انتقد العديد من نواب المجلس الوطني التأسيسي بشدة في جلستهم العامة المنعقدة أمس بقصر باردو، تركيبة الهيئة الوقتية للقضاء العدلي المقترحة في مشروع القانون الأساسي المتعلق بإحداث هذه الهيئة، في حين يرى آخرون وخاصة نواب حركة النهضة والمؤتمر ضرورة أن تكون تلك التركيبة مختلطة، ويفسرون أن القضاء شأن عام لا يهم القضاة فحسب. كما طالب البعض خلال النقاش العام لهذا المشروع الذي سبق وأن سقط شهر أوت الماضي لعدم المصادقة على فصله الأول، بإعادة النظر في إعفاءات القضاة التي باشرها نور الدين البحيري وزير العدل في الحكومة السابقة، في حين شدد آخرون على ضرورة الإسراع في تطهير القضاء واعتبروا إبعاد القضاة الفاسدين مطلبا شعبيا من مطالب الثورة. وأمام تباين وجهات النظر إلى حد يبعث على القلق، وخشية تكرر المشهد "المؤسف" الذي عاشه المجلس الوطني التأسيسي الصائفة الماضية بعد فشله الذريع في إحداث هيئة وقتية مستقلة تشرف على القضاء العدلي، قال النائب سليم بن عبد السلام (الكتلة الديمقراطية) محذّرا:"إن المجلس ليس له الحق هذه المرة في الخطأ، وليس له الحق في تكرار ما حدث في أوت الماضي عندما سقط مشروع القانون الأساسي المحدث للهيئة".. وفي نفس السياق عبر النائب صالح شعيب (الاتحاد الوطني الحر) عن أسفه لسماع خطب رنانة تتغنى باستقلالية القضاء، من نواب سبق وأن رفضوا بشدة استقلالية الهيئة في المداولات السابقة حول مشروع القانون. وينص الفصل السادس من الباب الأول المتعلق بتركيبة الهيئة القضائية على أن هذه الهيئة تتركب من خمسة قضاة معينين بالصفة ومن عشرة قضاة منتخبين ومن خمسة أعضاء من غير القضاة كما يلي: الرئيس الأول لمحكمة التعقيب: رئيسا وكيل الدولة العام لدى محكمة التعقيب: عضو وكيل الدولة العام مدير المصالح العدلية: عضو المتفقد العام بوزارة العدل: عضو رئيس المحكمة العقارية: عضو أربعة قضاة منتخبين عن الرتبة الأولى ثلاثة قضاة منتخبين عن الرتبة الثانية ثلاثة قضاة منتخبين عن الرتبة الثالثة عضوين من المجلس الوطني التأسيسي من لجنة القضاء العدلي التأسيسية عضو عن الهيئة الوطنية للمحامين يقترحه مكتب الهيئة الوطنية للمحامين أحد الاساتذة الجامعيين يعينه رئيس الجمهورية ناشط حقوقي من المجتمع المدني يعينه رئيس الحكومة.
في وقفة احتجاجية أمام التأسيسي جمعية القضاة التونسيين تندّد بتركيبة هيئة القضاء العدلي قالت كلثوم كنو رئيسة جمعية القضاة التونسيين ل"الصباح" خلال الوقفة الاحتجاجية التي نظمتها الجمعية أمس أمام المجلس الوطني التأسيسي، إن الجمعية تعبر عن رفضها للتركيبة المقترحة في مشروع القانون الاساسي لإحداث هيئة تشرف على القضاء العدلي. وأضافت أن الهدف من تنظيم الوقفة التي شارك فيها قضاة ومواطنون هو تبليغ أصوات القضاة لنواب المجلس الذين هم بصدد مناقشة مشروع القانون وذلك بعد تنفيذ اضراب شامل فاقت نسبة نجاحه 95 بالمائة. وتتمثل المطالب أساسا في انشاء هيئة قضائية مستقلة لها صلاحية اعادة النظر في قرارات الاعفاء التي اتخذها وزير العدل السابق تكريسا لمبدإ المحاسبة طبق ضمانات حق الدفاع وحسب اجراءات المحاكمة العادلة، هيئة تحال لها صلاحيات وزير العدل المتعلقة بالمسار المهني للقضاة طبق القانون الأساسي للقضاة إلى الهيئة الوقتية مع إلغاء آلية الاعفاء نهائيا. ومن المطالب أيضا ضمان مبدإ مساواة القضاة في الترشح لعضوية الهيئة وتجنب استهداف نشاط القضاة داخل جمعية القضاة وحرمانهم من الترشح وتصنيفهم في نفس مرتبة القضاة المناشدين. كما طالبت كنو بتحييد تركيبة الهيئة عن أي تدخل سياسي وضمان عدم احياء المجلس الاعلى للقضاء المنحل الفاقد للشرعية والمشروعية وضمان اوسع تمثيلية للقضاة المنتخبين وإقرار مبدإ عدم نقلة القاضي دون رضاه..