الروائح الكريهة تنتشر في مستشفي قابس بسبب جثث المهاجرين    إغتصاب ومخدّرات.. الإطاحة بعصابة تستدرج الأطفال على "تيك توك"!!    عاجل : معهد الصحافة يقاطع هذه المؤسسة    الترجي يقرّر منع مسؤوليه ولاعبيه من التصريحات الإعلامية    هذه الأغنية التونسية تحتل المركز الثامن ضمن أفضل أغاني القرن 21    التمديد في سنّ التقاعد بالقطاع الخاص يهدف الى توحيد الأنظمة بين العام والخاص    شوقي الطبيب يرفع إضرابه عن الطعام    عاجل/ إستقالة هيثم زنّاد من ادارة ديوان التجارة.. ومرصد رقابة يكشف الأسباب    البنك المركزي يعلن ادراج مؤسستين في قائمة المنخرطين في نظام المقاصة الالكترونية    انتخابات جامعة كرة القدم: قائمة بن تقيّة تستأنف قرار لجنة الانتخابات    تواصل غلق معبر راس جدير واكتظاظ كبير على مستوى معبر ذهيبة وازن    تونس: مرضى السرطان يعانون من نقص الأدوية    لاعب سان جيرمان لوكاس هيرنانديز يغيب عن لقاء اياب نصف نهائي ابطال اوروبا    من بينهم مساجين: تمتيع 500 تلميذ باجراءات استثنائية خلال الباكالوريا    أتلتيكو مدريد يقترب من التعاقد مع لاعب ريال مدريد سيبايوس    الرابطة الأولى: نجم المتلوي يرفع قضية عدلية ضد حكم مواجهة النادي البنزرتي    مدنين: بحّارة جرجيس يقرّرون استئناف نشاط صيد القمبري بعد مراجعة تسعيرة البيع بالجملة    رئيس لجنة الشباب والرياضة : تعديل قانون مكافحة المنشطات ورفع العقوبة وارد جدا    بنزرت: تنفيذ قرارات هدم وإزالة لاسوار واعمدة خرسانية    عاجل/ الشرطة الأمريكية تقتحم جامعة كاليفورنيا وتعتقل أغلب الطلبة المعتصمين    مجددا بعد اسبوعين.. الأمطار تشل الحركة في الإمارات    هام/ الترفيع في أسعار 320 صنفا من الأدوية.. وهذه قيمة الزيادة    وزير الشؤون الاجتماعية يزف بشرى لمن يريد الحصول على قرض سكني    عبد المجيد القوبنطيني: " ماهوش وقت نتائج في النجم الساحلي .. لأن هذا الخطر يهدد الفريق " (فيديو)    اليوم: جلسة تفاوض بين جامعة الثانوي ووزارة التربية    جبنيانة: الكشف عن ورشة لصنع القوارب البحرية ماالقصة ؟    صفاقس_ساقية الدائر: إخماد حريق بمصنع نجارة.    عين زغوان: حادث مرور يسفر عن وفاة مترجل وبتر ساق آخر    4 حالات وفاة في شهرين:طبيب بيطري يحذّر من انتشار داء الكلب في صفوف التونسيين.    وزيرة التربية: ''المقاطعة تساوي الإقتطاع...تسالني فلوس نخلّصك تتغيّب نقصّلك''    وزارة التجارة تنشر حصيلة نشاط المراقبة الاقتصادية خلال الأربعة أشهر الأولى من سنة 2024    المغازة العامة تتألق وتزيد رقم معاملاتها ب 7.2%    الحماية المدنية: 9حالة وفاة و341 إصابة خلال 24ساعة.    حادث مرور قاتل بسيدي بوزيد..    