متابعة لبرنامجها الذي حددته في بداية سنة 2013 والذي انطلق يوم 25 مارس الفارط قدمت جمعية المعهد الرشيدي بالاشتراك مع فرعها بسوسة أول أمس الجمعة بالمسرح البلدي بالعاصمة عرض:"مغاربيات، نماذج من المالوف المغاربي" وهو لمجموعة المالوف والتراث المغاربي الأندلسي بسوسة وذلك أمام جمهور مسكون على ما يبدو بحب الرشيدية مخلص لاسمها. فقد حضر الجمهور رغم ان فرع سوسة للمالوف لم يتكون إلا منذ مدة قصيرة لا تتجاوز الشهرين على أقصى تقدير ورغم ان الفنانين المغاربيين الذين شاركوا في العرض غير معروفين كثيرا عندنا ورغم ان- وهذا الأهم هذا الحفل تزامن مع حفل جمعية قرطاج للمالوف والموسيقى التونسية. التزامن والاختيار الصعب هذا التزامن لم يقلق الرشيدية حسب ما صرح به بعض أعضاء هيئة جمعية المعهد الرشيدي لكنه اقلق جمهور الرشيدية وعشاق المالوف وفن زياد غرسة لان هذا التزامن فرض على هذا الجمهور ان يختار وهو الذي عبر من قبل عن سعادة بهذا الحماس للمحافظة على المالوف التونسي وإعادة الروح إلى جواهره ولآلئه.. وجمهور المالوف لا يحب ان يختار بين جمعية المالوف وبين جمعية المعهد الرشيدي بل يريد ان يساهم بدوره في عملية الإحياء والمحافظة على الفن التونسي الأصيل وان لا يفوت على نفسه حفلا لزياد ولا عرضا يتضمن مراوحة بين المالوف التونسيوالجزائري والمغربي وما يجمع بين هذه الأنواع الثلاث من تراث أندلسي. الاختيار كان صعبا ولكن لا يمكن ان نوجه اللوم إلى أية جهة رغم ان برنامج جمعية المعهد الرشيدي معلوم وسبق ان نشر منذ أشهر ورغم ان برنامج جمعية قرطاج لا يتضمن حفلا بتاريخ 19 افريل. طبعا هذا التنافس سيعود بالخير على الفن التونسي وسيجعل المالوف يسري من جديد في عروق التونسيين وسيجلب المزيد من الشباب إلى العروض ولكن الخوف من ان يفسره البعض على انه من قبيل وضع "العصا في العجلة" والتنافس غير المتكافئ موجود وقد عبر عنه بعض الحاضرين من الجمهور المحايد والمتأسف على عدم التمكن من حضور حفل يقيمه زياد في الاكروبوليوم طبيعة الأمور ان يكون عمل الجمعيتين متكاملا متناغما ومتناسقا وهو ما يصر على إعلانه كل من زياد غرسة ومراد الصقلي وهما كثيرا ما يؤكدان للصحافة على ان الهدف واحد وهو إنقاذ ما يمكن إنقاذه كل من موقعه وعلى طريقته ثم الارتقاء بالفن التونسي حتى تستسيغه الأجيال وتحفظه من التلاشي والنسيان ولكن إذا اختار الطرفان التنافس بهذه الطريقة فهذا أيضا يمكن ان يعود بالفائدة على المالوف والموسيقى التونسية. علما بأننا ننزه شيخ المالوف الفنان زياد غرسة والمايسترو مراد الصقلي عن كل تصرف يمكن أن يثير سوء التفاهم او يفسّر خطا ونعرف ان التنسيق والتكامل جيد ولكن التنافس بين هذين الهرمين أيضا يعجبنا لأنه سيكون في صالح كل من يحب تونس وهو تنافس من قبيل" أمطري حيث شئت فان خراجك لي". الاختلاف في الجزئيات والأصل واحد تابعت "الصباح" إذن حفل المسرح البلدي بالعاصمة لأنه يدخل في إطارمشروع أطلقه المعهد الرشيدي وهو تكوين فروع للرشيدية داخل الجهات وتمكينها من تقديم قراءاتها للمالوف وفي هذا الإطار تم تقديم المالوف على الطريقة الصفاقسية مع الأسعد الزواري وفرقة أوتار المدينة وسيتم لاحقا التعرف على الرواية البنزرتية والتستورية والكافية للمالوف... هذا الحفل تابعه الجمهور في صمت واستطاع عازفو مجموعة المالوف المغاربي بسوسة ان يستحوذوا على الانتباه حتى خيّل للبعض أنهم يتابعون درسا في الموسيقى رغم ان هذه المجموعة تكونت سنة 2000 ورغم ان جمعية المالوف المغاربي تمثل فرعا للرشيدية مازال وليدا ولكنه على كل حال سبق لها أن شاركت مرات عديدة في المهرجان الدولي للمالوف والموسيقى الأندلسية في الجزائر وتم الاختيار عليها لتمثل تونس في الجوق المغاربي الذي يضم 50 عازفا من المغرب والجزائروتونس لينفذوا وصلات من المالوف في البلدان المغاربية الثلاثة في طرح يرمي إلى أثبات أن المالوف وان اختلف من حيث الجزئيات فانه يتشابه لان الأصل واحد وهو المالوف الأندلسي. ومجموعة المالوف المغاربي بسوسة يقودها الأستاذ فتحي بو سنينة وتضم أساتذة وإطارات جمعهم حبهم للعزف وللتراث التونسي والمالوف. مالوف تنوع وثراء برنامج السهرة كان ثريا ومرضيا حسب تعبير بعض أعضاء الهيئة المديرة لجمعية المعهد الرشيدي وتصفيق الجمهور الذي استطاع ان يكون فكرة عن مواطن التشابه والاختلاف بين المالوف التونسيوالجزائري والمغربي حيث كانت الانطلاقة بنوبة الذيل وهي تونسية تلتها نوبة مغاربية في مقامات الأصبعين مع الزيدان الجزائري والحجاز الكبير وقد أثرت مساهمة عازفة الالتو منال شيبان وعازف المندولين (الصنيترة) الجزائريان وإنشاد المغربي ياسين طاهري العرض. واستمع الحضور أيضا إلى نوبات -بذمام الهوى أيها الساقي- الهوى ذل الأسود متى نستريح بعد الديار -طوير المسرار- اتق الله - من المالوف الجزائري الذي أدته الفنانة منال شيباني ومن المالوف المغربي غنى العازفون والذي انشاك لحبيبي ارسل سلاما لاش يا عذاب القلوب كحلت سحر العيون لقيت حبيبي- زارني المليح ما الغرام- امش يا رسول أما من تونس فقد استمع الحاضرون إلى رواية جهة سوسة ل:" سلم على وبعد النفرمونسي. خلال العرض وبعده أكدت مجموعة المالوف المغاربي بسوسة على عزمها على إعادة "الماندولين"إلى التخت التونسي ودعت إلى برمجة عروض المالوف في المهرجانات الصيفية نظرا لما لمسته من نجاح العروض وإقبال الجمهور.