من المقرر أن تعرض الميزانية التكميلية على المجلس التأسيسي في بحر الأسبوع الحالي على النقاش، حيث قدر حجمها في حدود 25401 مليون دينار فيما بلغت نسبة العجز 6.6 %، أما نسبة المديونية فقد وصلت إلى 45.9 %. وفي قراءة لهذه الأرقام وغيرها على غرار تفاصيل الموارد الذاتية المتأتية من المداخيل الجبائية وغير الجبائية والاقتراض، بالإضافة إلى نفقات التصرف التي ستصرف على الأجور والدعم والتنمية اتصلت «الأسبوعي» بمختصين في الاقتصاد وخبراء في المالية عارضة عليهم ما تحصلت عليه من تفاصيل وأرقام تهم ّهذه الميزانية. يرى رضا قويعة الكاتب العام لجمعية الاقتصاديين التونسيين أن نسبة عجز الميزانية لم تسجلها تونس من قبل حيث قال: «6.6 % نسبة عجز مرتفعة وستنجرّ عنها انعكاسات سلبية مستقبلية على وضعنا الاقتصادي مستقبلا». في المقابل شدد محدثنا على ضرورة اعتماد الاكتتاب (أي شراء بعض الأسهم في شركات ومؤسسات اقتصادية وطنية) كوسيلة للتقليص من هذا العجز حيث قال: «يسمح الاكتتاب للشعب بالمساهمة في تنشيط عجلة الاقتصاد لكن اتباعه كطريقة غير سهل لأنه يتطلب ثقة متبادلة بين الشعب والدولة». وفي حديثه عن نفقات الدولة والتي قدرت ب14787 مليون دينار فقد أكد أنها مرتفعة، مطالبا الإدارة بان تكون مثالا للتقشف وحسن التحكم في النفقات. اما عن نسبة المديونية فهو يرى أنها بنسبة 45.9 % بعيدة عن مناطق الخطر لكنه دعا إلى عدم العمل على التقليص منها عبر دفع عجلة الاقتصاد من جديد. عجز بدوره يقول الأستاذ معز الجودي الذي حذر سابقا من مخاطر تهريب المجمعات الاقتصادية الأموال الى الخارج والذي سيتسبب في تأزم الوضع : «دخلت الحكومة سنة 2012 عجزا في الميزانية، ووجدت نفسها مقيدة بين مطرقة اقتصاد لم سيجل أيّ نمو وسندان فئات محرومة تريد الحصول على حقوقها. كما انه لا يمكن لها الدخول في خطة إعادة تنشيط الاقتصاد وذلك من خلال الزيادة في الاستثمار والأجور وغيرهما.. وكان الحل أو الدعوة من خلال بيان الحكومة الأول الى التقشف في المصاريف للتقليص في العجز». من يعيل من ؟ ويتابع الدكتور الجودي: «من خلال الأرقام التي حملتها الميزانية التكميلية فان الإعانات والمساعدات التي ستعمل الدولة على إيصالها إلى ضعاف الحال في محاولة لإسكاتهم ستكون قادمة بالضرورة من الطبقة الوسطى التي تضمّ كل النشيطين (الشهارة) وذلك من خلال الزيادة في الآداءات وهو ما سيؤثر على القدرة الشرائية لهؤلاء ، وكأنها محاولة لإعادة توزيع الثروات او الجرايات ان صحّ التعبير من خلال اقتطاع ما يمكن اقتطاعه من أجور النشيطين ومدّها الى الفقراء والمحتاجين». ويشدّد محدثنا على أن قانون المالية يدل على ان الدولة دخلت في سياسة تقشف لن تكون لصالح الاقتصاد، ولإعادته إلى مساره الصحيح على المدى المتوسط أو الطويل بل انه سيجعل منه في حالة ركود. غياب التخفيف وفي نفس السياق سألت «الأسبوعي» مختصين آخرين في المالية وقد اجمعوا على غياب التخصص أو الاحتراف والخبرة في تقسيم تفاصيل هذه الميزانية التكميلية. وقد لاحظوا الارتفاع الملحوظ و»غير المعقول» في المداخيل الجبائية من 13814 مليون دينار إلى 15066 مليون دينار. فلا وجود لأي إجراء لتخفيف العبء على الموظفين والعملة في حين يقع البحث عن سبيل للتخفيف الجبائي على الشركات والمجمعات الاقتصادية. ويتساءل كثيرون خاصة المختصين منهم في هذا المجال عن جدوى العمل بمرسوم أفريل 2011 المتعلق بالإجراء الجبائي على الأشخاص الطبيعيين الراغبين في الاستثمار والذين لا يطبق عليهم الفصل 14 من ميزانية الضريبة (من أين لك هذا؟). وان تم تمديد العمل به فهم يتساءلون عن أسبابه. كما طالبوا برفع السر البنكي لإيصاد الباب أمام التهرب الجبائي والذي يخول للمصالح المعنية بوزارة المالية متابعة أيّة عمليات مالية. ان الوضع الاقتصادي الصعب الذي تمرّ به بلادنا والتي سيكون مجلسها التأسيسي خلال أيام على موعد مع مناقشة قانون الميزانية التكميلية يستدعي من الحاكم والمحكوم استشعار أهمية الظرف للعبور ببلدنا الى بر الأمان دون مجازفة خطيرة قد تعصف بنا وبالأجيال القادمة. الفرشيشي
الميزانية في أرقام اعتمد الخبراء وواضعو الميزانية التكميلية على 3 فرضيات في إعدادها متمثلة في نسبة نمو الاقتصاد (3.5 %) وسعر البرميل بالدولار (110 دولار) وسعر صرف الدولار (1500). وفي ما يلي أهم ما سجلته من أرقام: - الموارد الذاتية: 19644 مليون دينار - المداخل الجبائية: 15066 مليون دينار - المداخيل غير الجبائية (مداخيل المصادرة والتخصيص والهبات الخارجية): 4578 مليون دينار - جملة النفقات: 25401 مليون دينار - نفقات التصرف: 14787 مليون دينار - الأجور: 8643 مليون دينار - نفقات الدعم: 3208 مليون دينار - العجز: 6.6 % - نسبة المديونية: 45.9 %