الأساتذة النواب: ندعو رئيس الدولة إلى التدخل    غرفة تجّار لحوم الدواجن: هذه الجهة مسؤولة عن الترفيع في الأسعار    وفاة الروائي الأميركي بول أستر    الحبيب جغام ... وفاء للثقافة والمصدح    وفاة الممثل عبد الله الشاهد    أبرز اهتمامات الصحف التونسية ليوم الخميس 2 ماي 2024    تونس تشهد تنظيم معرضين متخصّصين في "صناعة النفط" و"النقل واللوجستك"    24 ألف وحدة اقتصاديّة تحدث سنويّا.. النسيج المؤسّساتي يتعزّز    يهم التونسيين : حيل منزلية فعالة للتخلص من الناموس    نَذَرْتُ قَلْبِي (ذات يوم أصابته جفوةُ الزّمان فكتب)    مصطفى الفارسي أعطى القصة هوية تونسية    المهرجان الدولي للثقافة والفنون دورة شاعر الشعب محمود بيرم التونسي .. من الحلم إلى الإنجاز    بطولة مدريد المفتوحة للتنس: روبليف يقصي ألكاراز    حالة الطقس ليوم الخميس 02 ماي 2024    محمد بوحوش يكتب .. صرخة لأجل الكتاب وصرختان لأجل الكاتب    عاجل : سحب عصير تفاح شهير من الأسواق العالمية    وفاة حسنة البشارية أيقونة الفن الصحراوي الجزائري    مايكروسوفت تكشف عن أكبر استثمار في تاريخها في ماليزيا    مندوب روسيا لدى الامم المتحدة يدعو إلى التحقيق في مسألة المقابر الجماعية بغزة    طيران الكيان الصهيوني يشن غارات على جنوب لبنان    المرسى.. الاطاحة بمنحرفين يروّجان الأقراص المخدّرة    مدينة العلوم بتونس تنظم سهرة فلكية يوم 18 ماي القادم حول وضعية الكواكب في دورانها حول الشمس    القيروان: إطلاق مشروع "رايت آب" لرفع الوعي لدى الشباب بشأن صحتهم الجنسية والانجابية    يوم 18 ماي: مدينة العلوم تنظّم سهرة فلكية حول وضعية الكواكب في دورانها حول الشّمس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شمال يحتوى على مدخرات مائية هامة.. ووسط وجنوب يعيشان العطش
تحقيقات جهوية :الموارد المائية في تونس والحاجيات
نشر في الصباح يوم 18 - 12 - 2012

جهات داخلية عديدة مازالت في حاجة إلى الماء كشرط أساسي للعيش والتنمية - الجمعيات المائية لم تحقق الأهداف التي بعثت من أجلها وبرامج نشاطها لا يعكس حاجيات الجهات - ملف من إعداد: علي الزايدي وسعيدة الميساوي - مازالت عديد الجهات الداخلية تعيش على وقع العطش والنقص الكبير في التزود بالماء حيث لم تلب الشركة التونسية لتوزيع المياه حاجتها من هذه المادة الحيوية، ولم تطلها بعد جملة المشاريع الخاصة بتوفير الماء سواء عبر ما يعرف بالجمعيات المائية أو حفر الآبار السطحية منها والعميقة.
هذا الواقع الذي عليه عديد الجهات انعكس سلبا على حياة سكانها ومثل بالنسبة إليهم معاناة يومية وسفرات طويلة للحصول على الماء خاصة في فصل الصيف، لكن ولحد اليوم مازالت السلط الرسمية لا تولي هذا الجانب اهتماما كبيرا، ولا تقدر تلك الصعوبة التي يعانيها آلاف المواطنين. فهل يتركز الاهتمام ضمن منوال التنمية للعام القادم على هذا الجانب الذي من دونه لا يمكن الحديث عن استقرار لحياة جهات عديدة مازالت تنشد قطرة ماء؟

سيدي بوزيد
المجامع المائية مازالت تتخبط في العديد من أزماتها الداخلية
الإشكالات التي تمر بها الجمعيات أو المجامع المائية ما انفكت تزداد بعد الثورة، في غياب آلية مراقبة هياكل الإشراف المعنية من جهة وغياب وعي المنتفع بواجباته من جهة أخرى.
