نظمت امس "جمعية صوت المرأة" بالتعاون مع مؤسسة "كونكارد أديناور سافتنق" مائدة مستديرة حول "التنمية المركزة حول المرأة" شملت ثلاث مداخلات حول "البطالة في صفوف المرأة: الأبعاد والبنية والآفاق" قدمها حبيب التوهامي خبير اقتصادي، أما المداخلة الثانية فكانت حول موضوع "المرأة وفرص الاستثمار في مشاريع التنمية المستديمة" قدمها فيصل دشيشة خبير في مجال البيئة... أما المداخلة الأخيرة فقد تناولت "العراقيل التي تواجه المبادرات النسائية: السياق القانوني والوسائل الاقتصادية والاجتماعية" وقد قدمتها الأستاذة سلسبيل القليبي أستاذ مساعد في القانون العام بكلية العلوم القانونية والسياسية والاجتماعية بتونس. تناولت الندوة بالدرس مختلف الاشكاليات القانونية ومدى حضور المرأة في المجالات السياسية والاجتماعية بالإضافة إلى تأثير الأوضاع الاجتماعية التي تعيشها المرأة التونسية خاصة في المناطق الداخلية على اكتساحها مهنا دون أخرى.
تعميق الفروق بين الرجل والمرأة
وقد ارتكزت أبرز الإشكاليات التي طُرحت خلال المائدة المستديرة على كثرة الخطابات والإيديولوجيات التي عمقت عن قصد أو دون قصد في إشكالية المرأة والرجل والوقوع في التمييز بين الجنسين دون اعتبارهما وحدة متكاملة بإمكانها تحقيق التنمية الشاملة. وقد أورد حبيب التوهامي في مداخلته أن نسبة المرأة العاملة لا تمثل إلا 26,7 بالمائة من جملة اليد العاملة التونسية حسب آخر إحصائيات دراسة حول التشغيل أجراها المعهد الوطني للإحصاء شملت الثلاثية الأولى والثانية من سنة 2011. هذه النسبة وغيرها من نسبة التمدرس المرتفعة بالنسبة للإناث في بلادنا بالإضافة إلى نسب تواجدها بمختلف القطاعات المشغلة لا تعكس الوضع الحقيقي للمرأة التونسية والإشكاليات التي تعيشها من ذلك التهميش والإقصاء وتغييبها "المقصود" عن مواقع القرار والمسؤولية بالرغم من إثبات بعضهن جدارتهن في إدارة المشاريع والمؤسسات وحسن تسييرها، فبينت الأستاذة سلسبيل القليبي أستاذة مساعدة في القانون العام بكلية العلوم القانونية والسياسية والاجتماعية بتونس أنّه "لا يكفي سن القوانين الضامنة لحقوق المرأة على غرار مجلة الأحوال الشخصية وغيرها من القوانين الأخرى مثل ضمان حق المناصفة في انتخابات المجلس التأسيسي. وإنما الأهم الاعتراف الحقيقي بهذه الحقوق وتفعيل الآليات لتكريسها وتنفيذها بما يمكن من إلغاء سياسة التهميش والإقصاء واستبعاد المرأة عن المشهد السياسي.
عدالة اجتماعية
وقد بينت الأستاذة سلسبيل القليبي ل"الصباح" أن "دور الجمعيات حاسم في توعية المجتمع وتحسيسه بضرورة تحقيق الانسجام بين الدور الحقيقي والفعلي للمرأة في المجتمع وفي الدورة الاقتصادية من ناحية وحضورها في الشأن العام من ناحية أخرى" وأضافت القليبي.. "ما يلاحظ أنه بالرغم من قدرات المرأة وكفاءاتها ومساهمتها الفعلية في الإنتاج إلا أن نتاج هذه المساهمة قليلا ما يُحتسب في ضبط الإنتاج الداخلي الخام مثلا وبالأخص للمرأة الريفية والعمل الذي تقوم به سواء كان في القطاع الفلاحي أو الحرفي" وهذا الدور يذكر ولا يشكر. أما عمليا فلا يتحقق ذلك، وحسب الأستاذة القليبي إلا "بتنظيم لقاءات موجهة لا فقط للمرأة بل كذلك للرجل، لأن من العوائق الأساسية لدعم مكانة المرأة عدم اقتناع الرجل باستحقاقها في الحضور في الشأن العام سواء كان في المجال السياسي أو الاقتصادي". ومن جهتها بينت نائلة إبراهيم رئيسة جمعية صوت المرأة ل"الصباح" أنه "من الضروري أن يكون للمجتمع المدني والأحزاب استراتيجيات إنقاذ تتفاعل مع الأحداث وتؤثر فيها، وبالتالي وسيلة ضغط من جهة وحماية من جهة أخرى". وقالت رئيسة جمعية صوت المرأة على "المجتمع المدني أن يعمل على تكوين شبكات اجتماعية واسعة لا لحماية مكتسبات المرأة فحسب بل كذلك لتطوير هذه المكتسبات خاصة بالنسبة للمرأة في المناطق الداخلية التي طالما عاشت التهميش والإقصاء" وأضافت "لا مجال للحديث عن عدالة اجتماعية في غياب المساواة والحرية، ولا وجود لمساواة بين الجنسين في عدم ضمان تنمية شاملة".