وجه قاضي التحقيق العسكري بالمحكمة العسكرية بتونس تهمتي المشاركة في القتل العمد مع سابقية القصد والمشاركة في محاولة القتل العمد مع سابقية القصد للمدير العام للأمن العمومي سابقا لطفي الزواوي في قرار ختم الأبحاث في القضية التحقيقية المتعلقة بشهداء وجرحى الثورة بإقليم تونس وولايات بنزرت ونابل وسوسة وزغوان التي جدت أحداثها في الفترة الممتدة بين 17 ديسمبر 2010 و14 جانفي 2011 في انتظار ما ستقرره دائرة الاتهام العسكرية بمحكمة الاستئناف بتونس. وكان لطفي الزواوي أنكر ما نسب إليه ذاكرا انه لم يقتل أي احد من المتظاهرين المحتجين بالرصاص الحي في الفترة المتراوحة بين 17 ديسمبر 2010 و24 جانفي 2011 كما لم يشارك في ذلك بأي وجه كان اذ انه لم يعط اية تعليمات لمنظوريه باطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين ولم يحرض على ذلك ولم يساهم بالمرة في تلك الافعال ملاحظا ان ما حصل من سقوط عديد القتلى برصاص قوات الامن الداخلي اثناء المظاهرات والاحتجاجات التي اندلعت وتواصلت في الفترة المذكورة فقد كان نتيجة حوادث معزولة واخطاء فردية قام بها اعوان الامن في ظروف وملابسات معينة عايشوها وتصرفوا تلقائيا لمعالجتها دون ان يحصل ذلك في اطار خطة امنية معدة مسبقا للغرض.
التسلسل الإداري
واضاف لطفي الزواوي في اعترافاته أمام حاكم التحقيق العسكري بالمحكمة العسكرية بتونس انه تولى مهام مدير عام للأمن العمومي بداية من 16 فيفري 2010 والى غاية 26 جانفي 2011 ويتمثل عمله في ترأس والاشراف الفعلي والقانوني على ادارة الشرطة العدلية وادارة الشرطة الفنية وادارة المرور وادارة الامن السياحي وادارة التنسيق الجهوي والتي تتضمن مناطق الامن التي لا تخضع ترابيا للاقاليم بالاضافة الى اشرافه المباشر على مختلف اقاليم الامن الوطني والمناطق والمراكز التابعة لها المنتشرة على كامل تراب الجمهورية اما عدد الاعوان واطارات الامن الراجعين له بالنظر فهو يقدر بحوالي 15 ألف عنصر بعضهم يرتدي الزي النظامي اثناء العمل واغلبهم يعملون بالزي المدني وكل واحد منهم مسلح بسلاح فردي اداري يستعمله حسب مقتضيات القانون كما توجد اسلحة جماعية على ذمة الاعوان موجودة بمقرات المراكز والمناطق والاقاليم تتمثل في بنادق شطاير والمسدسات الرشاشة نوع «بيرته» وهؤلاء الأعوان يتلقون منه التعليمات كتابيا او شفاهيا بصفة يومية حسب التسلسل الهرمي مرورا برئيس الادارة او الاقليم وصولا الى العون الموجود بأسفل السلم الهرمي كما ان مستوى التنفيذ حسب التسلسل الهرمي القيادي للادارة العامة للامن العمومي يبدأ من مدير الاقليم للامن الوطني وما دونه من اطارات واعوان اذ ان سلطة اعطاء الاوامر والتعليمات بالنسبة للادارة العامة الراجعة له بالنظر تتمثل في شخصه بوصفه مديرا عاما للامن العمومي.
لا تعليمات لإطلاق الرصاص الحي
واكد لطفي الزواوي انه وفي فترة الاحداث ما بين 17 ديسمبر 2010 و14 جانفي 2011 فانه لم يعط اية اوامر او تعليمات باطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين خاصة وأنه لم يتلق أي تعليمات في الغرض من رئيسه المباشر العادل التويري اما ما حصل على الميدان فيتحمل مسؤوليته مطلقو النار فعليا مشيرا إلى ان كافة الاعوان والاطارات الراجعين له بالنظر وحسب انتشارهم الميداني واختصاصهم في الامن العمومي فانهم غير مختصين في التصدي للمظاهرات واحداث الشغب وليسوا مجهزين بالتجهيزات اللازمة لذلك باعتبار ان تلك المهام ترجع بالنظر لاختصاص الادارة العامة لوحدات التدخل التي تملك خبرة في المجال ومجهزة بالوسائل اللازمة غير انه وبالنظر لتواجد الاعوان والاطارات الراجعين له بالنظر على الميدان فهم يواكبون المظاهرات واحداث الشغب بمجرد اندلاعها ويحاولون التصدي لها باستعمال العصي والقنابل المسيلة للدموع (لاكريموجان) في انتظار وصول وحدات التدخل التي وبمجرد حضورها بالموطن وتمركزها فان اعوان الامن العمومي الراجعين له بالنظر يتمركزون خلف اعوان وحدات التدخل.
