إذا كان توافق سياسي قد حصل بين كل مكونات المجتمع المدني من منظمات وأحزاب على المحافظة على الفصل الأول من الدستور فان الاختلاف سرعان ما برز من جديد بين الفرقاء حول طبيعة النظام السياسي في تونس والذي سيحدد ملامح الحكم فيها لعقود. وقد أكد الاختلاف الحاد الذي حصل أول أمس بلجنة السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية والعلاقات بينهما أهمية تجنب إعادة إنتاج الأخطاء الحاصلة بعد انتخابات 23 أكتوبر ومن بينها الغموض في توزيع المهام والصلاحيات والتداخل بينها.وقد عملت « الصباح» على استفتاء أكثر من 20 حزبا حول رؤيتها للنظام الأفضل للمرحلة السياسية القادمة في بلادنا وفي واقع الأمر بقيت حركة النهضة دون شريكيها السياسيين المؤتمر والتكتل خارج «السرب» في حين انقسمت بقية الأحزاب بين النظام الرئاسي المعدل أو البرلماني المعدل في حين يفضل حزب التحرير نظام الخلافة الإسلامية . خليل الحناشي لماذا بكت سامية عبو!؟ بعد ان عرفت «لجنة السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية والعلاقة بينهما» نقاشا وجدلا وتلاسنا يوم اول امس الاثنين بين نواب النهضة ونواب من المؤتمر عرفت يوم أمس الثلاثاء ولليوم الثاني على التوالي نقاشا حادا وتلاسن، اما دوافع هذا الجو المشحون صلب اللجنة المذكورة فهو ان جلسة انعقدت يوم الثلاثاء 3 جويلية الجاري حضرها 15 نائبا من جملة 22 نائبا تسعة منهم من النهضة وترأسها نائب الرئيس زياد العذاري في غياب رئيسها السيد عمر الشتوي تم خلالها عرض الفصل المتعلق باختيار النظام السياسي المقبل لتونس على التصويت رغم انه لم يكن موجودا في جدول الأعمال. وقد تم التصويت على اختيار النظام البرلماني البحت كنظام مستقبلي لبلادنا وما إن علم بقية الأعضاء المتغيبين واساسا نواب المؤتمر بالأمر حتى رأوا في الأمر سوء نية واضحة من قبل نواب النهضة الذين استغلوا غياب سبعة اعضاء من اللجنة عن اجتماع يوم 3 جويلية لتمرير مشروعهم في اختيار النظام البرلماني لتونس وهو المشروع التي تتبناه حركة النهضة وحدها وتتمسك به دون جميع مكونات المجلس التأسيسي الأخرى. وقد تجدد الخلاف مجددا في جلسة امس بعد ان حاول رئيس اللجنة النائب عمر الشتوي الغاء جلسة يوم امس بينما تمسك نائبه زياد العذاري عن حزب النهضة برفض ذلك معتبرا طلب الالغاء «احاديا ولم تقع الاستشارة حوله مع بقية الاعضاء: بينما ذكرت المقررة الثانية للجنة ان الشتوي لا يريد لأشغال اللجنة أن تتواصل قبل الاجتماع بمصطفى بن جعفر رئيس المجلس الوطني التأسيسي للاتفاق على منهجية العمل داخل اللجنة بعد جدل جلسة الاثنين». النقاش داخل لجنة السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية والعلاقة بينهما أخذ منهجا آخر ليطرح قضية غيابات أعضاء اللجنة الذي تسبب في خلق «هذه الأزمة داخلها» وأصبحت «قضية الحضور مشكلة سياسية» على حدّ قول النائب الهادي ابراهم، أكدها من جديد النائب أحمد نجيب الشابي «فالأزمة أزمة غيابات وليست حول خيار فكري أو سياسي وهو ما يستوجب توجيه برقيات تذكير وإعلام للنواب حتى يلتزموا بالحضور». هذه المسألة لاقت استغراب زياد العذاري نائب الرئيس والمقررة الثانية باعتبار أن «نائب الشعب يجب أن يكون ملتزما بالحضور والمواظبة والانضباط فلا حاجة إلى تذكيره مع أن رئاسة مكتب اللجنة تقوم بالإعلام عن طريق الإرساليات القصيرة والبريد الإلكتروني» هذا القول تلقته النائبة سامية عبو بحدة مطالبة أن «الإعلام بالتصويت يجب أن يكون قانونيا أي كتابيا» مضيفة أن «المسألة معنوية فمن غير المعقول أن تخرج الإرادة الفعلية إلى الإعلام بطريقة مغلوطة، ذلك أن جل أعضاء اللجنة مع نظام سياسي مختلط، فمن باب احترام للزملاء أن يقع إعلام جميع النواب الذين ساهموا في بلورة أعمال هذه اللجنة بعد ستة أشهر من التفكير والعمل المتواصل» مؤكدة «قانونيا لن أعترف بهذا التصويت». على اثر هذه التجاذبات ومباشرة بعد رفع الجلسة لاستراحة قصيرة يستأنف بعدها عمل اللجنة لمناقشة بقية الفصول إلا أن النائبة سامية عبو غادرت المكان باكية مرددة «أنا خائفة على تونس» وفي تصريح ل «الصباح» أكدت أن «النظام البرلماني سيكون كارثة على تونس وهو على قياس حركة النهضة وسيؤسس لديكتاتورية الحزب الواحد، فالخوف أن لا نتوصل إلى وفاق متجه إليه الجميع وهو اختيار نظام مختلط وبالتالي المرور إلى الاستفتاء وهنا الإشكال الأكبر هل جميع مكونات الشعب باستطاعتها التمييز بين الأنظمة واختيار النظام الأنسب لتحقيق الديمقراطية»