رئيس"مجمع التنمية والنجاح" بمنطقة "الإزيرق" من معتمدية "جلمة" شكري السمعلي تحدث ل"الصباح" فذكر أنه بتوليه حديثا مسؤولية تسيير المجمع واجه إرثا ثقيلا تعلق بسوء التسيير مما جعل هذه الجمعية المائية التي ينتفع منها قرابة 260 ساكنا تتخبط في مديونية ناهزت 6.600 دينار، وقد تم التمكن من تقليص هذا الدين ببلوغ نسبة استخلاص تقارب 30℅ وذلك بفضل تفهم المواطن لأهمية قيامه بواجبه دفعا لاستمرارية هذا الهيكل التنموي الذي يتدخل بشكل مباشر في عملية التنمية الفلاحية باعتبار أن"مجمع التنمية والنجاح" بهذه المنطقة يغطي نحو 120 هك سقوي.
وعن أبرز الإشكالات العالقة ذكر المسؤول الجمعياتي أن ظاهرة الربط العشوائي أو الاستغلال اللامشروع لخدمات الجمعية من قبل بعض المواطنين، قد استفحل بشكل لافت بعد الثورة، هذا بالإضافة إلى ضعف قانون الجمعيات لتضمنه عديد الثغرات التي تفتح الطريق أمام المتجاوزين على الرغم من اعتماد الهيئة المسيرة للمجمع المائي آليات التدخل القانوني ولكن بطريقة لينة، ذلك أنه يتم في مرحلة أولى التنبيه على المتجاوز ثم توجيه عدل تنفيذ في مرحلة ثانية وأخيرا التوجه للقضاء في صورة تعذر الصلح أو تجاوب المتجاوزين للقانون.
من جهته أفاد المندوب الجهوي للتنمية الفلاحية البشير الدالي في تعليقه على الإشكالات التي تعاني منها المجامع المائية، أن وضعيات هذه المنشآت ذات المصلحة العمومية تختلف باختلاف الصعوبات أو التحديات التي تواجهها من حيث القدرة المالية والكفاءة في التسيير وعقلية المستهلك ما بعد الثورة وغيرها من الروابط القانونية..
وأضاف أن عدد الجمعيات المائية بولاية سيدي بوزيد يناهز ال50 جمعية حضرت منها قرابة 10 جمعيات جلسات تقييم ومتابعة مؤخرا بهدف التشاور في اتجاه إعداد مراجعة متوازنة لقانون الجمعيات وذلك برعاية السلط المشرفة وهي تتفرق إلى3 هياكل(الفني والقانوني أو الإداري والمالي) حيث تتدخل كل من وزارات الفلاحة والداخلية والمالية لبعث الجمعيات ومتابعتها ومراقبتها.
وعرج المندوب الجهوي للفلاحة في معرض حديثه عن أداء المجامع المائية بالقول:"إن الركيزة الأساسية لنجاح عمل هذه المجامع هو احترام المواطن لواجبه ومطالبته بحقه بكيفية مشروعة في إشارة إلى تدهور سلوك المواطن في علاقته بهذه المنشآت بعد الثورة.
وفي انتظار تحسين هذه المنظومة بأكملها خصوصا في رافدها التنموي يبقى على الدولة من خلال مؤسساتها أن تضطلع بدورها رقابة وصيانة وفرضا للقانون، وعلى المنتفع بالماء؛هذه المادة الحيوية؛ أن يحترم واجباته وينضبط في خلاص ما تخلد بذمته من ديون لفائدة هذا المرفق العام."
نوفل اليوسفي

بنزرت
المديونية وقدم الشبكات أهم المشكلات
توجد بولاية بنزرت جمعيات مائية ذات شخصية معنوية تخضع لإشراف وزارة الفلاحة، منها ما تقوم بتنظيم التزود بالماء الصالح للشراب في المناطق الريفية نظرا للتشتت السكاني ومنها ما تقوم بالإشراف على عملية ري المساحات الفلاحية التي تغطي منطقة نفوذها...
