارك فيها نقاد وباحثون في مجالات مختلفة وإعادة بث حصص برنامج بلا حدود المخصصة له والتي أعدها الدكتور فرج شوشان.