قال أحمد الرحموني رئيس المرصد التونسي لاستقلال القضاء إن إحداث لجنة خاصة لإعداد الحركة القضائية لسنة 2012 يعتبر عملية تغطية حالة فشل ذريع للمجلس الوطني التأسيسي والحكومة على حد السواء. واعتبر أن مشروع القانون الأساسي المتعلق بإحداث هذه اللجنة فضيحة. يذكر أن عددا من نواب كتلة الحرية والكرامة تقدموا قبل العطلة النيابية بمقترح لمشروع قانون أساسي يتعلق بإحداث لجنة خاصة لإعداد الحركة القضائية لسنة 2012 وذلك بعد فشل المجلس في المصادقة على مشروع القانون المتعلق بالهيئة الوقتية للإشراف على القضاء. وبين الرحموني ل"الصباح" أن الهيئة الوقتية للقضاء العدلي هي هيئة أقر المجلس التأسيسي إحداثها لكنه أجّل النظر فيها طويلا ثم لم يصادق عليها، ليخرج ثلة من النواب بمشروع قانون لإحداث لجنة خاصة تتولى الاعداد للحركة القضائية. وذكر ان هذه المسألة ستؤدي إلى إدخال ارتباكات حتى على المجلس التأسيسي نفسه في علاقة بالسلطة القضائية. وذكر أن الحل الذي ارتآه النواب الذين تقدموا بالمشروع الخاص بلجنة الاعداد للحركة يدعم السلطة التنفيذية.. فحتى المشروع القديم الذي عرض على جمعية القضاة في ماي 2011 لتنظيم المجلس الأعلى للقضاء والذي رفضته الجمعية يعتبر أكثر تطورا من المشروع الخاص بهذه اللجنة. وللاشارة فقد ورد في مشروع القانون الاساسي الخاص بإحداث لجنة تتولى الاعداد للحركة القضائية لسنة 2012 أن اللجنة تتكون من رئيس محكمة تعقيب (رئيس) ووكيل الدولة لدى محكمة التعقيب (عضو) ووكيل الدولة العام مدير المصالح العدلية (عضو مقرر) والمتفقد العام ( عضو) ورئيس المحكمة العقارية (عضو) وأربعة قضاة من الرتبة الأولى وثلاثة قضاة من الرتبة الثانية. و أضاف محدثنا أنه من المؤسف أن يقع التعامل مع مسألة استقلالية القضاء بطريقة تخفي تجاذبات سياسية إذ أن ما بدا من النقاشات حول هيئة القضاء كشف أن الهدف لم يكن استقلال القضاء في حد ذاته فالنخبة السياسية أصبحت تتناول ملف القضاء كملف سياسي وهو أمر خطير. قضاء مستقل شدد القاضي أحمد الرحموني على أن أي انتقال ديمقراطي لا يتم إلا بتركيز سلطة قضائية مستقلة واستقلال القضاء يجب أن يكون بعيدا عن لعبة الأغلبية في علاقة بالأقلية وبعيدا عن التجاذبات السياسية.. وذكر أن مجلس القضاء الايطالي الذي يعتبر الآن مثالا في استقلالية القضاء، لم يتمكن من ارساء هذه الاستقلالية إلا عند تراجع الأحزاب السياسية المهيمنة. وأضاف الرحموني: "إن الأمر لا يقتصر على هيئة القضاء التي فشل المجلس الوطني التأسيسي في إنشائها، بل ينسحب على باب السلطة القضائية في مسودة الدستور.. فالنصوص الواردة في هذه المسودة لم تكن في مستوى الانتظارات، وفيها التباسات كبيرة حتى في ما يتعلق ببعض المبادئ الأساسية وعلى سبيل الذكر هناك مبدأ عدم قابلية القضاة للعزل لكن في مسودة مشروع الدستور هناك تقييد إذ أقرت اللجنة التي أعدت الفصول الخاصة بالسلطة القضائية مبدأ عدم نقلة القاضي إلا برضاه باستثناء ما تتطلبه مصلحة العمل.. فكلمة "باستثناء ما تتطلبه مصلحة العمل" فيها تقييد، ومثل هذا التقييد لم يرد في أي دستور في العالم. وشدد محدثنا على أن مبادئ استقلال القضاء معروفة، والخيار الآن هو إما اقرار المبادئ والمعايير الدولية لاستقلالية القضاء أو لا؟