منذ أسبوع حبست البلاد أنفاسها وهي تنتظر ما ستؤول إليه الأمور بين ما سمّي بالأزمة بين الاتحاد العام التونسي للشغل وحركة النهضة على خلفية الاعتداء الهمجي الذي تعرّض له مقرّ الاتحاد ببطحاء محمد علي من طرف مجموعات محسوبة على رابطات حماية الثورة والتصريحات التي أدلى بها راشد الغنوشي عقب هذا الاعتداء ودافع من خلالها عن هذه الرابطات «كضمير للثورة» وهو ما اعتبره الاتحاد وملاحظون بمثابة سكب الزيت على النار, ودفع بالاتحاد إلى إعلان إضراب عام احتجاجا على عنف الرابطات والمسّ من هيبة المنظمة الشغيلة.. وبعد ماراطون من الوساطات والمفاوضات نزع فتيل الخلافات جزئيا وحلت الأزمة بإلغاء الإضراب العام.. ورغم انتهاء الأزمة بخير فقد كشف عن حقائق قد يكون لها تداعياتها على مستقبل البلاد ناهيك وأننا قادمون على محطات حاسمة في هذا المسار الانتقالي ومنها الاستحقاق الانتخابي.. ومن بين هذه الحقائق نجد الشارع الذي أصبح مؤسسة متمرّدة غير خاضعة للتأطير.. بالإضافة إلى أنه ولأوّل مرّة من خلال هذه الأزمة يتدخّل الأيمة بصورة مباشرة للتأثير على الرأي العام لصالح اتجاه معيّن.. بالإضافة إلى تلك المزايدات التي تضع الثورة في مزاد علني ذي نوايا احتكارية.. سطوة الشارع.. «فشل» ديمقراطي من الطبيعي أن تخلق الثورات نوعا من الانفلات خاصّة إذا كانت هذه الثورات قد ولدت من رحم الشارع الثائر دون تأطير من أي طرف سياسي أو حقوقي كما هو حال الثورة التونسية التي ولدت من الشارع الثائر على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية دون أن تتزعّمها قيادة سياسية ورغم المساهمة النقابية الكبيرة.. ولكن الشارع الذي تحرّك وقت «الفراغ» وغياب المبادرة السياسية فانه بعد توصّله لإسقاط النظام والهزات الارتدادية للثورة والتي صاحبت المرحلة الانتقالية الأولى, فإننا كنّا نتصوّر أنه بإجراء انتخابات المجلس التأسيسي وصعود حكومة شرعية إلى سدّة الحكومة بالإضافة الى اتساع المجتمع السياسي والمشهد الحزبي المتعدّد الألوان والاتجاهات سيكون له القدرة على استيعاب الاختلاف في الشارع وتأطيره لكن الأزمة الأخيرة عكست حقيقة «مفزعة هو أن مؤسسة الشارع بقيت خارج السيطرة التقليدية للأحزاب وأن هناك مجموعات منفلتة تتعامل مع الثورة بطريقة احتكارية وغير خاضعة للنواميس المتعارف عليها وتتطاول حتى على الأحزاب, وهذا الانفلات يهدّد السلم الاجتماعي ويغذي العنف ولا بدّ للأحزاب أن تتحمّل مسؤوليتها في تأطير الشارع وترشيده.. حتى لا تتحوّل الأزمة الأخيرة إلى بروفة قبل الانتخابات تحت شعار «البقاء للأقوى».. الصراع اليساري الإسلامي تتفادى الأطراف الرسمية والسياسية الحديث عن الصراع الإسلامي - اليساري والذي كان أكثر بروزا وأكثر حدّة في الأزمة الأخيرة حيث نشط اليسار بكثافة تحت الراية النقابية في حين تجندت المنابر والأيمة للدفاع في الحقيقة عن الفصيل الإسلامي الحاكم وهو حركة