بين هذا وذاك تعيش هذه الجمعيات عديد الصعوبات التي أثرت على نشاطها. لذا نحاول في التحقيق التالي تسليط الضوء على الجمعية المائية بمنطقة"تمرة" من معتمدية "سجنان" التي تهتم بتزويد المتساكنين بالماء الصالح للشراب ونظيرتها ب"عوسجة" من معتمدية غار الملح التي تهتم بالقطاع السقوي بالمنطقة.
"تمرة" في معتمدية سجنان
عطب مزمن للشبكة يحكم على السكان بالعطش
في منطقة "تمرة" تعاني الجمعية المائية التي يشرف عليها بلقاسم السحباني من مشكل مزمن يتمثل في عطب أصاب قنوات المياه المرتبطة بالبئر الوحيدة في المنطقة؛ ورغم نداءات السكان وضغطهم عبر احتجاجاتهم المتنوعة فإنه لم يتم إصلاحه. وقد زادت الأمور سوءا مؤخرا؛ إذ تم قطع الماء الصالح للشراب على المنطقة نظرا لعدم سداد ديون متخلدة بذمة الجمعية تجاه الشركات المتدخلة. وقد نوه بلقاسم بإدارة منجم" تمرة" التي قامت في مناسبة سابقة بدفع مبلغ 465 د لسداد دين سابق لكن رفض المتساكنين لدفع المعلوم الرمزي2.500 د أعاد الأمور إلى وضعها الأول وبقيت المنطقة تقاسي العطش. وختم محدثنا أنه الآن في طريقه إلى جبل بالمنطقة للتزود من نبع مياه طبيعي بما يحتاجه لاستهلاكه العائلي.
"عوسجة" في معتمدية غار الملح
سعر الماء من نار والفلاحة السقويّة في طريقها للاندثار
أما في منطقة"عوسجة" فالمشكل أعمق والجمعية المائية بالمنطقة توزع مياه الري للفلاحين الذين يستغلون قرابة620 هك تعاني من مشاكل عديدة..
يقول جمال السعداوي رئيس الجمعية إن البنية الأساسية وشبكة توزيع المياه موجودتان منذ ثمانينات القرن الماضي ولكن أصابهما التآكل إضافة إلى غياب العدادات التي تدون الاستهلاك الحقيقي لكل مزارع مما جعل الجمعية تضطر لاعتماد نظام تقديري نتج عنه العجز المادي للجمعية الذي أصبح يتفاقم يوما بعد يوم.
إن السبب الرئيسي لمتاعب الجمعية والفلاحين بالمنطقة حسب محدثنا هو غلاء سعر المتر المكعب من الماء وهو في حدود140 مليم؛ فسقي هكتار من القنارية يتكلف على الفلاح قرابة 1.200 د فيما نظيره من البطاطا قرابة 600د وهو ما جعل المساحات المزروعة تتقلص بشكل مخيف إلى أن وصلت هذه السنة الى30 هك فقط من 620 هك ممكن زراعتها.
جمال السعداوي لم يكتف بعرض الحالة بل قدم حلولا يراها ناجعة لإصلاح الوضعية الحالية من ذلك إعفاء الجمعيات المائية من ديونها السابقة وتحسين الشبكات وصيانتها دوريا إضافة إلى وضع عداد استهلاك لكل منتفع بمياه الري. وأكد خاصة على مراجعة سعر البيع للمتر المكعب الواحد الذي عزا ثمنه المرتفع إلى كثرة المتدخلين في عملية التزود وتوزيع مياه الري.
