حمّلت روضة العبيدي رئيسة نقابة القضاة التونسيين، أمس خلال ندوة صحفية، كامل المسؤولية للسيد مصطفى بن جعفر رئيس المجلس الوطني التأسيسي "للخرق الفاضح والواضح للنظام الداخلي للمجلس أثناء مناقشة مشروع القانون المتعلق بإحداث الهيئة الوقتية للقضاء العدلي من ناحية طريقة التداول ومن ناحية الغيابات المسجلة، وتأخر انطلاق الجلسات وما له من تأثير في إتمام المصادقة على المشاريع التي لها وقع كبير على تاريخ البلاد". ويتضح هذا الخرق من خلال تأجيل النظر في الفصل السادس المتعلق بتركيبة الهيئة ومواصلة مناقشة بقية الفصول بصفة متواترة وهو ما يُعدّ، على حد قول العبيدي، "تجاوزا خطيرا ذلك أن الفصل 90 من قانون النظام الداخلي ينصّ صراحة بأنه عند الإنتهاء من المناقشة العامة يقرر المجلس الوطني التأسيسي بأغلبية أعضائه الحاضرين الإنتقال إلى مناقشة الفصول بالتعاقب وبالتالي عدم تجاوز أي فصل من الفصول إلا بالمصادقة عليه، وفي حالة الخلاف يقع إعادة النظر في المشروع صلب لجنة التشريع العام، وغير ذلك تعتبر المسألة خرقا إجرائيا كبيرا للقانون" وبالتالي ذكرت العبيدي أن "الالتزام بالإجراءات له أهمية كبيرة التي تقوم على حسن صياغة التشريعات والتي بدورها تستند إلى التسلسل وهو روح القانون". وقالت:"التعامل بهذه الطريقة مع هذا القانون يخفي وراءه العديد من المسائل"، مضيفة أن "استثناء فصول عند المصادقة في انتظار أي اتفاقات غير واضحة أمام الشعب التونسي وخارج الجلسات العلنية يطرح العديد من نقاط الإستفهام" مؤكدة أن "خطر تمرير مثل هذا القانون لن يكون له تأثير على القضاة فحسب وإنما على جميع الناس وعلى مسار الإنتقال الديمقراطي بما في ذلك الإنتخابات المقبلة وعلى حرية الهيئات الدستورية وعلى حرية الأشخاص". وشددت رئيسة النقابة على أن القضاة التونسيون لن يتراجعوا عن هدفهم ومسارهم لتكريس قضاء مستقل مهما تعمد المجلس التأسيسي من إسقاط لهذا الفصل أو لغيره، وسيعمدون إلى التصعيد الذي سيتواصل عبر الدعوة إلى تنفيذ إضراب عام يومي17 و18 أفريل الجاري لتصل إلى حد عقد جلسات بيضاء وصولا إلى إضراب عام مفتوح. وذكرت رئيسة نقابة القضاة التونسيين أن"قضاة تونس اليوم نبهوا إلى خطورة هذا التمشي على مرفق العدالة التونسية وعلى استقلال المنظومة القضائية" معلنة عن "تمسكهم أكثر من أي وقت كان عن رفضهم لهذه التركيبة للهيئة" ومن ناحية أخرى أكدت العبيدي أنه مهما رُوج من أقاويل حول "وجود أطراف تسعى إلى إسقاط هذا القانون فإن النقابة تذكر أنه لم يقع يوما التمسك باستقلالية القضاء مثلما كان عليه الأمر اليوم في هذا الظرف وفي هذه الفترة وبالتالي فإن مسألة إحداث هيئة تشرف على القضاء العدلي لم تعد خيارا لا للمجلس الوطني التأسيسي ولا لأي طرف كان". مضيفة:"حتى في حالة عدم إحداثها فإنه لن يكون لوزير العدل ولا لأي طرف إمكانية القيام بالحركة القضائية لهذه السنة". كما شددت بأن مشروع القانون الحالي يؤسس لمرفق قضائي تابع لسلطة قضائية ولسلطة تشريعية وليس لمنظومة قضائية مستقلة كما سيفتح مجالا لتسييسه عبر وضع اليد عليه من قبل السلطة التشريعية والتنفيذية ومن قبل أطراف أخرى من خارج المنظومة، ذلك أن هذه الهيئة المزمع إحداثها -حسب تعريفها- ستتولى النظر في المسار المهني للقضاة، حيث تساءلت العبيدي ما دخل السياسيين في هذا الباب معتبرة ذلك طريق نحو تقنين مسألة "تسييس" القضاء التونسي.