النهضة.. حارب النظام البائد المسجد وحدّ من نشاطه في توجيه الرأي العام ومن المفارقات أن يكون هذا التحييد في حدّ ذاته من أسباب نجاح الثورة التونسية وسقوط الطاغية.. وكان هذا من مميزات الثورة التونسية حيث نأت المؤسسة الدينية عن التدخّل في الثورة الشعبية ضدّ النظام القمعي كما حدث في أقطار عربية أخرى عاشت ثورات مشابهة في سياق ما يسمّى بالربيع العربي.. وخروج الأيمة في صفاقس للتأثير على الشارع ودفعه الى مقاطعة الإضراب العام.. جعل المساجد تدخل بشكل مباشر وعلني في المعركة السياسية الثقافيّة بكلّ حدّة الخطاب التعبوي والحشد ا»لشوارعي».. وهو ما ولد نوعا جديدا من الاستقطاب الثنائي الحادّ القديم المتجدّد «اليساري- إسلامي» إذ «احتمى» اليساريون باتحاد الشّغل واحتمى الإسلاميون بالمساجد في حملة فاصلة لتثبيت توجهات إيديولوجية وعقائدية على شعب باتت له قابلية التشكّل من جديد وفق نمط فكري ومجتمعي يسعى كل طرف إلى فرضه ولو بالعنف.. الثورة من جديد.. في المزاد أن يدّعي طرف ما أنه يملك براءة الثورة ويتصرّف فيها بطريقة احتكارية في وجود مؤسسات الدولة القائمة بصفة شرعية فتلك طامة كبرى.. فبعد "المزاد" الأوّل الذي خضعت له الثورة بمناسبة انتخابات المجلس التأسيسي عندما رفعت كل الأطراف السياسية شعار قدرتها المؤكّدة على تحقيق أهداف الثورة.. لكن بين "البروباقندا" الانتخابية وواقعية الفعل السياسي كان البون شاسعا.. فأهداف الثورة ما زلنا نتقدّم لتحقيقها بخطى السلحفاة وهو ما جعل أكثر من طرف يرفع من جديد حرصه على تحقيقها وينزل من جديد إلى الشارع بدعوى الضغط لتحقيق هذه الأهداف دون مراعاة إلى كون الدولة من خلال مؤسساتها المنتخبة والشرعية هي المخولة لوحدها بتحقيق هذه الأهداف ناهيك وأن الحكومة قد منحها الشعب ثقته لتحقيق أهداف ثورته.. ولكن هذه المجموعات التي تتدّعي حرصها على الثورة قد تصبح بدورها عنصرا عنيفا وعنصر توتر تساهم في عدم استقرار الأوضاع وفي نكسة المسار الانتقالي. منية العرفاوي
رغم أنف الوزارة أيمة "يستولون" على منابر 170 مسجدا أصدرت الاطارات الدينية الممثلة في نقابات بيانا أعربت فيه عن أسفها وانزعاجها من الحملة التي طالت أئمة المساجد بشكل عام بعد ظهور ممّن أسماهم البيان «بعض المنتسبين ومدعي الامامة في مظاهرة صفاقس الداعمة للسلطة". كما جاء في البيان ".. إننا كأيمة وكافة الاطارات الدينية تعرضنا إلى مضايقات كبيرة واعتداءات رهيبة وإن إقدام بعض الأصوليين والانتهازيين المتزلفين على تقديم المساعدة أو الدعاية لأحد كان في مسألة التجاذبات السياسية الحالية فهو يمثله كشخص وإن أخطأ أو خالف القانون فالفيصل هو القضاء.. نحن الاطارات الدينية نريد من الجميع عدم الزج وإلصاق التهم عامة والتخصيص في الخطاب على المخطئين بشخصهم لا بصفة عملهم نحن كعمال شرفاء ونزهاء من هذا الوطن نرغب له الأفضل دائما". من جهته أشار بشير العرفاوي عضو