ومما سبق يبدو أن الجمعيات المائية في ولاية بنزرت مهما كان مجال تدخلها في مجال الماء الصالح للشراب أو مياه الري تعاني تقريبا من نفس المشاكل(عجز مزمن.. ديون غير مستخلصة من المستهلكين وغياب آليات لذلك إضافة إلى قدم شبكات توزيع المياه التي تحتاج الى صيانة عاجلة).
ساسي الطرابلسي

باجة
مجامع الماء الصالح للشراب تحتاج إلى مزيد التفعيل
يبلغ عدد المجامع المائية بولاية باجة حسب المصادر الرسمية 78مجمعا ينتفع بخدمتها80.552 مواطنا ويعود تاريخ أقدمها إلى سنة 1990(قصر مزوار بباجة الشمالية و"بورويس" من معتمدية"عمدون") وأحدثها إلى سنة2010(قصر حديد واليسر2 بباجة الجنوبية) أربعة منها لم تدخل حيز النشاط لأسباب مختلفة والمجامع موزعة على المعتمديات كالتالي: (11 بباجة الشمالية)و(08 بباجة الجنوبية) و(11 بعمدون) و(18بنفزة) و(09 بقبلاط) و(06 بتستور) و(02 بتيبار) و(02 بتبرسق) و(07 بمجاز الباب) وتشرف عليها هيئات تسيرها؛ بعضها وقتي وبعضها منتخب بصفة رسمية.
ونظرا للتراكمات المتعددة فقد شهد الاقبال على تسييرها تراجعا ملحوظا وخصوصا بعد14 جانفي2011؛ ورغم محاولة تجديد هذه الهيئات والدفع بالمجامع نحو تجاوز عجزها والقيام بدورها الحقيقي إلا ان مستوى التسيير فيها ظل يراوح بين الغياب التام والضعف وفي أقصى الحالات ينال درجة متوسط حسب تقديرات الجهات الرسمية؛ في حين تشترك أغلب هذه المجامع، إن لم نقل كلها، في العجز المالي وتراكم المديونية المقدرة، إلى حدود شهر أوت 2012، بحوالي780 ألف دينار لفائدة الشركة التونسية للكهرباء والغاز والشركة التونسية لاستغلال وتوزيع المياه بدرجات متفاوتة تتراوح بين 1.164 مليما(حيدوس بمجاز الباب) وقرابة 10 آلاف دينار ( ب"وزنّة" من معتمدية نفزة(.
وتتلخص أهم إشكاليات هذه المجامع في أسباب تقنية(كثرة الأعطاب وضعف المضخات ونقص مستوى الآبار وضعف في تدفق ماء"الصوناد"وعدم الكهربة وانعدام الصيانة الدورية...) وإشكاليات تسييرها (غياب الهيئات وضعف تسييرها وعدم الخلاص...) وإشكاليات اجتماعية (تحكم بعض الأفراد في الضخ بحكم مرور الشبكة بضيعاتهم والإفراط في الاستهلاك من قبل أصحاب المداجن وعدم التزام المنتفعين بالخلاص والربط غير المرخص فيه واستعمال المياه للري عوضا عن الشرب) كما يرفض بعض المتساكنين إمكانيات التزود عن طريق المجامع ويرغبون في التزود عن طريق الشركة التونسية لاستغلال وتوزيع المياه.
كل هذه الإشكاليات تحصيها الجهات الرسمية بوضوح لكن الوصول إلى تجاوزها بات من الصعوبة بمكان لأن القرار ما زال يتأرجح بين إعادة هيكلة القديم وغياب الاختيار الأمثل لتعويض المنظومة المائية الريفية بما يستجيب لحاجيات المواطنين ويتناسب مع متطلبات عيشهم.
