صدمة ومرارة ولكن بالتأكيد الكثير من مشاعر الخوف.. فعندما تتعرض أرملة وابنتها للرجم حتى الموت وعندما تتحول عملية القتل البطيئ الى فرجة مسرحية مجانية لجماعات من المتطفلين غيرالمبالين فان ذلك لا يمكن أن يكون عاديا في شيئ حتى وان حدثت الوقائع على أرض أفغانستان النائية، بل ولعله من المفارقات الخطيرة أن تتم الجريمة على بعد أمتار من مقراقامة حاكم ولاية غروزني وعلى مشارف مديرية الامن وغير بعيد عن مكاتب اعادة الاعمار التي يسيرها مسؤولون غربيون دون أن يتحرك أي طرف ليتدخل ويقف دون وقوع الجريمة.. لا أنصح احدا بالبحث عن الفيديو الذي يوثق الجريمة أوبمشاهدته فالامر قد يتجاوز طاقة أي انسان مهما كان حريصا على مناصرة حقوق المستضعفين... أطوار العملية وفقا للاخبار القادمة من العاصمة الافغانية كابول أن مسلحين اقتحموا بيت الارملة المشتبه في تورطها في علاقة غيرشرعية ونقلوها عنوة مع ابنتها الى الخارج حيث تولوا رجمهما حتى الموت دون مسائلة أومحاكمة أوتحقيق أواستماع لهيئة دفاع حتى وان كانت صورية. وفي لحظات انتهت «المحاكمة « البربرية المشتركة للام والابنة ونفذ الحكم ليكون بذلك رسالة واضحة للنساء الافغانيات بأن فلول طالبان العائدة الى المشهد لن تتراجع في تطبيق أحكامها الجائرة الغريبة عن أحكام الاسلام. طبعا ليس الهدف الدخول في جدل حول عقوبة جريمة الزنا وما تستوجبه من اقرار وثبوت لاركان الجريمة ولا أيضا الوقوع في محاولة استعراض آراء مختلف الملل والنحل من ذلك فلهذه المسائل أهلها وهم المؤهلون للقيام بذلك على أن التوقف عند حادثة الامس لا يلغي بأي حال من الاحوال التوقف عند قوله تعالى في سورة النور «الزاني والزانية فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة». حادثة غزني الافغانية ليست الاولى من نوعها وقد لاتكون الاخيرة أيضا وقد تكررت من قبل في ايران كما في أفغانستان وحتى باكستان لتكشف أن عقلية أهل الكهف الغابرة تسجل تقدمها وعودتها يوما بعد يوم في عالم يبدوأن التطرف والتشدد سيكون عنوانه الابرزمستقبلا. والحقيقة أن واقع المرأة الافغانية اليوم يتجه الى العصور الغابرة والى تلك المرحلة التي كانت طالبان تجعل من المرأة جارية تباع وتشترى في سوق النخاسة تماما كما تباع الابل. واذا كان المجتمع الافغاني اليوم يعاني من انتشار قضايا الفساد الاخلاقي وانتشار افة المخدرات فان الاكيد أن الخلل أكبر وأعقد وأخطر من أن يجسد في جسد المرأة الافغانية التي تستمرفي دفع ثمن أهواء وأحكام فلول طالبان العائدة لقبرالمرأة والغاء حقها الطبيعي في التفكير والبقاء والحياة. فأغلب المنظمات الحقوقية الناشئة في أفغانستان تؤكد على أن المرأة الافغانية لا ذنب ولا جرم لها سوى أنها رفضت الزواج القسري أوأنها هربت من العنف الجسدي الذي تتعرض له يوميا ومما تتعرض له من اهانات ومن جروح جسدية وأخرى نفسية لاتندمل مدى الحياة. ولعل من أمكن له زيارة هذا البلد والاطلاع عن قرب عن واقع المجتمع الافغاني من كابول الى خوست من شأنه أن يدرك حجم معاناة المٍراة الافغانية خاصة في المقاطعات النائية ولكن الاكيد أيضا أن من لامس واقع المرأة الافغانية قد أدرك ما تتمتع به من خصال ومن قدرة على الصبر والاستعداد لمواجهة التحديات والصعاب ولكن ليس من دون ثمن أومن دون تضحيات... والاغرب في كل ما تسمعه من شهادات الافغانيات أن من تلجأ الى الشرطة طلبا للمساعدة وبحثا عن الحماية من اعتداء وشيك أو من التعرض للانتقام غالبا ما ينتهي بها المطاف الى السجن تماما كما حال فتيات تعرضن للاغتصاب فكان مآلهن السجن مع أطفالهن.. مأساة المرأة الافغانية لا تتوقف عند حدود الرجم حتى الموت ولكنها تستمر مع الاحياء بعد ان فرضت طالبان على النساء أحكامها برفض الاختلاط في المناسبات وكل أنواع الاحتفالات وربما لا نكشف سرا اذا اعترفنا بأن مثل هذه الممارسات التي باتت تفرض لمنع الاختلاط في المناسبات الاحتفالية والاعراس كما في المواقع العامة في بعض الجامعات والمدراس وحتى رياض الاطفال باتت تجد طريقها في مجتمعنا وقد خبرنا الكثيرمنها على مدى الاشهر الماضية ولا نملك الا أن نتحسب لما يمكن أن يتعرض المرأة مستقبلا من أحكام ما أنزل الله بها من سلطان لتكون في اسفل المراتب وأدناها... آسيا العتروس