تونس - الصباح الأسبوعي أسال النّص الكامل لمشروع القانون المتعلق بالهيئة المستقلة للإنتخابات المقترح من قبل الحكومة حبرا كثيرا حيث أدلى خبراء في القانون الدستوري وممثلين عن منظمات من المجتمع المدني بدلوهم معلقين على عدد من فصوله. «الصباح الاسبوعي» اتصلت بالعميد والخبير في القانون الصادق بلعيد للحديث معه عن موقفه ومؤاخذاته بخصوص هذا النص ومقارنته بالمرسوم عدد 27 لسنة 2011 مؤرخ في 18 أفريل 2011 المتعلق بإحداث هيئة عليا مستقلة للانتخابات. يحتوي مشروع القانون المقترح على 26 فصلا حول تركيبة الهيئة وطريقة انتخابها ورئيسها حيث خصص له فصلين وواجباتهم، ناهيك عن مشمولاتها ومصادر مواردها من إعتمادات سنوية مخصصة من ميزانية الدولة وغيرها من المسائل. اما المرسوم فهو يضم 14 فصلا، ولعل الثابت ان الظروف الوضع الذي بعثت فيه هيئة كمال الجندوبي يختلف تماما عن الوضع الحالي خاصة على مستوى وجود جهة منتخبة ممثلة للشعب ونعني بذلك المجلس الوطني التأسيسي الذي يجمع بين وظيفتي التشريع والرقابة. كما ان الهيئة الاولى كانت تعمل تحت ضغط الوقت للانتقال من مرحلة اللاشرعية الى الشرعية ولو انها مرحلة تأسيسية ومرحلية ، اما الهيئة المنتظرة فإنها تضع الحكومة امام مسؤولية جسيمة وتاريخية نظرا لقيمة الانتخابات المرتقبة وهو ما يجعلها مطالبة بوضع قانون يتجاوز ما وقع من تجاوزات في انتخابات 23 اكتوبر استجابة لأهمية المرحلة. تطوير التجربة يقول الاستاذ الصادق بلعيد :»بعد الاطلاع على مشروع القانون المتعلق بالهيئة العليا للانتخابات المقدم من طرف الحكومة، فان اهم ما يمكن ملاحظته هو ان الصلاحيات المطروحة لا تدل بأي شكل من الاشكال على الاستقلالية التي نريدها للهيئة ، واعتقد ان محاولة الحكومة مؤسفة ومخجلة وكأنها تستهزئ بالناس وتعتقد كثيرا في سذاجة المواطن. اظن ان هيئة كمال الجندوبي افضل بكثير من الهيئة المنتظر بعد دراسة مشروع قانونها لان قوتها في شخصية هذا الرجل ونظرا لانها تجربة اولى في تاريخ البلد.لقد كنا مطالبين بتحسين التجربة وتطويرها لكن مشروع الحكومة اقل من مرسوم هيئة الاولى من حيث الفاعلية «. ويؤكد محدثنا انه وبعد الاطلاع على مشاريع قوانين لأطراف عدة حزبية مثل حركة النهضة ونقابية كاتحاد الشغل والمشروع المقترح من الحكومة فان السؤال المطروح هل ستكون للهيئة القادمة السلطة والاستقلالية والنزاهة في تجاوز التجربة الاولى وتقديم الافضل؟ أيّ استقلالية؟ نص المشروع على ان مجلس الهيئة المستقلة للانتخابات يتركب من رئيس و ثمانية أعضاء ينتخبهم المجلس المكلف بالسلطة التشريعية، حيث يتم إختيار رئيس الهيئة المستقلة للانتخابات بالتوافق بين رئيس الجمهورية ورئيس المجلس المكلف بالسلطة التشريعية ورئيس الحكومة و يصادق على هذا الاختيار المجلس المكلف بالسلطة التشريعية بالأغلبية المطلقة لأعضائه، فيما يتم اختيار أعضاء الهيئة المستقلة للانتخابات من طرف المجلس المكلف بالسلطة التشريعية من بين ستة عشر مترشحا (16) تقترحهم لجنة خاصة بالمجلس المكلف بالسلطة التشريعية بناء على دعوة مفتوحة للترشح.ويترأس اللجنة الخاصة رئيس المجلس المكلف بالسلطة التشريعية وتضم في عضويتها رؤساء الكتل داخل المجلس. وعن هذا الفصل يقول محدثنا:»وجب ان تكون الهيئة مستقلة بأعضاء ورئيس مستقلين فالاستقلالية تستوجب انتخابهم من طرف هيكل مستقل لكن اي استقلالية في التعيين ما دام منحصرا بين الرئاسات الثلاث فكيف يمكن لرئيس الهيئة ان يكون مستقلا وهو منتخبا من منظومة سياسية تهيمن عليها النهضة والتكتل والمؤتمر ممثلة في اللجنة التي ستختار 8 اعضاء من بين 16 عضوا، كما ان لهم الاغلبية داخل المجلس عند التصويت على الاسماء المختارة ؟ فالشخصيات المتشيعة حزبيا لا يمكن لها ان تعيين إلا شخصا متشيعا سياسيا وحزبيا لها وهذه ليست الا مهزلة». نص النهضة اكد الصادق بلعيد ان ما اتاه المشروع من فصول يتماهى كثيرا مع مشروع النهضة المقدم منذ شهرين ، حيث يقول:»ان الحديث عن استقلالية هذه اللجنة والتركيبة المنتظرة لهيئة الانتخابات طبقا للصيغة المقترحة هو بمثابة خطوة الى الوراء ، وفي ذلك مغالطة كبيرة للشعب التونسي وعليه فاني اشكك في استقلالية ونجاعة هذا المشروع. كما انه في غياب صلاحيات النظر المسبق لمطابقة الترشحات الحزبية والفردية للانتخابات للقوانين والمبادئ ومراقبة تمويل الاحزاب تصبح الهيئة الجديدة صورية وشكلية». يبدو الفرق كبيرا بين شخص الرئيس المرتقب للهيئة المنتظرة انطلاقا من صيغة تكوينها وشخص كمال الجندوبي في مسالة الاستقلالية والحيادية فالأول سيكون بالضرورة متشيعا حزبيا فيما عرق على الثاني الحيادية وهو سر نجاح انتخابات 23 اكتوبر فأي مصير للانتخابات القادمة على ضوء ما اقترح؟.