توصلّت وزارة التجارة بالاتّفاق مع المهنيّين في جلّ القطاعات إلى تحديد سقف توافقي لأسعار عديد المواد الغذائيّة الطازجة. ولتفعيل دور المراقبة الاقتصاديّة وحماية الأعوان، اتفقّت الوزارة مع وزارتي الدفاع الوطني والداخليّة على تكثيف الحضور الأمني مع أعوان المراقبة. «الأسبوعي» رافقت فريقا من أعوان المراقبة التابعين للإدارة العامّة للأبحاث الاقتصاديّة إلى سوق حمام الأنف لرصد مدى تفاعل التجّار مع الأعوان وخاصّة مع قرار الوزارة المتعلّق بضبط الأسعار. بداية جولة المراقبة كانت مع بائع خضر رفض مدّ الأعوان بالفواتير والتصريح باسمه. وبدا جليّا أنّ هذا التاجر لم يلتزم بالتسعيرة المحددة من قبل سلط الإشراف، فهو يبيع الكيلوغرام الواحد من الفلفل الحار ب2800 مي مقابل 800 مي بالنسبة إلى كيلوغرام البطاطا و1380مي بالنسبة إلى الطماطم و2875مي للقرع الأخضر، وهي أسعار مخالفة تماما لما اتفقّت عليه وزارة التجارة والمهنيّون والتي أشرنا إليها في هذا الروبرتاج. تجّار الجملة هم السبب!! وبمجرّد دخول أعوان المراقبة وسط السوق، جلب اهتمامنا صراخ وشتائم من قبل تجار السوق. إنّ الانطباع الأوّل الذي يخالج أذهاننا هو أنّه ليس من السهل التعامل مع هؤلاء التجار الغاضبين والذين لم يتردّد البعض منهم في محاولة طرد أعوان المراقبة مهددين بإغلاق السوق، لكن بالاستماع إليهم تجد أنّهم هم أيضا ضحيّة سياسة احتكاريّة متبعة من قبل كبار التجّار. في هذا الإطار، أجمع بائعو الخضر الذي تحدّثنا إليهم أنّ تجّار الجملة هم سبب ارتفاع الأسعار. إذ قال مراد الرجباوي: «إنّ تجّار الجملة يبيعون الخضر بأسعار تفوق تلك المسجلة في فاتورة الشراء بالجملة، ما يدفعنا إلى الترفيع في الأسعار لتعويض خسارتنا». وشاطره الرأي محمد السميعي الذي اعتبر تكثيف المراقبة في سوق الجملة الحلّ الأساسي لتخفيض الأسعار. وأضاف خميس التاجوري (بائع خضر منذ عهد بورقيبة) أنّ تعامل بائعي الجملة مع أصحاب المطاعم ساهم في قطع أرزاق بائعي التفصيل، مؤكّدا أنّ عمليّة البيع لهم غير قانونيّة. من جهة أخرى، دعا جميع التجار إلى الترفيع في نسبة هامش الربح التي تبدو ضئيلة ولا تغطّي مصاريف جلب الخضر من سوق الجملة والتي تتراوح بين 30 و35 دينارا. اِتفاق بعد اختلاف وتمّت هذه التشكّيات والخلافات وسط غياب أمنيّ تامّ، ما يجعلنا نتساءل عن مدى فاعليّة الاتّفاق بين الوزارات الثلاث والذي يقضي بمرافقة رجال الأمن لأعوان المراقبة الاقتصاديّة لتسهيل أداء واجبهم المهني. من حسن الحظّ أنّ هناك عددا من بائعي الخضر ساهموا في تهدئة الوضع بين زملائهم وأعوان المراقبة، ما ساهم في خلق حوار بين الطرفين أفضى إلى تعهد متفقّدة المراقبة لطيفة جدّي بن عيسيّة بإيصال تشكّيات التجّار إلى مدير عام المنافسة والأبحاث الاقتصاديّة. وقال زميلها رياض نقّة: «إنّنا معرّضون للاعتداءات في معظم الأحيان والمشكل أنّ بعض التجّار لا يتفهمون عملنا، فنحن هنا لحماية المستهلك من جهة وحماية التاجر من استغلال بائع الجملة من جهة أخرى». أعرب معظم التجار عن غضبهم لعدم تحاور الجهات المشرفة معهم مؤكدين أنّهم لن يلتزموا بتلك الأسعار مادامت الجهات المعنيّة لن تبادر بالتحاور مع تجّار التفصيل. لن نتبع العقوبات الزجريّة! أمام عدم التزام بعض التجّار بهذه الأسعار، التقت «الأسبوعي» بفتحي الفضلي مدير عام الأبحاث الاقتصاديّة الذي أكد أنّ تحديد سقف أعلى للأسعار كان بالاتفاق مع أصحاب المهنة ولم يكن نتيجة قرار وزاري، ما يحول دون محاسبة المخالفين جزائيّا. وقال في هذا الإطار: «إنّ الوزارة فضّلت عدم الاحتكام إلى الأوامر الفوقيّة واتباع سياسة الحوار مع المهنيّين الذين لم يتخاذلوا في تضامنهم وتعاونهم معنا للحدّ من النسق التصاعدي للأسعار وحماية المستهلك». وأشار إلى أنّ الغرفة هي التي تتولّى الحوار مع التجار التابعين لها إن وجدت مخالفات، لكنّه أكد إمكانيّة لجوء الإدارة إلى التصعيد وإصدار مقرر يحدّد الأسعار إن كانت المخالفة جماعيّة، ما يستوجب في هذه الحالة تطبيق العقوبات الزجريّة. وعن هذه العقوبات، قال الفضلي إنّها تتراوح بين 50 و5000 دينار في حالة البيع المشروط، وبين 500دينار و50ألف دينار في حالة المضاربات الاحتكاريّة. وفي حالة الترفيع في الأسعار، أشار إلى أنّ العقوبة تتراوح بين 50 دينارا و20 ألف دينار بالإضافة إلى إمكانيّة السجن لمدّة تتراوح بين 16 يوما و3أشهر. ويشار إلى أنّ عدد المخالفات التي ضبطتها دائرة الأبحاث الاقتصاديّة بلغت قرابة 800 مخالفة خلال شهري جانفي وفيفري من السنة الحاليّة.