نقابة الاطارات الدينية إلى أن وزارة الداخلية مدعوة لمتابعة هذا الأمر فالأيمة بالأمس كانوا يغدقون على «المخلوع» بالأدعية واليوم يناصرون حزبا مهيمنا حيث يقول «.. قد نجدهم يدعون غدا لحزب آخر إذا أصبح في الحكم.. والإمام رضا الجوادي لو كان معينا على جامع اللخمي بصفة قانونية كنا سنصدر في شأنه تقريرا ولكن شأنه شأن السلفيين لا يمكننا تتبعهم..» وبين بشير العرفاوي أن انتظام الأيمة في نقابات مكنهم من عدة مكاسب أبرزها أن وزارة الشؤون الاجتماعية أصبحت تستمع الى مشاغلهم وتجلس معهم للحوار. ويقول محدثنا في السياق نفسه «.. كنا مهمشين فوقف إلى جانبنا اتحاد الشغل وأصبح لدينا قانون أساسي نحن بصدد مناقشته حاليا.. كما أن العزل بطريقة عشوائية لم يعد ممكنا بعد أن أصبحت النقابات تحمينا، لكنها لاتحمي الذين نصبوا أنفسهم واستولوا على المنابر".. كما أكد بشير العرفاوي أن 170 مسجدا بكامل الجمهورية وقع الاستيلاء عليها من قبل أيمة غير منصبين من قبل وزارة الشؤون الدينية بدءا بجامع الزيتونة مبرزا أن هؤلاء نصبوا أنفسهم. وبخصوص القانون الأساسي بين بشير العرفاوي أن النقابات تجتمع اليوم مع ممثلي الوزارة لمناقشة النقاط التي تم ادراجها فيه بعد أن أطلع عليه الأيمة وأبدوا آراءهم فيه علما وأن القانون الأساسي يضمن للأيمة المعنيين من قبل الوزارة الحصول على بطاقة علاج وراتب قار ومحترم وكذلك المنح المستوجبة. عبد الوهاب الحاج علي
المنجي الرحوي (عضو لجنة المالية) ل"الصباح الاسبوعي" اعتمادات هيئة الانتخابات يمكن اقتطاعها من النفقات الطارئة بالميزانية من المقرر ان يناقش المجلس التأسيسي يوم غد الثلاثاء مشروع ميزانية الدولة ل2013 ،وفي هذا الصدد يقول النائب المنجي الرحوي عضو لجنة المالية بالمجلس:»تعد مناقشة الميزانية من اهم المحطات التي يعيشها المجلس لانه وببساطة تتيح للنواب خاصة من المعارضة محاورة الحكومة حول برامجها خلال سنة ادارية في كل المستويات الاقتصادية والاجتماعية. اعتقد ان ما جاء في مشروع ميزانية السنة المقبلة لا يفي بالحاجة ولا يعبر عن متطلبات الناس حيث غابت الاجراءات الكفيلة بمكافحة الفساد والتهرب الجبائي، فيما غابت اجراءات لمساعدة صغار الفلاحين والبحارة من اجل تسديد ديونهم ، كما لم يتم التنصيص على قرارات او اقتراحات او حتى اجراءات لتحسين مردود الجباية «. وعند سؤاله عن سبب غياب اعتمادات مخصصة للهيئة المستقلة للانتخابات التي تمت المصادقة على قانونها الاساسي في ظل دعوة رئيس الحكومة حمادي الجبالي الى ضرورة اجراء الانتخابات يوم 30 جوان 2013 ، اجاب محدثنا:»لا يشكل عدم تخصيص اعتمادات لعمل هيئة الانتخابات اي معظلة او اشكال باي حال من الاحوال لانه بامكاننا الاعتماد على النفقات غير الموزعة او ما يعرف بالنفقات الطارئة في الميزانية لتغطية نفقات عمل الهيئة وهي متوفرة حاليا اي اننا لن نجد اي مشكل في خلق موارد مالية لهذه الهيئة».