تتالت التصريحات في المدة الاخيرة حول جدوى الاصلاحات الهيكلية لمنظومة الدعم في ظل الصعوبات الاقتصادية التي تواجهها البلاد وارتفاع الاسعار، حيث عبّر أكثر من مسؤول في الحكومة ان صندوق الدعم أصبح يستنزف ميزانية الدولة وبات يشهد ضغطا كبيرا على موارده في ظل التحولات الاقتصادية والعالمية، وشرعت وزارة المالية في اقتطاع نسبة 1 بالمائة من أجور ومداخيل الأشخاص الطبيعيين الذين يتجاوز دخلهم السنوي الصافي 20 ألف دينار في شكل إتاوة توظف لفائدة الصندوق العام للتعويض. وأثار قرار اقتطاع نسبة 1 بالمائة من الاجور جدلا وتساؤلات خاصة وان مسؤولين في الحكومة أكدوا ان هذا الاجراء يأتي في اطار تعديل الخلل الهيكلي لمنظومة الدعم من جهة ولترسيخ العدالة الاجتماعية والجبائية، في حين ترى بعض الاطراف ان هذا القرار هو اثقال لكاهل شريحة معينة على حساب اخر وخرق لمبدأ المساواة بين المواطنين. والسؤال المطروح في ظل اقرار هذا الاجراء هل تكون الاتاوة المفروضة على الاجور من بين الحلول لدعم صندوق الدعم ام خطوة في اطار سياسة لالغاء صندوق الدعم؟ تعديل أكدت وزارة المالية ان الإجراء الوارد بقانون المالية لسنة 2013 يندرج ضمن تعديل الخلل الهيكلي لمنظومة الدعم في بلادنا، فالدراسة الصادرة عن المعهد الوطني للإحصاء كشفت أن منظومة الدعم يجب أن تكون موجهة لذوي الدخل المحدود وضعاف الحال لا سيما أن هذه الفئة لا تتمتع سوى ب 15 بالمائة من حجم الدعم. وأوضح سليم بسباس كاتب الدولة للمالية في حكومة تصريف الأعمال إن اقتطاع 1 % من اجور ومداخيل الأشخاص الطبيعيين الذين يتجاوز دخلهم الشهري الصافي 1700 دينار يعد شكلا من اشكال التضامن الوطني وهو ضروري لترسيخ العدالة الاجتماعية والجبائية . واعتبر بسباس أنه أصبح لزاما على الفئات غير المستهدفة بالدعم أن تتحمل بدورها قسطا ولو قليلا من الدعم خاصة أن الدولة لم تعد تتحمل أعباء الدعم التي باتت تشكل ضغطا على صندوق الدعم باعتبار ان قيمتها وصلت إلى 4200 مليون دينار هذه السنة مما استوجب هذا الإجراء الذي يندرج في اطار تعديل الخلل الهيكلي لمنظومة الدعم . كما ذكر أن هذا الإجراء سيتواصل في السنوات القادمة حتى اصلاح الخلل الهيكلي لمنظومة الدعم واسترجاع توازنها مضيفا أن الإتاوة ستساهم في تعبئة 24 مليون دينار لفائدة الصندوق العام للتعويض وهو مبلغ لا يساوي سوى 0،5 بالمائة من اجمالي الدعم المرصود لسنة 2013 والمقدر ب 4200 مليون دينار. تواصل العمل بمنظومة الدعم ومن جهة اخرى أصدرت وزارة التجارة بلاغا نفت فيه مسألة إلغاء منظومة الدّعم وتضخيم أسعار البيع لبعض المواد على غرار الخبز والعجين والزيت وغيرها، وأكدت فيه أن العمل بمنظومة الدعم بالنسبة للمواد الغذائيّة الأساسيّة خاصّة مازال متواصلا ويخضع لنفس التراتيب السابقة. وأضافت الوزارة في نفس البلاغ، في المقابل تتواصل الدراسات من أجل إرساء منظومة تضمن إيصال الدعم لمستحقيه وبالتالي فإن الوزارة تؤكّد أنها تحافظ على نفس المنظومة المعمول بها في انتظار ما ستفرزه الدّراسات والإستشارات مع الفعاليّات الوطنيّة من منظمات وأحزاب سياسيّة ومجتمع مدني وما سيتمخّض عنها من إجماع وطني لإعتماد التمشي الأنسب لإصلاح المنظومة. اصلاحات هيكلية وتبعات اجتماعية وذكر المنجي الرحوي عضو المجلس الوطني التأسيسي عن حزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد أن الموارد المتأتية من اقتطاع 1 بالمائة من الاجور بالنسبة تعتبر طفيفة جدا لما يقع رصده لنفقات صندوق التعويض، وأضاف الرحوي من جهة اخرى أنّ صندوق النقد الدولي يحاول فرض نصائح من خلال القيام ببرنامج إصلاحات هيكلية على الاقتصاد التونسي يقضي بإلغاء صندوق الدعم في ظرف 3 سنوات والترفيع في الضغط الجبائي إضافة إلى مراجعة صناديق الجراية وصناديق التغطية الاجتماعيّة. وقال الرّحوي إنّ الحكومة تحاول الضغط على نواب التأسيسي لتمرير قانون الشراكة الذي لم يحظ باستشارة المجلس التأسيسي على حد تعبيره. وأوضح أنّ قانون الشراكة مع صندوق النقد الدولي سيتسبّب في جملة من الإجراءات لها تبعات اجتماعيّة خطيرة على مستوى المقدرة الشرائية للمواطن. موارد اضافية وبخصوص جدوى صندوق الدعم أكد فتحي النوري استاذ الاقتصاد بالجامعة التونسية في تصريح ل"الصباح" ان صندوق الدعم موجود في العالم ويعد هذا الاجراء محاولة لتوفير موارد اضافية جديدة في ظل ارتفاع المواد الاوليةالمستوردة،وصندوق الدعم يقوم بوظيفة تعديلية في اطار الحدّ من ارتفاع الأسعار وحماية القدرة الشرائية للمواطن، واعتبر النوري أن الدراسة التى اجراها المعهد الوطني للاحصاء كشفت ان الفئات المستهدفة بالدعم لا تتمتع سوى ب15 بالمائة من الدعم الموجه لها، مضيفا ان الحل يكمن في اعادة مراجعة منظومة الدعم وتوجيه الدعم الى مستحقيه بمعنى اعادة توزيع الثروة وفق لضوابط معقولة وبالتالي فالاشكالية في هذا المجال تتعلق بالفئات المستهدفة من هذا الدعم وليس في مسألة تمويله وتعبئته مشيرا الى ضرورة التفكير في سياسة تكون ذات نجاعة أكثر وذلك لتوجيه الدعم نحو مستحقيه من الفئات الضعيفة. وبخصوص مسألة اقتطاع وزارة المالية 1% من الاجور قال استاذ الاقتصاد ان معالجة المنظومة ليس باقتطاع 1% بل من المهم في الظرف الراهن ايجاد حلول جذرية فيما يخص توزيع الدعم الى الفئات المستحقة.