رقم أخضر على ذمّة المواطنين وضعت وزارة التجارة على ذمّة المواطنين رقما أخضر مجانيّا 191 100 80 للاتصال بمصالحها كلما حصل تجاوز بما يسمح لأعوان المراقبة الاقتصاديّة بالتدخل الناجع والسريع. خطوة جيّدة قامت بها وزارة التجارة مع وزارتي الدفاع والداخليّة، رغم أنّها كانت متأخّرة نسبيّا، ولكن من الجيّد حسن التنسيق مع قوات الأمن لضمان عمل أعوان المراقبة الاقتصاديّة. ونأمل من جهة أخرى أن يتفهم الباعة عمل أعوان المراقبة الذين لا يقومون سوى بأداء واجبهم المهني، كما نأمل تكثيف المراقبة في أسواق الجملة، كما دعا باعة التفصيل. خولة السليتي
منتوجات غير مؤشرة:أكثر من 100 مخالفة سنويا.. والسجن وخطايا تنتظر المخالفين على إثر ورود تشكيات تفيد عدم حمل عديد المنتوجات لتأشيرات أو بيانات يستدل من خلالها على تاريخ صلوحية المنتوج أو مكوناته، التقت «الأسبوعي» بسامي بوعزيز كاهية مدير بالادارة الفرعية لقمع الغش الذي أكد وجود حوالي 300 عون مراقبة يسهرون على مراقبة مدى تطبيق المنتوجات المعروضة سواء في مراكز الانتاج أوالمساحات الكبرى وكذلك أسواق الجملة للتأكد من مدة الصلوحية ومطابقة التاشيرات للمنتوج، وفي صورة وجود مخالفة للمواصفات، يتم التنبيه الاولي ثم يتمّ رفع مخالفة في الغرض في مرحلة ثانية. في نفس السياق، أكد محدثنا أنه يتم تسجيل ما بين 100 و120 محضرا في السنة، ويسلط على كل من يخالف هذه الشروط خطية مالية تتراوح بين 500د و20 ألف دينار أو الايداع بالسجن لفترة تتراوح بين 16 يوما و3أشهر خصوصا اذا ثبت التدليس أو الغش في المنتوج، وهو أمر مستبعد نظرا الى صعوبة اثباته. وأضاف بوعزيز أن نسبة التجاوزات التي كانت تحصل منذ سنة 2009 تاريخ اصدار هذا القرار بلغت 90% لكنها تقلصت لتصل إلى 15% وذلك نتيجة عدم تركيزنا على المعاينة فقط وإنما التأكد والتحقق من مدى مطابقة الادعاءات الغذائية المنصوص عليها في التأشيرات (مثلا منتوج لا يحتوي على كولسترول، أو حوامض دهنية) وذكر أنه يتم أخذ عينات من هذه المنتوجات وتدوينها بالكراس وتحليلها بالمخابر التابعة للوزارة قائلا «ان تم التاكد من مخالفتها لما هو منصوص عليه يقع تحرير محضر في الغرض». وذكر محدثنا أن هذا القرار الصادر احتوى على بيانات الزامية وجب أن يتضمنها التأشير الموجود على المواد المعروضة وتتمثل هذه البيانات في اسم المنتج وقائمة المكونات وكمية بعض المكونات وأصنافها طبقا لشروط المحتوى الاسمي بالاضافة الى تاريخ الصنع وتاريخ مدّة الصلوحية أو التاريخ الأقصى للاستهلاك والظروف الخاصة للحفظ وللاستعمال والاسم أو العنوان الاجتماعي وعنوان المصنع أو المكيف وكذلك طريقة الاستعمال. سعيدة الميساوي