فجّرت أول أمس هيئة الدائرة الجنائية بالمحكمة العسكرية الابتدائية الدائمة بالكاف قنبلة من الوزن الثقيل عندما قال رئيسها على هامش الجلسة العاشرة على التوالي لمحاكمة المتهمين بقتل شهداء تالة والقصرين وتاجروين والقيروان في الفترة الممتدة بين 17 ديسمبر 2010 و14 جانفي 2011 - حسب ما أفادنا به علي المكي رئيس جمعية لن ننساكم- «لا زلت أتذكر تلك السيارة التي قدمت من الكاف إلى تالة وتحمل قناصة»، وهو ما أثار استياء شق كبير من عائلات الشهداء والجرحى وقرروا إثر رفع الجلسة للاستراحة مقاطعة المحاكمة التي وصفوها ب»المسرحية». وقال رئيس جمعية «لن ننساكم» في اتصال ب»الصباح» إن «ما أدلى به القاضي أثناء جلسة يوم الأربعاء خطير»، متسائلا «كيف يتذكر هذه السيارة، ومتى شاهدها؟» مشيرا إلى أن ما يفهم من هذا الكلام «هو براءة كل المتهمين من دماء أبناء تالة وأن قناصة مجهولي الهوية هم القتلة». المطالبة بمحاكمة عادلة وفي نفس السياق قال عصام عمري شقيق الشهيد محمد عمري من تالة والذي قاطع بدوره جلسة يوم الأربعاء: «لا وجود لقناصة في تالة أيام الثورة.. نحن نعرف القتلة ولا فائدة من التلاعب بمشاعر أهالي تالة.. نحن لا نبحث إلا عن محاكمة عادلة.. لن نطالب بالتعويضات فكل همنا كشف الحقيقة ومعاقبة المسؤولين عن القتل ومحاولة قتل أبنائنا». مقاطعة المحاكمة إلى ذلك أصدرت أمس جمعية «لن ننساكم» بيانا تحصلت «الصباح» على نسخة منه هذا أهم ما جاء فيه «على إثر ما تشهده المحكمة العسكرية بالكاف هذه الأيام من تجاوزات غير مسبوقة ومخالفات للسير العادي للمحاكمة والتي سبق وأن قدمنا احترازا كتابيا لإدارة المحكمة في شأنها من ذلك ما يحدث من تمييز واضح في التعامل بين عائلات المتهمين وعائلات الشهداء، وتمتيع الموقوفين بحرية التّنقل والتّحدّث والاجتماع بأفراد عائلاتهم داخل قاعة الجلسة وكذلك التّصريح الخطير الذي جاء على لسان قاضي الجلسة بقوله» لا زلت أتذكّر تلك السيّارة القادمة إلى تالة وتحمل قنّاصة...» وهو ما تزامن بشكل ملفت للنّظر مع تصريحات محاميي المتهمين حول وجود قنّاصة في تالة والحال أنّ أهالي الشهداء يعرفون من قتل أبناءهم.. وأمام هذا الوضع الجديد الذي أدخل فينا الشكوك والريبة حول إمكانية انحراف مسار المحاكمة وتوجيه تهم القتل ضد مجهول فإنّنا أهالي شهداء وجرحى تالة والقصرين نعلن انسحابنا من جلسات هذه المحاكمة ومقاطعتنا لهذه المحكمة التي أصبحنا ندرك أن حكمها لن يكون عادلا في ضوء هذه المستجدّات الخطيرة.. وعليه فإنّنا سنتصدّى بكل الوسائل المشروعة والمتاحة للدفاع عن قضية شهداء الوطن وجرحاه إلى آخر رمق». إلى ذلك استأنفت أمس المحكمة النظر في القضية لليوم الحادي عشر على التوالي وأفسحت المجال لمحاميي المتهمين وائل الملولي والحسين زيتون والمنصف كريفة ونعمان العايب الذين أكدوا على براءة منوبيهم وإثر ذلك حجزت المحكمة القضية للمفاوضة والتصريح بالحكم.