بعض المواطنين يرون أن هذه المنظومة لم تعد تفي بالحاجة وعلى الدولة تحمل مسؤولياتها في إدارة الشأن العام وفق مقاييس جديدة لأن أغلب المشاريع التنموية السابقة كانت تمارس فيها السياسة أكثر مما تمارس فيها حاجيات الناس؛ ناهيك أن العديد من الحنفيات نصبت وزينت بالمرمر ودشنت لكنها ظلت صورة كاذبة لا تنزل إليها عطشى العصافير؛ لذلك يطالب أغلب العارفين بضرورة تركيز "صوناد ريفي"أو خوصصة المنظومة عبر كراس شروط دقيق من شأنه أن يخلق فرصا للعمل مع توفير جهاز مراقبة إداري صارم والحفاظ على الأسعار المعمول بها وتجديد شبكات الربط وحمايتها من المتدخلين العشوائيين؛ وفي صورة استمرار المنظومة الحالية يرى البعض الآخر وجوب تشديد المراقبة على التصرف المالي داخل المجامع ولا بد أن يكون صارما من قبل المندوبيات الفلاحية لا عن طريق الأمانات الجهوية للمال التي تدقق في الحسابات والأرقام بكل جدارة لكنها قد لا تتفطن لبعض التفاصيل التي يتسرب منها فساد المفسدين.
بعض النجاحات يرويها أصحابها:علي المستوري رئيس المجمع المائي ب"عين بوخاتم" ب"خرقالية" من معتمدية" نفزة" يرى أن التصرف في هذه المجامع يرتبط بدرجة وعي المستفيدين وتجانس مصالحهم وتقارب إمكانياتهم؛ ورغم أن المجمع الذي يشرف عليه يعتمد أساسا على عين محلية غير مكهربة فإنه حافظ على توازنه منذ 2003 يتزود منه 6 "دواوير" بدرجات متفاوتة ولم تتأثر بما تأثر به غيرها أثناء الثورة بل شهدت استقرارا ساهم فيه بعض عمال الحضائر الذين عملوا على حمايتها بعد التحاقهم بحضائر الغابات لكنه في نهاية الأمر يرى أن المجامع في صيغتها الأصلية جمعيات ذات صبغة تنموية تدافع أصلا عن مصالح المتساكنين وتسهم في تنمية مواردهم المحلية وتساعدهم على الاستقرار لذلك من واجب الدولة أن تلعب فيها الدور التنموي الحقيقي من خلال أجهزتها المختلفة وخصوصا من المندوبيات وتركيز خدمات تستجيب لخصوصيات كل جهة بمقابل مدروس ورؤية عادلة متبصرة.
وأمام ما يشهده العالم من شحّ في الموارد المائية أو ما يسمى بالحرب المائية في العالم يشهد قطاع المياه الريفية ضربا من ضروب التسيب سواء في التصرف او في المراقبة أو في عدم الدقة في التخطيط بما جعل عديد المناطق بولاية باجة تعيش مساحات من العطش برزت خصوصا بعد الثورة وترتبت عنها اعتصامات وقطع للطرق واحتجاز لموظفين تابعين للمندوبية الجهوية للفلاحة وظلت الصورة ضبابية لا تتحدد فيها المسؤوليات بدقة فالذئب جوعان والراعي يشتكي والقطيع يتناقص ويبدو أنه قد آن الأوان لتجاوز هذه الأزمة بتخطيط بيّن وقرار حاسم خصوصا وباجة توفر حوالي45 % من الثروة المائية بالبلاد التونسية مخزنة بمسطحاتها المائية المختلفة.
المنصف العجرودي

قبلي
الجمعيات المائية لا تستجيب لحاجيات الجهة من مياه الري والشرب
تعتبر ولاية قبلي منطقة فلاحية بامتياز وتمثل الجمعيات المائية عنصرا مهما في تطوير وتنظيم القطاع الفلاحي خاصة ان الجهة تعاني من نقص فادح في مياه ري الواحات بمختلف معتمديات الجهة.
