رغم اختلاف التصريحات حول انطلاقة عمل القطب القضائي الذي اعتزمت وزارة العدل إحداثه راجت معلومات تفيد بان الهيكل القضائي الجديد انطلق فعليا في عمله منذ أيام قليلة فيما تفيد تصريحات ممثلي وزارة العدل ان القطب انطلق في العمل على ملفات الفساد التي يفوق عددها ألف ملف منذ مدة وان الإشكال يبقى حول المقر الرسمي للقطب. لكن الجدل لم يقتصر على انطلاقة عمل القطب من عدمها بل امتدت إلى التساؤل حول ما جدوى إحداث هذا الهيكل القضائي؟ هل المحاكم الأخرى غير قادرة على الفصل في هذا النوع من القضايا المتعلقة بالفساد المالي؟ استغرب احمد الرحموني رئيس المرصد التونسي لاستقلال القضاء من انطلاقة عمل القطب القضائي قبل اختيار مقر له. وأكد الرحموني في حديثه ل "الصباح" ان تحفظاته على القطب لم تنشأ من وجود الفكرة نفسها لأنها في الأصل فكرة جيدة بما ان القطب سينظر في قضايا فساد لكن إحداث الأقطاب يأتي طبقا لاختصاصات وإجراءات ينظمها القانون في حين ان ما حصل في هذه الوضعية ان وزارة العدل قد أحدثت الهيكل الجديد بمقتضى قرارات غير منشورة وخارج اختصاصاتها. واعتبر ان هذه الهيئات يجب ان تتمتع بالاستقلالية في اختيار قضاتها وضبط اختصاصاتهم لكن في هذه الحالة تمّت تسمية القضاة طبقا لاعتبارات وزارة العدل وبالتالي فقد أصبح القطب نوعا من القضاء الخاص وليس القضاء المختصّ. وأكد ان النية من إحداث هذا الهيكل القضائي الجديد هو القيام بمحاكمات خاصة لرجال الأعمال المورّطين في قضايا فساد مالي خاصة بعد التصريحات الداعية إلى الإفراج الجماعي لرجال الأعمال ورفع تحجير السفر عنهم. ونبّه الرحموني في سياق حديثه الى ان إحداث القطب القضائي يسبق مشروع العدالة الانتقالية. التواجد في القطب ليس امتيازا فيما رأت روضة العبيدي رئيسة نقابة القضاة التونسيين ان إحداث الهيكل الجديد نتيجة الضغط المتواصل على القضاء والمطالبة بالتسريع في البت في قضايا الفساد المالي التي تورط فيها المخلوع والمقربون منه. وأبدت العبيدي تحفظها على المقاييس التي اعتمدتها الوزارة في التعيينات على رأس القطب علما ان هذا الهيكل يضم 15 قاضي تحقيق و5 قضاة نيابة عمومية مختصين، سيباشرون النظر في ملفات الفساد المالي، طبق القوانين الجاري بها العمل وتحت إشراف المحكمة الابتدائية بتونس. وأكدت ان التواجد في القطب ليس امتيازا بل هو تفرغ مجموعة من القضاة للنظر في ملفات فساد مالي. أكثر من ألف قضية على أنظار القطب جدير بالذكر ان القطب القضائي سينظر في أكثر من ألف قضية تشمل الرئيس السابق وأصهاره وأقاربه ومسؤولين سابقين ومن بين القضايا المذكورة أكثر من 500 قضية في الفساد المالي، وتمّ البت في 100 قضية صدرت بشأنها أحكام غيابية قابلة للاعتراض. كما تشمل هذه القضايا 1429 متهما 90 منهم موقوفون 61 في حالة فرار والبقية في حالة سراح.