شدّد رئيس النقابة الوطنية لمستشاري المصالح العمومية ميلاد عاشور في تصريح ل"الصباح" على أهمية إفراد أحكام صلب نص الدستور المعروض صياغته على المجلس التأسيسي تنص على تكريس مبدإ حياد الإدارة وتضمن قواعد المساواة أمام المرفق العام والتعامل مع الموظف العمومي على أساس الكفاءة وليس الانتماء الحزبي. وشكّلت هذه التوصية إحدى النقاط الواردة بالبيان الصادر عن النقابة في جلستها الملتئمة الأسبوع المنقضي والذي اتصلت "الصباح" بنسخة منه. ونبهت النقابة إلى أنّ مواصلة العمل بقانون الوظيفة العمومية الراهن من شأنه أن يقيد من حرية الموظف ومن تكريس مبدإ حياده وهو يدفع في اتجاه دعوة "الحكومة إلى فتح حوار وطني لمراجعة قانون الوظيفة العمومية والأنظمة الأساسية الخاصة بما يحقق كرامة الموظف ويقطع مع ممارسات الولاء والمحسوبية.." ولاحظ عاشور أنّ المسؤولين على الإصلاح الإداري مطروح عليهم اليوم فتح الملف في ظل تطابق وجهات نظر رجال القانون حول الضغوطات التي يفرضها القانون المعتمد على حيادية الموظف المؤتمن على تسيير المرفق العام. وبالتوازي تؤكد النقابة على إعادة النظر في الواجبات المحمولة قانونا على الموظف العمومي كواجب التحفظ وكتمان السر المهني ما يستوجب إعادة صياغتها حتى لا تستغل كوسيلة ضغط لتسييس الإدارة والمس من حياديتها. إضافة إلى هذه المشاغل تطرق المتحدث إلى مسألة محورية في أجندا اهتمامات النقابة تتعلق بالقطع مع مظاهر تهميش أبناء السلك على الصعيدين المحلي والجهوي و"دعوة الحكومة إلى فتح حوار جديّ في الغرض لتحقيق الملاءمة بين حاجيات الإدارة والتكوين الشامل الذي اكتسبه المستشار وفق ما ورد في البيان. وتعليقا على هذه النقطة التي يوليها المنتمون للسلك أهمية بالغة أفاد رئيس النقابة "بأنّ مطالب القطاع لا تكتسي أيّ بعد مادي بل كل ما يصبو إليه السلك ردّ الاعتبار، واستغلال كفاءة إطار المستشارين وتكوينهم العلمي الشامل في المجالات والمهام الموكولة إليهم خصوصا أن الدولة تكفلت بتغطية مصاريف التكوين والتأطير لتخريج كفاءات عالية في التصور والتسيير الإداري ولا يعقل أن توظف في مهام لا ترتقي إلى أبسط مهارات ومؤهلات هذا السلك ولا تتلاءم وتكوينهم العلمي المميّز كما هو الحال في عدد من الجهات". إنّ ما ينشده أهل القطاع هو الارتقاء بأداء الإدارة وتكريس خبراتهم وكفاءاتهم في خدمة المرفق العمومي في أي موقع كان دون الاستخفاف بطاقاتهم وقدراتهم على البذل والإسهام في الإصلاح. على صعيد آخر يتعلق بالدعوة إلى التعجيل بالمحاسبة الجدية لرموز الفساد الإداري كما ورد بوثيقة البيان بيّن مصدرنا أنّ المقصود ليس المحاسبة للتشفي أو الانتقام بل لإرساء مناخ عمل سليم ورفع الاحتقان داخل الإدارة على أساس تواصل حضور أناس تورطوا مع النظام السابق ومن شأن هذا التواجد بعيدا عن المساءلة أو المحاسبة أن يشحن أجواء العمل ويوترها. وحول مطلب النقابة إلغاء العمل بآلية الإبقاء بحالة مباشرة بعد بلوغ سن التقاعد بالوظيفة العمومية تم التاكيد على أن الغاية لا تكمن في مجرد إبعاد هؤلاء وإحالتهم على التقاعد إنما المطلوب من ذلك فتح المجال أمام الكفاءات والتدرج في سلم الترقيات الوظيفية وكذلك فتح فرص الانتداب أمام الكفاءات الشابة. وفي المقابل تبقى الاستفادة من خبرات وتجارب البالغين سن التقاعد القانوني متاحة عبر عديد الآليات والقنوات. وقد وردت دعوة ملحة للحكومة الحالية ل"إرساء ثقافة وآليات تسيير جديدة تقوم على تشريك جل الإطارات وخاصة الشابة منها في بناء السياسات العمومية والقطع مع الممارسات العمودية والفردية" كما لم يغفل البيان عن دعوة المنتسبين للسلك إلى "الحفاظ على استمرارية المرفق العام وحسن أدائه بهدف إنجاح المرحلة التأسيسية التي تمرّ بها البلاد". وتأمل النقابة مراجعة النظام الأساسي الخاص بسلك مستشاري المصالح العمومية الذي لم يشهد أيّ تحوير منذ 1984وتشريك النقابة في برامج الإصلاح المزمع إقرارها.