القطب القضائي هو بمثابة محكمة خاصة يتولى النظر في قضايا الفساد المالي والإداري التي تورط فيها الرئيس المخلوع وزوجته وأقاربهما ووزراء ومسؤولون سابقون وموظفون، وقد رأى البعض أنه لا يمكن وخاصة في هذه الفترة الحديث عن تحقيق نتائج ايجابية لمكافحة الفساد في غياب الإرادة لإصلاح منظومة القضاء، فيما أعرب البعض الآخر عن تخوفه إزاء مصير ملفات الفساد خاصة وأن القطب القضائي وعلى حد تعبيره سيعمل تحت الإدارة المباشرة لوزارة العدل فيما اعتبره شق ثالث مجرد مناورة من وزارة العدل لتجميل صورتها..
1200 قضية فساد في القائمة حول هذا الموضوع أفادنا الفاضل السائحي مستشار بديوان وزير العدل أن القطب القضائي باشر عمله منذ الحركة القضائية وهو تابع للمحكمة الابتدائية بتونس وقد تم تعيين 10 قضاة تحقيق و5 ممثلين عن النيابة العمومية لمتابعة قضايا الفساد المالي التي تم الكشف عنها بعد 14 جانفي 2011 . ولاحظ السائحي أن عملية تعيين القضاة وممثلي النيابة العمومية لم تستند إلا الى المعايير الموضوعية التي تعتمد على الخبرة والكفاءة لا غير ولا وجود لتعيينات عشوائية أو مسقطة حيث تلقى المعينون تكوينا خاصا حول قضايا الفساد بالإضافة الى دورات تدريبية وذلك لتحقيق النجاعة، مضيفا أنه تم تمكينهم من آليات خاصة للتواصل مع وزارة المالية والبنك المركزي باعتبار التعقيدات التي يمكن أن تعترضهم خلال البحث في تلك الملفات. وحول عدد القضايا التي تعهد بها القطب القضائي أفادنا السائحي أن "1200 قضية فساد أحيلت على القطب منها قضايا تهم الرئيس المخلوع وأقاربه وأصهاره وزوجته ووزراء ما قبل 14 جانفي ومواطنون عاديون تعلقت بهم قضايا فساد."
القاضي أحمد الرحموني: "لا جدوى من إنشاء القطب" وفي نفس السياق أفادنا أحمد الرحموني الرئيس الشرفي لجمعية القضاة التونسيين ورئيس المرصد التونسي لاستقلال القضاء بأن القطب "القضائي هو هيكل جاء في سياق مسار العدالة الانتقالية مشيرا إلى أن فكرة القطب القضائي قد طرحت في ظل الحكومة الانتقالية غير أن الوقت لم يكن كافيا لتجسيدها ملاحظا أن فكرة القطب القضائي موجودة في نظم قضائية مقارنة يقع تنظيمها بمقتضى قوانين تتوفر فيها مجموعة من الضمانات على مستوى طرق انتداب القضاة واستقلالية الهيكل". وأكد الرئيس الشرفي لجمعية القضاة التونسيين بشأن هذا الموضوع"أن الجهة التي تتولى اختيار قضاة القطب لا ينبغي أن تكون وزارة العدل التي تتمسك بأنه امتدادا للمحكمة الإبتدائية وهنا يمكن الجزم أنه ليست هناك أية جدوى من إنشائه." ولاحظ الرحموني أن "القطب القضائي مادام تحت الإدارة المباشرة لوزارة العدل التي عينت القضاة الذين سيباشرون النظر في الملفات التي أحيلت عليه فأتصور أن هذا الهيكل سيواجه العديد من العوائق لأنه ليس هكذا يقع بناء مؤسسة متكاملة تريد أن تكسب الثقة وتعمل على تكريس مبدأ استقلالية القضاء."
الأستاذ فتحي العيوني: "القطب القضائي مطلب أساسي للثورة" قال عضو الهيئة الوطنية للمحامين الأستاذ فتحي العيوني إن:"القطب القضائي بادرة ايجابية جدا وهو أحد المطالب الأساسية للثورة باعتبار أن ملفات الفساد في النظام السابق عديدة وضخمة ومعقدة مما يتطلب إطارا قضائيا متخصصا ومتفرغا حتى يمكن حصر القضايا ومتابعتها ومحاسبة المسؤولين فيها بأكبر قدر ممكن من النجاعة، ولأنه لا بد من إخراج هذه القضايا من دائرة المنظومة التقليدية للقضاء سواء على مستوى الإطار البشري أو على مستوى النصوص القانونية أو على مستوى الإجراءات المتبعة، باعتبار أن المرحلة التي تعيشها البلاد الآن لا يمكن تطبيق المنظومة القضائية التقليدية عليها لأنها منظومة لا تراعي مسار الشرعية الثورية الذي يفرض مجموعة من الإجراءات الخاصة".
