من بين المظاهر التي تبرز مع حلول شهر رمضان المبارك في كافة الأسواق إغراق السوق بكافة أنواع المواد الاستهلاكية من قبل التجار، و الإقبال المشط على الشراءات من قبل المواطنين إلى حد اللهفة. وكلا الظاهرتين تمثلان في حقيقة الأمر ممارسة غير عادية وسلوكا غير راشد بالمرة. فبالنسبة لإغراق السوق بأنواع البضائع والمواد الاستهلاكية فإن العملية لا تعكس وفرة الانتاج وتكاثر أنواع المعروضات لإرضاء طلبات المواطنين فحسب، ولا تعني أيضا الوفرة رخاء الأسعار وطمأنة الجميع، بل هي ضرب من ضروب الحيل التجارية التي تدفع بالمواطن إلى مزيد الشراء. كما أنها حتى بالنسبة إلى السلط المسؤولة تبقى نوعا من أنواع إغراق السوق الذي يشعر الجميع بأن السلط قامت بما هو مطلوب منها استعدادا لشهر يعرف فيه الاستهلاك أوجه وذلك بقطع النظر عما تكون عليه الاسعار وعما تكون عليه المقدرة الشرائية للمواطن. إن كلا الظاهرتين المشار إليهما تمثلان في الحقيقة ممارسات خاطئة وانسياقا وراء الشهوات، وانخراما لميزانية المواطن التي قد لا تصمد أمام أنواع الإغراءات. وبقدر ما يعتبر المواطن مسؤولا عن تصرفه الذي ينساق فيه وراء العرض المغري الذي يظهر في السوق، فان السلط المسؤولة تبقى أيضا مسؤولة عن إغراق السوق، لأنها أيضا لا تصمد في هذا الجانب بل سرعان ما تتقلص المعروضات وتتصاعد الأسعار وتغيب المراقبة. كما أن هذه المظاهر كثيرا ما تكون في الأسواق اليومية للمدن الكبرى؛ أما بالنسبة للجهات الداخلية ومدنها وقراها وأريافها، فإن نقص المواد يكون في العادة باديا منذ الأيام الأولى من رمضان، وتتبعه دون شك أنواع بيع المراكنة والترفيع في الأسعار والتقتير في عرض بعض المواد الحساسة. إن هذا الإشكال كثيرا ما كان يتكرر في شهر رمضان، ويدفع المواطن ضريبته، فهل تتضافر الجهود من أجل الحد منه من خلال توازن في عملية توفير المواد في الأسواق ومراقبة لصيقة لكل الفضاءات التجارية حتى الموازية منها.؟