اعتبر الأمين العام للجامعة العامة التونسية للشغل حبيب قيزة أمس "انه لا يمكن الحديث عن نموذج ديمقراطي راق في أي بلد دون أن "تكون هناك تعددية نقابية". و أوضح قيزة خلال افتتاحه لأشغال الجامعة الصيفية التاسعة عشرة لجمعية نادي محمد علي للثقافة العمالية بأحد النزل بضاحية قمرت وسط حضور ممثلين عن عدد من الجمعيات التونسية وعن نقابات فرنسية وايطالية وألمانية واسبانية "إن التعددية النقابية تشكل محرار الحريات الحقيقية ودونها يبقى مفهوم الديمقراطية مفهوما منقوصا وقد يصل إلى حد التناقض مع الأساسيات الضرورية للحرية في شكلها العام". واتهم الأمين العام الحكومة "بضرب الحق النقابي في شكله التعددي" نظرا للتعامل غير المحدود مع الاتحاد العام التونسي للشغل وأضاف " أن قيادات من اتحاد الشغل تعمل جاهدة للحيلولة دون تواجد تعددية نقابية "يبرز ذلك حسب توصيفه" انطلاقا من مواقف بعض قياداته الذين يدعمون التعددية السياسية في حين يرفضونها إذا ما تعلقت بالتعددية النقابية". واستدرك قائلا "لا احد ينكر نضالية الاتحاد الذي انتميت له لنحو 35 سنة لكن هذا الأمر لم يعد ممكنا الآن في ظل واقع نقابي جديد قوامه التعددية التي فرضتها ثورة شعبية أعطت للنقابيين إمكانية التمثيل النقابي في هياكل عمالية جديدة إلا أن هذا المسار الجديد بدا يعرف انحرافا واضحا في ظل غياب الحوار الحقيقي بين الحكومة من جهة وبين الجامعة العامة للشغل". وأفاد قيزة "إن الواقع النقابي الجديد لا تأخذ به جل الوزارات المعنية إلا بعد التصعيد العمالي أي اثر التحركات التي يقوم بها العمال وهو ما وقع بالضبط في إضراب مطارات قرطاج والمنستير وجربة/جرجيس". ودعا الأمين العام للجامعة العامة التونسية للشغل الحكومة المؤقتة إلى إصدار تشريعات تكرس وتحترم مفهوم التعددية النقابية بما يضمن الحق في النشاط النقابي لكل النقابات وإشراكها في الحوار والتفاوض وعدم الاقتصار على طرف واحد" متسائلا عن الأسباب الحقيقية من الإبقاء على بعض الفصول من مجلة الشغل والتي تحمل في طياتها عدم الاعتراف بالمبدإ التعددي وذلك نظرا للظروف السياسية التي نشأت فيها هذه المجلة" التي وصفها قيزة "بوثيقة من الماضي لأنها لم تواكب الواقع الجديد للعمل النقابي في تونس وظهور شركاء اجتماعيين جدد على الساحة". ولدى تقييمه للواقع السياسي الراهن وما تعيشه تونس من تحولات خلال المرحلة الثانية من الفترة الانتقالية قال قيزة "إننا نمر بمرحلة صعبة على جميع الأصعدة ولا استثني منها لا حكومة ولا معارضة أو حتى منظمات المجتمع المدني". واعتبر قيزة "إن إمكانيات التجاوز ممكنة وان الحسم لن يكون إلا من خلال البحث عن نموذج توافقي حقيقي يقوم على الطرح الجدي للمسائل العالقة بين مختلف المكونات". وأوضح قيزة أن التوافق ممكن مادام قادرا على تسريع النقاش وتسهيله على غرار التوافق الحاصل حول الفصل الأول من الدستور وهو ما يدعو إلى مواصلة نفس المنهج التوافقي بحيث لا تغليب لمنطق الأكثرية على حساب الأقلية وإنما العمل سويا لإخراج البلاد من أي عطالة أخرى لا سمح الله". ولم ينف قيزة دور بعض الأطراف التي تسعى إلى ضرب البعد الاختلافي بين التونسيين ومحاولتها فرض نمط اجتماعي وفكري بعيد عن الواقع التونسي. واوضح المتحدث "إن هذا الأنموذج إنما يشكل انحرافا خطيرا لمسار الثورة التي قامت من اجل الحرية و الكرامة" مبينا أن كرامة المواطن في حريته وأي مس للحرية إنما هو ضرب للكرامة التي قامت من اجلها الثورة فعدم القبول بالآخر قد يشكل بداية تسلط وحياد عن أهداف الثورة". ويذكر أن أشغال الجامعة الصفية تمتد على مدار اليومين القادمين حيث ستتم مناقشة إشكاليات "أي نموذج اقتصادي واجتماعي لنجاح الانتقال الديمقراطي بتونس؟" و"أي عقد اجتماعي واقتصادي لإنجاح المسار؟".