الأستاذ شكري بلعيد: "لا يمكن الحديث عن قطب قضائي بمعزل عن سلطة وزير العدل" حول موضوع القطب القضائي أفادنا الأستاذ شكري بلعيد(بصفته محام) بأن"القطب القضائي كان من المطالب الملحة قبل الثورة حيث وقعت المطالبة بضرورة توفير"كادر قضائي" مختص من نيابة عمومية وقضاة تحقيق ودوائر جزائية تتفرغ فقط للقضايا المتعلقة بالفساد التعذيب والقتل والجرائم المرتكبة من طرف الدكتاتورية في نظام بن علي غير أنه وقع التراخي فيها وإلى الآن لم تتضح بشكل جدي ملامحها ولم توضع تحت تصرف القضاة الإمكانيات المادية واللوجستية والبشرية اللازمة ولم يتحدد لهذا القطب مجال عمله ولا آجال عمله ولم يتحدد الإطار القانوني له لذلك ظل قطبا معلقا سعت من خلاله وزارة العدل الى المناورة وربح الوقت وتزيين صورتها أكثر من أن تكون قد طرحت إنجاز القطب القضائي كواحد من استحقاقات الثورة". وأضاف الأستاذ بلعيد:"إنه لا يمكن الحديث عن قطب قضائي مستقل وجدي بمعزل عن تكريس استقلالية القضاء وتخليصه من سلطة وزير العدل" مضيفا "لنا قضاة مستقلين وليس لنا قضاء مستقلا".
الأستاذ مصطفى الصخري: "القطب القضائي خطوة في غير طريقها" حول موضوع القطب القضائي ومدى جدوى بعثه أفادنا الأستاذ مصطفى الصخري المحامي لدى التعقيب"أنه لا يمكن الحديث عن قطب قضائي ما لم يصدر أمر بالرائد الرسمي حيث كان من المفروض إصدار أمر بالرائد الرسمي في هذا الشأن وتعد هذه سابقة في تاريخ القضاء في تونس أن يقع تركيز قطب قضائي"، مضيفا:"لم يصدر قانونا يتعلق بمحاكمة هؤلاء المحسوبين على النظام البائد والمورطين في قضايا فساد مالي وكان من المفروض محاكمتهم بمحاكم عادية وليس تجنيد قضاة معينين للنظر في ملفاتهم". ولاحظ الأستاذ الصخري أن:"هذا الأمر يفسر ربما بحرص وزارة العدل على التسريع بفصل هذه القضايا ومحاكمة المتهمين فيها ولكن القاعدة القانونية قاعدة عامة ومجردة وتطبق على جميع الأشخاص وإفراد هؤلاء بمحكمة خاصة أمر لا يستقيم وكان بإمكان الوزارة تكثيف القضاة للنظر في تلك الملفات بالمحاكم العادية." وقال الأستاذ الصخري إنه:"لا وجود لنص قانوني يبرر فتح فرع بمحكمة تونس يسمى القطب القضائي لمحاكمة هؤلاء وهذا القطب قد يفتح بابا لعدة تأويلات من بينها محاكمة أولئك محاكمة خاصة." وختم الأستاذ الصخري بالقول:"لا أرى جدوى من محاكمة هؤلاء بقطب قضائي حيث أنه من شروط المحاكمة العادلة وجود قضاة متخصصين ولكن في تونس ليس لنا قضاة متخصصين والتونسي ينشد المحاكمة العادلة خاصة وأننا في مرحلة إنتقالية وحتى لا يقال اننا في مرحلة إنتقامية، وانشاء قطب قضائي خطوة غير مجدية وفي غير طريقها وكان من الأسلم محاكمة المتهمين في قضايا فساد مالي بالمحاكم العادية وأن يلقوا نفس المعاملة التي لقيها من سبقهم ممن تمت محاكمتهم من المحسوبين على النظام البائد وغيرهم."