أكد عبد الرحمان الادغم الوزير المعتمد لدى رئيس الحكومة المكلف بالحوكمة ومقاومة الفساد على ان إنجاح مسار الانتقال الديمقراطي يتطلب تكريس مبدإ الحياد والشفافية حتى يستعيد المواطن ثقته في الادارة التونسية. وقال أمس خلال ندوة وطنية عقدها الاتحاد التونسي للمرفق العام وحياد الادارة حول "حياد المرافق العمومية والانتقال الديمقراطي" ان الدول المتقدمة ادرجت مبدأ الحياد في دساتيرها نظرا لأهمية هذا المبدإ في حياة الدولة وسيرورتها واقترانه مباشرة بمبدإ المساواة باعتبار تكامل المبدأين في اقامة دولة ديمقراطية وضمانة لاستمرارية مؤسساتها. وشدد الوزير على ضرورة النأي بالادارة التونسية عن التجاذبات السياسية التى من شأنها ان تهدد سيرورتها حيث اوضح ان السياسي مطالب بخدمة الصالح العام والابتعاد عن التوظيف الحزبي للادارة. ومن جهة اخرى اعتبر الاستاذ الجامعي مصطفى بلطيف "ان مسالة حياد الادارة في المرحلة الانتقالية التي تشهدها بلادنا مرتبطة بالقطع مع الارث القائم على تبعية الادارة تجاه السلطة السياسية على اعتبار ان الفترة السابقة أضعفت حياد كبار المسؤولين الاداريين والموظفيين مما افقد ثقة المواطن في حياد الادارة" على حدّ قوله.وأكد استاذ القانون انه بعد الثورة سادت فكرة تحييد الادارة بشكل كبير بالتوازي مع الجدل القائم في الاونة الاخيرة على مستوى تحييد وزارات السيادة مشيرا الى ان المطلوب اليوم اعادة الادارة الى وظيفتها الرئيسية وتحويلها من ادارة السلطة الحاكمة الى ادارة خدمة المواطن والشأن العام. وبيّن بلطيف ان الانطباع العام الموجود حاليا تزايد بشكل واضح في الادارة التونسية خاصة في ظل التسميات والتعيينات الاخيرة وتوجه السلط الجديدة لانتاج ثقافة الحوكمة السابقة القائمة على السعي للتحكم فيها وتسييرها بمنطق الولاء والمحسوبية والانتماءات الحزبية. ومن جهته قال القاضي أحمد الصواب رئيس دائرة تعقيبية بالمحكمة الادارية انه لا يمكن الحديث عن حياد المؤسسة القضائية دون ان تكون مستقلة بشكل كامل عن السلطة التنفيذية مؤكدا في هذا الاطار ان المحكمة الادارية حرصت على تكريس مبدإ الحياد تجاه الاحزاب السياسية. واضاف ان وضعية القضاة غير مريحة في المرحلة الانتقالية بعد الاعفاءات الاخيرة التى طالت القضاة رغم هامش الحرية الذي اكتسبه المرفق القضائي ابان الثورة مبينا ان السلطة ضعّفت ونالت من حياد القضاء داعيا في المقابل القضاة الى التوحد والعمل على ارساء قضاء مستقل بعيدا عن التجاذبات السياسية. واشار الى الخروقات المسجلة في فترة النظام السابق ومع الحكومة الحالية في الإدارة التونسية سواء على مستوى الانتدابات أو التسميات والخطط الوظيفية موضحا ان التعيينات كانت سياسية بامتياز وعلى اساس الانتماءات الحزبية. ودعا إلى القطع مع هذه الممارسات وانتهاج مبدإ الكفاءة موضحا ان شرط انجاح مسار الانتقال الديمقراطي في بلادنا يتطلب العديد من الضمانات في العديد من المجالات التي تخص الاعلام والمرأة والقضاء والحق النقابي والمؤسسة الامنية الى جانب تكريس مبدإ الحياد والشفافية في الادارات العمومية.