عبرت الممثلة وجيهة الجندوبي عن استيائها من تردي الأوضاع في تونس اليوم على جميع الأصعدة حسب رأيها، واعتبرتة انه من العيب أن تتسع دائرة الفقر والاحتياج وتفشي الفساد في المجتمع التونسي، بعد ثورة الحرية والكرامة التي راح ضحيتها شهداء أبرياء وعصفت بنظام ظالم فاسد ، فضلا عن تأزّم الوضع في الساحة الثقافية في ظل العودة بقوة إلى انتهاج سياسة "الصنصرة" والهرسلة وعمليات الترهيب والرعب التي يعيشها الفنان في تونس اليوم وانتقدت محدثتنا سياسة وزارة الثقافة في تعاطيها مع الفعل الثقافي والقائمين به واصفة إياها بأنها تكريس سياسة ما قبل ثورة 14 جانفي المبنية على المحسوبية والتهميش للشباب والطاقات والمواهب المبدعة واعتماد سياسة المكيالين في الدعم والإنتاج واعتبرت مهرجان قرطاج الدولي في دورته لهذا العام دليلا يثبت صحة كلامها. وجيهة الجندوبي تحدثت ل"الصباح" أيضا عن مشاركتها المتميزة في المهرجانات الصيفية بمسرحيتها الجديدة "العفشة mon amour" التي جمعتها بالمرخج الشاذلي العرفاوي وعن غيرها من المسائل الأخرى في الحوار التالي: كيف وجدت جمهورك في الوان وومن شو" العفشة مون أمور(mon amour)" خاصة أن هذا العمل المسرحي الجديد شارك في عديد المهرجانات والتظاهرات خلال هذه الصائفة؟ - أعترف أني بعد نجاحي في الأعمال الدرامية في التلفزة منذ أكثر من عقد لم أتمكن من العودة للعمل في المسرح إلا في السنوات الأخيرة. ثم أن"الوان مان شو" ليس جديدا بالنسبة لي بل سبق أن خضت تجارب سابقة وأعتقد أنها كانت ناجحة. لذلك وجدت تجاوبا كبيرا بيني وبين الجمهور في كل العروض في كامل الجهات التي قدمت فيها صحبة فريق العمل بقيادة المسرحي القدير الشاذلي العرفاوي في هذه التجربة الثانية التي تجمعني به. فأنا راضية على هذا العمل وعلى ردود فعل الجمهور التي استحسنت العرض دون تكلف ألَم تخْشَي من ردود الأفعال التي تقارن بينك وبين المسرحيين الذين قدموا "وان مان شو" لا سيما أن هذا النمط يعتبره البعض استسهالا للفن الرابع رهانه الربح المادي وملء قاعات العروض لا غير؟ - أنا أختار أعمالي والأشخاص الذين أتعامل معهم. ولا أسعى للربح المادي لذلك دائمة تجدينني حريصة على ألا أسقط في الاستسهال والابتذال ثم أن توجهي في خياراتي وأعمالي يختزل المستوى ونوعية الأعمال التي أقدمها. لأني لا أراهن على الشكل وإنما على"الآن وهنا" أي على المضمون الذي عادة ما يكون قراءة لوضعية بلادي وللقضايا المطروحة فيه. كما أني أسعى لملاقاة الجمهور والنقاد في شكل جديد يتمثل في توظيف التقنيات الجديدة على غرار الفيديو وغيرها إذ يكفي أن أذكر أني تعاملت مع أسماء تمثل تجارب ومدارس مختلفة ومن بينها لسعد بن عبد الله وهشام رستم وعبد الوهاب الجمني والشاذلي العرفاوي من المتعارف عليه أن المسرح ثائر بطبعه، فأين وجيهة الجندوبي من تونس ما بعد ثورة 14 جانفي؟ - صحيح أني أؤمن بأن المسرح هام جدا في حياة الشعوب والأفراد لأنه سلاح ضد الجهل والركح عالم سحري آخر قليلون هم الذين من الفنانين من ينجحون في حمل الجمهور إليه وتشريكهم في الهاجس أو الحلم أو الرسالة التي يجسدونها في العرض. لذلك أنا أقدس هذا المكان واحرص على احترامه وعدم التلاعب به. كما لا أستطيع أن أكون خارج دائرة الثورية أو شعار الفن الرابع لذلك فإن أغلب الأعمال التي قدمتها تعري وتفضح مشاكل المجتمع لأني من وسط هذا الشعب أشاركه همومه معاناته. وما نجاح مسرحيتي الأخيرة إلا دليل على أن ما أطرحه على الركح هو عبارة عن محاولة لمشاركة المتفرج، من مختلف الأوساط، مشاكله وهواجسه هل أن المراهنة على الجمع بين الفني والثقافي والتجاري في هذه المسرحية الجديدة كان السبب لعدم التقدم للحصول على دعم من وزارة الثقافة؟ - حقيقة لم تنفعني وزارة الثقافة في أي شيء. لذلك قررت الابتعاد والتعويل على الذات في أعمالي مع الفريق المتكامل الذي أعمل معه. لأن الدعم والمساعدة على الانتاج لاتزال تمنح حسب مقياس المحسوبية وغيرها من مقاييس تهميش الابداع ليحظى بها أشخاص معينين دون غيرهم في حين تتواصل سياسة تهميش الشبان والمبدعين الهواة. إذ يكفي العودة إلى مهرجان قرطاج الدولي لهذا العام لمعرفة أن سياسة وزارة الثقافة لم تتغير لا بل عملت على تكريس ما كان من قبل يدور في الخفاء. لذلك أدعو سلطة الإشراف إلى مراجعة مسألة الدعم والى ان تلتفت أكثر إلى الشباب الحالم بعد تخرجه من الجامعة لتجسيد حلمه كيف تقيمين حضورك هذا الموسم للدراما التلفزية؟ - أنا اسعى دائما للتجديد وعدم تكرار نفسي في الأعمال الدرامية حتى لا أكون مملة لأني لا أبحث إلا عن الإضافة في الشخصية التي أقمصها والتي أحرص على أن تكون غريبة عني لأني دائما أعتبر نفسي في بداية مسيرتي وأتعلم من أي تجربة اخوضها. لأن الفنان أو الممثل إذا أحس بانه كامل وغلب ب"الأنا" فهذا يعني أنه مات فنيا ما هو موقفك من تداعيات الأحداث التي اختلط فيها الثقافي بالسياسي في تونس اليوم؟ - أرى من العيب أن يسجن الفنان أو المبدع في تونس اليوم بسبب أرائه أو مواقفه في حين يفسح المجال للمجرمين للتحرك بحرية في الشارع رغم ما يشكلونه من خطورة أما على المستوى السياسي فأرى أنه من الضروري أن يجتمع الفرقاء السياسيين من أجل مصلحة تونس أولا وكل المواطنين ثانيا وترك ترك التكالب على الكراسي والمناصب لأن الوضع لم يعد يسمح بذلك ماهي مشاريعك القادمة؟ - كل اهتمامي الآن منصب على مسرحيتي الجديدة "العفشة مون أمور" التي أسعى من خلالها إلى إيصال رسالتي إلى أكبر عدد ممكن من التونسيين داخل تونس وخارجها ولا أخفي سرا إذا قلت أن وزارة الثقافة أحبطتني وعطلت أحد أهم المشاريع الثقافية التي لطالما حلمت بها وسعيت لها وهي إقامة فضاء ثقافي يكون مساحة للحوار والتعبير الحر في شكل نوادي للمسرح والسينما والفنون التشكيلية والموسيقى وقد قدمت ملفا في الغرض إلى وزارة الثقافة منذ شهر ماي2011 وإلى حد الآن لم أتلق أي جواب بعد أن عبرت وزارة مهدي مبروك عن عدم رفضها للمطلب. وأنا الآن في انتظار إجابة عملية