ويبلغ عدد الجمعيات المائية بقبلي نحو المائة جمعية عانت كما اكده العديد من فلاحي الجهة من سوء التصرف وانعدام التوزيع العادل والمنظم لكميات الماء التي خضعت عادة للمحسوبية والعروشية والغلاء المتزايد لساعات الري بسبب ارتفاع فاتورة الكهرباء علما انه وقع تجديد العديد منها بعد الثورة ولكنها لم تشهد تغييرا كبيرا في عملها والتصرف فيها مثلما بين ذلك مسؤول بمندوبية الفلاحة بقبلي باعتبارها مازالت تفتقد الى التصرف الرشيد؛ لهذا يبقى طلبا تم التاكيد عليه في عدد من الوقفات الاحتجاجية التي نظمها فلاحو بعض المعتمديات مطالبين بضرورة محاسبة الهيئات المتخلية وهو طلب مشروع في ظل الديون المتراكمة التي تخلدت بذمتها والتي ارجعها البعض ممن سيروا هذه الجمعيات إلى عدم خلاص عديد الفلاحين لديونهم والغلاء الكبير لفاتورة الكهرباء.
لكن في المقابل بقي تدخل وزارة الفلاحة ضعيفا في ارشاد وتوجيه هذه الجمعيات وكذلك في تواصل غياب الدور الرئيسي للاتحاد الجهوي للفلاحين بالجهة بعد الثورة وفي التأطير والتنسيق وغياب دوره كمدافع رئيسي عن مشاغل الفلاحين.
هذا وأعطى انشاء اول محطة توليد الكهرباء باستعمال الطاقة الكهروضوئية لضخ مياه الري مؤخرا بمنطقة "ام الصمعة "ب" سوق الاحد"املا للفلاحين والجمعيات ان وقع تعميمها بالجهة باعتباره سيخفض من فاتورة الكهرباء.
لزهر الحشاني

خطة تنمية الموارد المائية
لتحقيق أهداف التنمية المائية تمّ ضبط جملة من الإجراءات تنحصر في الإنجازات المستقبلية التالية:
تعبئة كل الموارد المائية السطحية الممكن تعبئتها.
إستغلال كل الموارد المائية الجوفية المتاحة
العمل على استكشاف موارد مائية جديدة
تطبيق سياسة عامة للإقتصاد في الماء مع إستعمال المياه غير التقليدية كمياه الصرف الصحي المعالجة.
متابعة رصد نوعية المياه
تحسين التخزين الجوفي للمياه السطحية المتوفرة وذلك بالإعتماد على التغذية الإصطناعية للطبقات الجوفية.
البرنامج العام لإنجاز أهداف الإستراتيجية الوطنية لتنمية الموارد المائية
لقد تضمن هذا البرنامج الأشغال التالية:
إنجاز1150 بئر عميقة إستكشافية تمكّن من تعبئة 170 مم3 إضافية و1110 بئر إستغلال لإضافة 290 مم3.
إنجاز1300 بئر مراقبة لمتابعة أنجع للموارد المائية الجوفية
تطوير وتنمية شبكات القيس وتحسين طرق المتابعة والتقييم للموارد.
إنجاز21 سدا كبيرا
إنجاز203 سدودا جبليا
إنجاز1000 بحيرة جبلية
إحداث4000 منشأة لتغذية الطبقات الجوفية وفرش المياه.
وفي نطاق متابعة برنامج تعبئة الموارد المائية عملت الهياكل المعنية بالبلاد التونسية على إدماج سياسة تعتمد "إدارة الطلب على المياه" كهدف يتم الوصول إليه تدريجيا بالإجراءات الأساسية التالية:
ضبط نظام جديد لتسعير الماء في القطاعات المهمة لإستعمال الموارد المائية كقطاع الفلاحة وقطاع الماء الصالح للشراب وذلك بالعمل على تثمين الموارد المتاحة.
تنمية برامج الإقتصاد في الماء في نفس القطاعات.
إعتماد مبدأ "تشريك المنتفعين"بالمياه وذلك بإحداث المجامع ذات المصالح المشتركة وإحكام إدارتها.
