أعدّت التنسيقية الوطنية للعدالة الانتقالية تصورا لمشروع إطاري لإرساء مسار متكامل للعدالة الانتقالية، تحصلت "الصباح" على نسخة منه، ستقع مناقشته يوم الأربعاء القادم خلال ورشة عمل حول "مقاربة المجتمع المدني في وضع إطار قانوني للعدالة الانتقالية في تونس" ينظمها كل من المعهد العربي لحقوق الإنسان والمركز الدولي للعدالة الانتقالية بالاشتراك مع التنسيقية الوطنية للعدالة الانتقالية المتكونة من 21 جمعية من بينها الفرع التونسي لمنظمة العفو الدولية، جمعية النساء الديمقراطيات، الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، الاتحاد العام التونسي للشغل، جمعية قدماء المساجين السياسيين، المعهد العربي لحقوق الإنسان، منظمة حرية وإنصاف، مجموعة ال25 محاميا، جمعية القضاة التونسيين، محامون بلا حدود، جمعية المحامين الشبان، حقوقيون بلا حدود، الجمعية الوطنية للصحافيين التونسيين.. وقد جاءت فكرة إعداد مشروع إطاري لإرساء مسار متكامل للعدالة الانتقالية على اثر تصويت المجلس الوطني التأسيسي يوم 10 ديسمبر 2011 على نصّ قانون التنظيم المؤقت للسلط العمومية وافراد العدالة الانتقالية بفصل كامل وهو الفصل 23 الذي ورد فيه "يسنّ المجلس الوطني التأسيسي قانونا أساسيا ينظم العدالة الانتقالية ويضبط أسسها ومجال اختصاصها". وبناء على ذلك وفي إطار توفر الإرادة السياسية تمّ إعداد تصور للعدالة الانتقالية بالرجوع إلى تجارب عديد البلدان التي شهدت فترات انتقالية وأرست آليات للعدالة الانتقالية مع الأخذ بعين الاعتبار خصوصية التجربة التونسية. وتضمن هذا التصور محورين أساسيين تعلق الأول ب"إحداث هيئة عليا مستقلة للحقيقة والعدالة والمصالحة" واهتم المحور الثاني بنقطة جدالية يصارع من أجلها المشهد السياسي وهي "السعي إلى تحقيق المصالحة القانونية" بعد إصداع الهيئة بالحقائق. أعضاء الهيئة وقد اقترح المشروع الإطاري لإرساء مسار متكامل للعدالة الانتقالية أن "تتركب الهيئة المركزية من أعضاء لا يفوق عددهم 19 يتم تعيينهم بأمر.." على أن يكونوا ممثلين عن المجتمع المدني وعن السلطة القضائية، وأعضاء يمثلون الضحايا وعائلات الشهداء وآخرين مختصين في التاريخ وعلم الاجتماع وعلم النفس بالإضافة إلى عضو مختص في المعلوماتية والتكنولوجيات الحديثة، مع إمكانية الالتجاء إلى خبراء في جميع القطاعات إما بانتدابهم بصفة مؤقتة أو دائمة. كما اقترح التصور أن "يغطي عمل الهيئة كامل فترة الاستقلال انطلاقا ممّا سمي بالاستقلال الداخلي" أي انطلاقا من سنة 1955، وألا تتجاوز مدة عملها الخمس السنوات على أقصى تقدير مع مطالبة الهيئة بتقديم تقارير دورية أثناء تلك المدّة بتقصيها لكل "الانتهاكات التي مست من حقوق الإنسان في شموليتها وكونيتها وكل التجاوزات المتعلقة بسوء التصرف في المال العام" مثل التعذيب والقتل والاختفاء القسري والاعتداء على الحقوق المدنية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية. مصالحة وطنية لتنفيذ المحور الثاني المتعلق بالسعي إلى تحقيق المصالحة الوطنية بعد الإصداع بالحقائق تم اتخاذ جملة من التدابير من شأنها أن تحقق هذه الأهداف من ذلك "إنشاء سجل دقيق كامل وتاريخي لتجاوزات وانتهاكات حقوق الإنسان التي تعرض لها الأفراد والجماعات ولأعمال سوء التصرف في المال العام" بالإضافة إلى "اقتراح العفو عن جملة من الانتهاكات أو الأشخاص ووضع حدّ لإمكانية التتبعات اللاحقة شرط أن تكون هذه الإجراءات مستجيبة لعموم مطالب الضحايا أو للصالح العام". وقد جاء في نسخة التصور لمشروع إطاري لإرساء مسار متكامل للعدالة الانتقالية أن أعمال الهيئة تختم "بنهاية الفترة المحددة لها قانونيا وتنشر تقريرها الختامي بكل وسائل النشر وتسلم الهيئة كل وثائقها ومستنداتها إلى المؤسسة المكلفة بالأرشيف الوطني أو إيداعها بمتحف خاص بالذاكرة الوطنية إن تمّ إحداثه". المناقشة وتجدر الإشارة إلى أنّه من المنتظر أن يفتتح ورشة العمل حول "مقاربة المجتمع المدني في وضع إطار قانوني للعدالة الانتقالية في تونس" كلّ من السادة عبد الباسط بن حسن ولمياء قرار من المعهد العربي لحقوق الإنسان وسمير ديلو وزير حقوق الإنسان والعدالة الانتقالية وحبيب نصّار رئيس المركز الدولي للعدالة الانتقالية وعمر صفراوي منسّق التنسيقية الوطنية للعدالة الانتقالية وبمشاركة الأستاذ روبن كارنزا من المركز الدولي للعدالة الانتقالية. وستتخلل هذه الورشة مداخلة حول "الخطوات المقطوعة في تونس في مجال العدالة الانتقالية" قد يقدمها الأستاذ شفيق صرصار أو غازي الغرايري ثم مناقشة الجوانب التقنية فحسب، وسيطرح الدكتور وحيد الفرشيشي مشروع التنسيقية، ليقع تقسيم مجموعات العمل حسب المحاور الخمسة للعدالة الانتقالية.