اختارت لجنة تحكيم الجائزة العالمية للرواية العربية ( البوكر ) التي يترأسها هذه المرة الناقد السوري جورج طرابيشي رواية « نساء البساتين» للأديب التونسي الحبيب السالمي لتكون ضمن القائمة القصيرة التي تتكون عادة من ست روايات بعد عمليات تصفية شملت أكثر من مائة رواية من 15 بلدا عربيا في مرحلة أولى وانتهت باختيار 13 رواية صمدت خلالها «نساء البساتين» لتدخل إلى القائمة القصيرة لجائزة البوكر العالمية للرواية العربية لدورة 2012. وفي هذه المرحلة الأخيرة من التصفيات سيتنافس الحبيب السالمي مع كل من جبور الدويهي الذي تستعيد روايته «شريد المنازل» أجواء الحرب الأهلية اللبنانية وعزالدين شكري فشير كاتب «عناق عند جسر بروكلين» وقد تحدث فيها عن الاغتراب بمختلف أشكاله ومستوياته ومعانيه وربيع جابر الذي تناول في روايته «دروز بلغراد « قضية نفي عدد من المقاتلين الدروز إلى قلعة بلغراد عند تخوم الإمبراطورية العثمانية بعد حرب1860 وقد حاولوا البقاء على قيد الحياة في بلاد البلقان المملوءة بالفتن وناصر عراق بروايته «العاطل « وتدور أحداثها حول شاب مصري متعلم من أسرة متوسطة الحال توصد أمامه أبواب العمل في القاهرة فيغادرها إلى دبي لينفتح أمامه عالم مدهش من الأحداث والشخصيات والجنسيات المتباينة، وينتهي به الحال إلى دخول السجن متهما في جريمة قتل فتاة روسية والروائي بشير مفتي بروايته «دمية النار « وتحكي قصة لقاء الروائي نفسه مع رجل غامض يسلمه مخطوط رواية تحكي سيرته الذاتية وسعيه إلى أن لا يشبه والده غير أن الظروف أو الأقدار شاءت له أن يسير على نفس الطريق. ويذكر أنها ليست المرة الأولى التي يصل فيها الحبيب السالمي إلى هذه المرحلة من التصفيات حيث تم ترشيح روايته «روائح ماري كلير» للقائمة القصيرة لدورة عام 2009 ولعله ب « نساء البساتين» يتمكن أخيرا من نيل هذه الجائزة التي تتسم بصرامة نظامها الداخلي نظرا لارتباطها العضوي بجائزة البوكر العالمية البريطانية. هذه الرواية التي صدرت قبل ثورة 14 جانفي بعدة أشهر وصف فيها السالمي الانهيار الأخلاقي والسياسي والاجتماعي الذي عرفته تونس خلال حكم الرئيس السابق وقارب فيها بين نضال أسرة متواضعة في أحد أحياء العاصمة في سبيل تدبر أمر عيشها اليومي والعالم الصغير الذي تمتلك فيه المرأة حضورا قويا تتجلى فيه تناقضات الذات التونسية وهشاشتها وشروخها في مجتمع يتأرجح بين تقاليد دينية ثقيلة وحداثة مربكة وقد تمكن خلالها السالمي هذه المرة من إبراز حالة التأزم القصوى في المجتمع التونسي وانسداد الأفق في كل مجالات الحياة. و«نساء البساتين»- والبساتين هو اسم الحي التي تدور فيه أحداث القصة - هي الرواية الثامنة للحبيب السالمي الذي صدرت كل رواياته في بيروت عن دار « الآداب» و» المؤسسة العربية» وترجم اغلبها إلى عدة لغات عالمية كالانقليزية والفرنسية والألمانية. وقد تعرضت وصاحبها إلى النقد والنقد اللاذع لأنه سعى حسب البعض إلى رسم صورة لما آل إليه المجتمع نتيجة ازدواجيته وقبوله بسيطرة ما يقدمه البعض من تفسير متشدد للتعاليم الدينية حيث يعيش الرجل والمرأة حالة قمع متصلة جراء التقاليد والعادات والفهم السلطوي للدين. في حين رأى البعض ان السالمي تنبأ فيها بالصدام الذي فجر الثورة التونسية، وأصغى إلى حركة المجتمع والتقط ما كان يعتمل فيه من الداخل، و هي الوظيفة الأساسية للروائي. ويذكر حسب ما ورد في بعض وسائل الإعلام الالكترونية أنها ليست المرة الأولى التي يعالج فيها الحبيب السالمي سطوة التعصب والتطرف الديني وان بدا حسب بعض القراءات ان السالمي في «نساء البساتين» يلعب دور المحذر من خطر داهم انطلاقا من إيمانه بأن الإنسان لا قيمة له خارج القيم الإنسانية الكبرى كالحرية الفردية وحرية المعتقد وممارسة كل ما ينمي الحس الإنساني من فنون.