خلية أزمة
وذكر مدير الامن العمومي سابقا انه وبمجرد اندلاع الشرارة الاولى للحركة الشعبية الاحتجاجية بالبلاد تم احداث خلية ازمة بوزارة الداخلية ترأسها المدير العام للامن الوطني السابق العادل التويري وضمت القيادات الامنية العليا بالوزارة المذكورة المتمثلة في شخصه بوصفه مديرا عاما للامن العمومي والمدير العام السابق للمصالح المختصة رشيد بن عبيد والمدير العام السابق لوحدات التدخل العميد جلال بودريقة ومدير قاعة العمليات المركزية بوزارة الداخلية العميد محمد العربي الكريمي كما جمعت قياديين من الحرس الوطني هما آمر الحرس في تلك الفترة محمد الامين العابد والمتفقد العام للحرس الوطني السابق العميد محمد الزيتوني شرف الدين وتمثل دورها في متابعة الاحداث والاحتجاجات بكامل تراب الجمهورية بصفة مباشرة ويومية ليلا نهارا قصد جمع المعطيات من الجهات وما يحصل بها من مظاهرات واحداث شغب واسداء التعليمات المناسبة في شأنها.
إطلاق النار.. حالات استثنائية
وأضاف انه صدرت عن خلية الازمة المذكورة تعليمات لكافة الوحدات الامنية المنتشرة على الميدان والمكلفة بالتصدي للمتظاهرين المحتجين ومحدثي الشغب وقد وقع تطبيق تلك التعليمات على الميدان باستثناء بعض الحالات الاستثنائية التي تصرف فيها الاعوان بصورة منفردة حسب ظروف وملابسات عايشوها لم يجدوا خلالها من خيار سوى اطلاق النار بالرغم من انه لم يقع التحري الميداني في ظروف اطلاق الرصاص على المواطنين من قبل خلية الازمة المذكورة التي ترسل اعوانا او اطارات للتحري فيما يحصل على الواقع بالنظر للظروف الامنية الصعبة التي عاشتها البلاد في تلك الفترة.
تصرف وأوامر
واوضح لطفي الزواوي انه تم ابلاغه من كافة مرؤوسيه بالجهات ان الاعوان الراجعين له بالنظر لم يطلقوا رصاصا حيا على المتظاهرين الى حدود يوم 12 جانفي 2011 والحالة الوحيدة التي تم فيها إطلاق النار من قبل أعوان الامن العمومي حصلت بمدينة رأس الجبل يوم 13 جانفي 2011 إذ وقع اعلامه بانه تمت مهاجمة منطقة الامن برأس الجبل ولم يجد اعوانها من خيار سوى اطلاق النار على المتظاهرين مما ادى الى وفاة اثنين منهم فأمر في الحين بتغيير رئيس المنطقة باعتبار تحمله مسؤولية ما حصل واعوانه، مشيرا أنه وبتعليمات من المدير العام للامن الوطني تم توجيه المتفقد العام للامن الوطني في نفس اليوم لاجراء الابحاث اللازمة على عين المكان دون ان تكون عملية توجيهه للتحري في تلك الواقعة على علاقة بالخطاب الذي ألقاه الرئيس المخلوع قبل ذلك التاريخ وذكر فيه عبارات «يزي مالكرطوش الحي» مضيفا انه فهم من تلك العبارة ان الرئيس السابق رغب في التفصي من المسؤولية والقاءها على المتهم رفيق القاسمي(شهر بلحاج قاسم) وزير الداخلية السابق اما عبارات «بكل حزم، بكل حزم» التي قالها في خطابه في اواخر شهر ديسمبر 2010 فقد فهم منها وجوبا تطبيق القانون على المشاغبين باحالتهم على العدالة.
أعوان التدخل بأزياء الحرس
ولاحظ لطفي الزواوي في اعترافاته في هذه القضية المتعلقة بأحداث الثورة بولايات تونس وأريانة وبن عروس ومنوبة وبنزرت ونابل وسوسة وزغوان انه حضر احد الاجتماعات التي جمعت القيادات الامنية العليا بوزارة الداخلية وتم خلالها طرح موضوع عدم رغبة اهالي القصرين في تواجد اعوان وحدات التدخل هناك وبطلب من علي السرياطي او رفيق القاسمي وزير الداخلية السابق تمت استعارة ازياء تابعة للحرس الوطني من العميد بالحرس الوطني محمد الزيتوني شرف الدين حتى يرتديها اعوان وحدات التدخل ويظهروا بمظهر اعوان الحرس امام مواطني مدينة القصرين بعد ان اكد هذا الاخير بانه ليس لديه عدد كاف من اعوان الحرس لتعويض اعوان وحدات التدخل بالمدينة المذكورة وذلك ما حصل بالفعل على الواقع في اوائل شهر جانفي 2011 وبعد تاريخ 8 جانفي 2011.
تحميل المسؤوليات
وبمعارضة لطفي الزواوي بما تضمنته تصريحات العميد محمد العربي الكريمي مدير قاعة العمليات المركزية بوزارة الداخلية صلب محضر استنطاقه التي جاء فيها ان القيادات الامنية العليا بوزارة الداخلية بمن فيها المدير العام السابق للأمن العمومي يتحملون مسؤولية القتلى الذين سقطوا برصاص قوات الامن الداخلي اجاب بان ذلك غير صحيح اذ انه لم يعط اية تعليمات باطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين ولم يشارك في ذلك بأي وجه كان وبمعارضته بما تضمنته تصريحات المتفقد العام للأمن الوطني علي بن منصور صلب محضر استنطاقه من انه لم يقع تكليفه باجراء تفقد وتحري في شأن اطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين منذ اندلاع المظاهرات والاحتجاجات سوى يوم 13 جانفي 2011 وبما ذكره في ذلك الشأن من ان القيادات الامنية العليا بوزارة الداخلية لم تكن ترغب في تقصي ما يحصل يوميا من اطلاق رصاص حي على المتظاهرين اجاب بان ذلك يعتبر من مهام علي بن منصور باعتباره المتفقد العام للامن الوطني وهو يتحمل مسؤولية عدم التحري الحيني والميداني فيما حصل من احداث.