تثمين المياه غير التقليدية بإستعمال كميات أكبر من المياه المستعملة المعالجة في المجال الفلاحي وتحلية المياه الجوفية المالحة.
حماية الموارد المائية والحفاظ عليها من التلوث بكلّ أنواعه وذلك بإنجاز برنامج شامل للصرف الصحي ومعالجة مياهه.
أهم الدراسات المنجزة في قطاع المياه بتونس
حتى تتمكن الهياكل المتدخلة في قطاع المياه من تطبيق وإنجاز الإستراتيجية الوطنية لتنمية وتعبئة الموارد المائية تم القيام بجملة من الدراسات أهمّها:
دراسة"الإقتصاد في الماء" وهي تهدف إلى وضع منهجية لإدارة الموارد المائية بحيث يمكن تلبية الطلب على المياه على الصعيد الوطني والجهوي خلال العشريات القادمة.
دراسة"إستراتيجية الموارد الطبيعية": وهي تهدف إلى تصور الإستغلال الرشيد والمستدام لكل الموارد الطبيعية للبلاد.
دراسة "إستراتيجية قطاع المياه على المدى البعيد(2030)" وهي تهدف إلى ضبط تطور العرض والطلب على المياه حتى أفق 2030 مع إقتراح جملة من الإجراءات تمكّن من تأخير اللجوء المكثف لإستعمال المياه غير التقليدية المكلّفة كتحلية مياه البحر.
دراسة "قطاع المياه" وتهدف هذه الدراسة المشتملة على عشرة محاور إلى تحليل المشاكل المرتبطة بإدارة الموارد المائية وإقتراح جملة من الإختيارات والمنهجيات التقنية والإقتصادية والمؤسساتية لضبط إستراتيجية مستقبلية لإدارة الموارد المائية.
وانبثقت عن هذه الدراسة توجهات عامّة تتمحور في اربع نقاط هامة :
إدارة "الطلب على المياه »
الإدارة المندمجة للموارد المائية
حماية الموارد المائية والحفاظ على المحيط
إدارة "الطلب على المياه »
بينت التجارب التي تم إجراؤها في عدة بلدان من العالم أن إدارة العرض وحدها دون اعتبار الطلب لا تساعد على أخذ القرارات الواجب اتخاذها بالقيام بالإستثمارات الناجعة.
وإذا أردنا أن نلخص هذا المحور فإن إدارة الطلب تنحصر في تصور لآليات تمكّن من التوفيق بين أهداف تكون مضادّة في مظهرها وهي : حماية المورد والوصول إلى الجدوى الإقتصادية مع العمل على العدالة الإجتماعية وضمان الأهداف السياسية.
هذه المعادلة الصعبة لايمكن حلّها إلاّ إذا تضاعفت الجهود من ناحية الإدارة من جهة والمستعملين من جهة أخرى مع اعتبار للوضع الطبيعي المعروف بمحدودية الموارد والإمكانيات.
الإدارة المندمجة للموارد المائية.
في هذا الإطار ونظرا للطبيعة غير المنتظمة لوجود المياه السطحية لابد من إستغلال الكميات المتوفرة في الفترات المطيرة وذلك بالتغذية الإصطناعية للطبقات الجوفية التي تقع تحت ضغط الإستنزاف في فترات الجفاف وكلّ ما ينجرّ عنه من إنخفاض في المناسيب المائية وتدهور لنوعية المياه.
أمّا عن اللجوء إلى الموارد غير التقليدية كالمياه المعالجة والمياه المحلاّة فلقد أصبح من الضروري برمجته والعمل على إدماجه.
إذن الهدف الأساسي للإدارة المندمجة للموارد المائية هو التوصل إلى استغلال كلّ مورد متاح دون اعتبار لمصدره مع العمل على توفير نوعية لكل استعمال وذلك بالحفاظ على الموارد كمّا وكيفا وتخصيص الميزانية اللازمة لذلك.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.