قرر البنك المركزي خلال الأسبوع الفارط الترفيع في نسبة الفائدة الرئيسية للبنك ب25 نقطة أساسية لتصل إلى 3,75 بالمائة. وهذه المرة الأولى التي يتخذ فيها البنك المركزي مثل هذه الخطوة منذ الثورة. إذ عمد سابقا في أكثر من مناسبة إلى التخفيض في نسب الفائدة. حول هذا الإجراء يشير الدكتور عبد الجليل البدوي المختص في الإقتصاد أن الترفيع في نسب الفائدة كان مرتقبا لعدة أسباب من بينها كثرة الضغط على السيولة الناجمة عن حالة الركود في المؤسسات ومرورها بمشاكل مالية مما أجبرها على الإقتراض لخلاص الديون.زد على ذلك نقص مبيعات الشركة مما يجعلها عاجزة عن تغطية مصاريفها والتزاماتها واللجوء أكثر فأكثر إلى الإقتراض. السّياسة النقديّة الأمر ذاته بالنسبة للمستهلك فتدهور قدرته الشرائية وكثرة التزاماته جراء المناسبات المتتالية دفع باتجاه المزيد من التداين والقروض. وحول مدى تأثير قرار الترفيع في نسب الفائدة على المستهلك يعتبر عبد الجليل البدوي أن ذلك من شأنه دون شك الترفيع في نسب خلاص الفائدة لفائدة البنوك فالزيادة في الأسعار وتواصل المناسبات الاستهلاكية لن يقلص الاقبال على القروض. ستتأثر كذلك المؤسسات لا سيما التي تمر بضيق مالي وفي حاجة إلى سيولة.. في المقابل يعتبر محدثنا أن قرار الترفيع في نسب الفائدة يواكب الوضع الإقتصادي القائم ويستجيب أيضا لرغبة صندوق النقد الدولي الذي اقترح على تونس المزيد من الإنكماش في السياسة النقدية المتبعة. ويحاول البنك المركزي من خلال الترفيع في نسب الفائدة تقليص الطلب على السيولة لمقوامة التضخم المالي المتزايد في الآونة الأخيرة حيث أشار بيان مجلس إدارة البنك المركزي الصادر خلال الأسبوع الفارط ،إلى تواصل الضغوط التضخمية خلال شهر جويلية فبلغ الإنزلاق السنوي للمؤشر العام للأسعار 5,6 بالمائة مقابل 5,4 بالمائة في شهر جوان الفارط. ويتوقع المراقبون تواصل هذه الضغوط التضخمية في ظل الإرتفاع المتواصل لأسعار المواد الأساسية في السوق العالمية وزيادة في الواردات التونسية التي تواصل ارتفاعها خلال الأشهر السبع الأولى من السنة الجارية (14,6 بالمائة مقابل 3,4 بالمائة السنة الفارطة) لكن ماذا عن تأثير قرار الترفيع في نسب الفائدة على نسق وتكلفة الإستثمار؟ الرّكود الإقتصادي يشير في هذا الصدد عبد الجليل البدوي أن التقليص سابقا في نسب الفائدة لأجل دفع الاستثمار كان خطأ لأن الركود النسبي للإستثمار في تونس لا يعود لارتفاع تكلفة الفائدة بل سببه عدم الإستقرار الأمنى والإجتماعي. وهو ما يفسر عدم الزيادة في الإستثمار في الآونة الأخيرة باستثناء الزيادة الطفيفة في الاستثمار الخارجي أما الاستثمار المحلي فظل مقتصرا على استثمارات محدودة في تجديد المعدات تحسبا لتدهور أكبر للعملة التونسية أو توسع بعض المؤسسات.. ويقر المراقبون أن الاستثمار المحلي لن يشهد انطلاقة قريبة في ظل تواصل ضبابية المشهد السياسي والأمني والإجتماعي. ويعتبر الدكتور عبد الجليل البدوي أن السياسة المالية لم تعد تمتلك هامشا كبيرا لمقاومة الركود الإقتصادي وإعادة الدورة الإقتصادية إلى نشاطها الطبيعي والبنك المركزي شارف على استنفاد كل حلوله بعد ضخ مافيه الكفاية من السيولة المالية وبعد التخفيض في نسب الفائدة.