رغم قبول حكومة الترويكا مبادرة المنظمات الراعية للحوار الوطني لحلحلة الازمة السياسية التي تتخبط فيها بلادنا منذ أسابيع إلا أن المشهد السياسي لا يزال يتسم بالغموض والضبابية في ما يتعلق بتفاصيل بعض البنود في خارطة الطريق وخاصة منها المرتبطة باستقالة الحكومة. ويبدو أن عدم وضوح الرؤية وضبابية المواقف قد تتجسد في قادم الايام في البند المتعلق باستقالة الحكومة خاصة بعد ان أكدت بعض القوى السياسية ان الدخول في حوار وطني مباشرة يقتضي الاستقالة الفورية للحكومة المؤقتة، في حين اعتبر بعض قيادات الترويكا الحاكمة ان استقالة الحكومة تبقى رهينة ما ستفضي اليه توافقات الحوار الوطني. والسؤال المطروح بعد انطلاق مشاورات الرباعي الراعي للحوار مع الاحزاب السياسية حكومة ومعارضة، هل يكون البند المتعلق باستقالة الحكومة حجر عثرة أمام انطلاق الحوار الوطني؟ تصريحات بعض الوزراء في حكومة العريض أشارت الى ان مصير الحكومة الحالية مرتبط بما ستفضي اليه جلسات الحوار الوطني بين الفرقاء السياسيين من توافقات واتفاقات حول الشخصية الوطنية المستقلة التي ستتكفل بتشكيل الحكومة المقبلة. بالإضافة الى ذلك اعتبرت قيادات في حركة النهضة ان الاستقالة الفورية للحكومة غير مدرجة في مبادرة الرباعي وهو ما جاء على لسان راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة. والذي أكد في تصريح لصحيفة الخبر الجزائرية "أنه ليس واردا أن تكون هناك استقالة فورية للحكومة"، مشيرا الى أن "هذا الأمر ليس مندرجا في مبادرة الرباعية كشرط فوري، بل كان مطلبا للمعارضة، ولكنه شرط وارد في المفاوضات وجزء من الحوار".. مؤكدا "ان الحكومة ستستقيل بعد إيجاد البديل ولا يمكنها أن تستقيل لتترك الفراغ في البلاد". وفي نفس السياق اعتبر العجمي الوريمي رئيس مكتب الاتصال والاعلام في حركة النهضة انه من غير المعقول ان تقدم الحكومة استقالتها في غياب بديل ولا مجال لحدوث فراغ ينجر عنه ارباك وتعطيل مصالح الشعب مؤكدا على ان الحركة ترفض استقالة الحكومة قبل انطلاق الحوار الوطني. كما نفت مصالح المستشار الاعلامي لرئاسة الحكومة كل ما جاء على لسان قيادي في اتحاد الشغل أكد فيه بان رئاسة الحكومة قد اصدرت بلاغا اعربت فيه عن استعدادها للاستقالة فور انطلاق الحوار الوطني. انطلاق المشاورات مع الأحزاب ومن جهته قال بوعلي المباركي الامين العام المساعد بالاتحاد ان المبادرة في بندها الثاني تنص على تشكيل الحكومة الجديدة بالتوازي مع عودة المجلس الوطني التأسيسي لأشغاله حيث تنطلق المشاورات لاختيار شخصية وطنية مستقلة تكلف بتشكيل الحكومة وتختم باختيار رئيس الحكومة الجديدة، وإعلان الاسم في أجل أقصاه أسبوع واحد وتتولى الشخصية المكلفة إجراء مشاوراتها لتشكيل الحكومة وإنهائها في أجل أقصاه اسبوعين. وأضاف ان المبادرة تنص بصريح العبارة على ان تقدم الحكومة الحالية استقالتها وجوبا في أجل أقصاه ثلاثة أسابيع من تاريخ الجلسة الأولى للحوار الوطني وتواصل مهمة تصريف الاعمال الى حين الاتفاق على شخصية وطنية مستقلة تشكيل الحكومة ويتولى المجلس الوطني التأسيسي المصادقة على تكليف الحكومة الجديدة. وبخصوص انطلاق الحوار الوطني قال المباركي ان المشاورات انطلقت بين الاطراف الراعية للحوار والاحزاب السياسية موضحا ان انطلاق الحوار الوطني لن يتجاوز نهاية الاسبوع. تعدد المبادرات وربط زهير المغزاوي الامين العام لحركة الشعب مشاركة حزبه في الحوار الوطني بالاستقالة الفورية للحكومة الحالية معللا ذلك بما جاء في مبادرة المنظمات الراعية للحوار التي تنص على ان تقدم حكومة العريض استقالتها وجوبا في أجل أقصاه ثلاثة أسابيع من تاريخ الجلسة الأولى للحوار الوطني مشيرا الى ان الاشكال الذي تشهده بلادنا متمثل في التشخيص والتقييم حول الأزمة السياسية. وأضاف المغزاوي ل"الصباح" ان الاشكالية الحاصلة في المشهد السياسي تتمثل في تعدد المبادرات.. فهناك مبادرة أولى تفصل المسار التأسيسي عن المسار التنفيذي وهناك مبادرة ثانية تتحرك فيها حركة النهضة وهي مبادرة علي العريض التي تربط المسار التأسيسي بالمسار التنفيذي.. وكلتا المبادرتين تتحدثان عن استقالة الحكومة لكن حركة النهضة لا تريد استقالة الحكومة الا بعد انتهاء المجلس التأسيسي من أشغاله. فحركة النهضة ترى من جهة ان حكومة العريض ناجحة ووفقّت في مهامها ومن جهة اخرى تعبّر عن استعداد الحكومة تقديم استقالتها مما يؤكد على ازداوجية الخطاب لدى قيادات النهضة. وفي نفس السياق اعتبر المغزاوي ان حركة الشعب ملتزمة بمبادرة الرباعي الراعي للحوار الوطني والتي تنص على استقالة الحكومة وتكليف شخصية وطنية مستقلة بتشكيل حكومة جديدة مضيفا: "اذا ما تمّ قبول البند الثاني المتعلق باستقالة الحكومة سنكون ضمن الاحزاب المشاركة في الحوار الوطني".