تونس الصباح :مازال قانون منع التدخين الذي مر عليه الان عشرسنوات بالتمام والكمال (23فيفري 1998) في العديد من اداراتنا العمومية مجرد حبر على ورق، ومازال الالاف من الموظفين يعانون ويتذمرون من سلوكات زملائهم المدخنين الذين يجبرونهم على التدخين السلبي، في غياب الصرامة والحرص على تطبيق القانون من قبل المشرفين على تسيير المؤسسات والمنشآت العمومية والدواوين . فللاسف الشديد مازلنا نشاهد في العديد من مؤسسات الدولة اعوانا وموظفين في مكاتب الاستقبال والارشاد والتوجيه يدخنون خلال اوقات العمل، واثناء تعاملهم مع المواطنين، وهو ما يعكس تسيبا واضحا واستخفافا بقانون منع التدخين واهمالا من المشرفين على تسيير المؤسسات العمومية التابعة لمختلف الوزارات لمثل هذه الاجراءات التي ينبغي احترامها والعمل على تطبيقها وتنفيذها والتذكير بها عبر المناشير والمعلقات والبلاغات التحذيرية للمخالفين. تجربة نموذجية ولئن كنا من السباقين في بلادنا بمنع التدخين في الفضاءات العمومية وداخل الادارات والمؤسسات الاستشفائية وغيرها.. فان دولة مثل فرنسا قد شرعت منذ شهر جانفي الماضي في تطبيق قانون المنع النهائي للتدخين في جميع الاماكن العمومية وبدون استثناء، وهو قرار جريء ورائد، يمهد للدخول في تجربة نموذجية يمكن تطبيقها وايجاد الاليات الكافية لاعتمادها في بلادنا، بهدف حماية غير المدخنين في الفضاءات العمومية، وممن لا سبيل لهم غير القانون للحفاظ عن صحتهم وحماية انفسهم من التدخين السلبي. تدعيم العيادات وتشير الارقام الى ان ظاهرة الاقبال على التدخين قد ارتفعت في السنوات الاخيرة لاسباب عديدة ومتداخلة، الى ان بلغت حدود ال50 بالمائة في صفوف الرجال والشباب، وتزايدت بصورة مفزعة لدى النساء والفتيات ايضا لتصل حدود ال6 بالمائة، ومازال من جهة اخرى عدد العيادات الخاصة بالمساعدة على الاقلاع عن التدخين في حدود ال15 عيادة فقط في كامل ولايات الجمهورية، وهو رقم ضعيف في راينا يحتاج الى تدعيم بانشاء وتركيز عدد اضافي من هذه العيادات خاصة في المدن الجامعية، والمناطق السياحية التي تكثر بها المقاهي والملاهي وفضاءات الترفيه الشبابية، كما تحتاج مسالة المراقبة لمدى تطبيق القانون داخل الادارات والمنشآت العمومية بدورها، الى عملية مراجعة، ومتابعة وتحيين، عبر التكثيف من المناشير وانجاز حملات التحسيس للموظفين واعوان الدولة المطالبين بالامتثال الى مثل هذه الاجراءات والقرارات مجهود منقوص ويظل مجهود مصالح وزارة الصحة العمومية في تنفيذ وتطبيق برنامج وطني لمقاومة التدخين مجهودا منقوصا ومبتورا، مالم يوازه مجهود جماعي واضافي من المشرفين على تسيير مؤسسات الدولة والادارات العمومية والمنشآت والداوين، من خلال التكثيف من برامج التوعية والبلاغات والافتات الداعية للامتناع عن التدخين خلال اوقات العمل، والتذكير بمضار التدخين ومخاطره واهمها مساهمته بنسبة تسعين بالمائة في الاصابة بسرطان الرئة والتخفيض في نسبة امل الحياة لدى المدخنين بمعدل 9 سنوات. ولابد في هذا السياق من المزيد من البرامج التوعوية للموظفين لدفعهم الى الامتناع عن التدخين بصفة تدريجية واحداث النوادي الرياضية لفائدتهم، الى جانب تذكيرهم بالنصوص والمناشير الخاصة بالامتناع عن التدخين في اوقات العمل.. فهل من صرامة اكبر في التعامل مع المدخنين في اداراتنا العمومية، وهل من جدية اكثر في تطبيق القانون الذي من شانه ان يضمن سلامة الجميع