ضربة موجعة إن لم تكن قاصمة وجهها مهندسو العملية الانتحارية إلى القطاع السياحي شريان الإقتصاد التونسي. وأغلب الآراء تشير إلى أن استهداف نزل في منطقة سياحية ساحلية الغاية من وراءه مزيد تأزيم الوضع الإقتصادي والمالي الخانق الذي تمر به البلاد منذ فترة. وبالتأكيد ستكون لهذه العملية الإرهابية النوعية تداعيات على السياحة التونسية في ظرف حرج يعانى منه القطاع حيث تتعمق أزمته مع كل عملية ارهابية غير أن المرور إلى فعل التفجيرات والأحزمة الناسفة بعد حوادث الإغتيال السياسي واستهداف الأمنيين قد تكون فاتورته باهظة هذه المرة. والكثير من المراقبين والمهتمين بالشأن السياحي في تونس استحضروا أمس تداعيات العملية التفجيرية في جربة سنة 2002 التى أثرت لسنوات على السياحة التونسية. ورغم اختلاف الظروف والأهداف اليوم إلا أن تحول الإرهاب في تونس لاستهداف المناطق السياحية والوحدات الفندقية بعد المناطق الحدودية والمراكز الأمنية لن يمر دون شك مرور الكرام في حسابات منظمي الرحلات ووكالات الأسفار الأجنبية. أزمات متكررة والكل يعلم أن تكرار الحوادث الأمنية في تونس منذ ما بعد 14 جانفي ولا سيما حوادث الإغتيال والتركيز على أخبار تونس في وسائل الإعلام الأجنبية كلف القطاع السياحي في كل مرة هزات عنيفة لم تسمح له بالرجوع إلى نسقه المعتاد إلى اليوم على مستوى الوافدين وأيضا على مستوى العائدات. ونتيجة ذلك الكثير من الصعوبات المالية للوحدات السياحية التى أغلق عدد هام منها لا سيما في الجنوب التونسي. وبعد الانتعاشة النسبية التى شهدها القطاع السياحي خلال موسم الذروة الفارط واستبشار القائمين على القطاع باغلاق الموسم الحالى في مستويات نمو طيبة مقارنة بالظروف التى عاشتها البلاد هذه السنة،تأتى العملية الإنتحارية في سوسة لتبدد جزءا كبيرا من آمال القطاع والمهنيين. وفي تعليقه على الحادثة يشير الحبيب بوسلامة نائب رئيس الجامعة التونسية للنزل ورئيس الجامعة الجهوية للوطن القبلى أن الضربة الموجهة أمس لم تستهدف المهنيين فقط بل وجهت لعموم التونسيين لأن السياحة التونسية ترمز إلى خبزة التونسي التى استهدفها الإرهاب أمس على حد تعبيره. ويعتبر محدثنا أن" أهداف هذا العمل الجهنمى هو تجويع التونسيين وآفة الإرهاب باستهداف الوحدات السياحية كشرت اليوم عن أنيابها". ويضيف بوسلامة في حديثه مع "الصباح" أن القطاع السياحي منكوب منذ سنوات ولم يفهم للأسف السياسيون المتعاقبون على بلادنا أهمية وحيوية هذا القطاع في الإقتصاد التونسي وما حدث اليوم يزيد الطين بلة لأن السائح يبحث بالدرجة الأولى عن الأمن.. وإذا ما فقده، وبفعل التفجيرات هذه المرة، لن يقدم إلى تونس مستقبلا.. ونفى نائب رئيس الجامعة التونسية للنزل تسجيل وصول طائرات لاجلاء السياح من الفندق المستهدف– إلى غاية كتابة هذه الأسطر- مشيرا إلى أن عدم تسجيل ضحايا والحمد لله ربما سيؤجل مثل هذه الإجراءات في المقابل أكد الحبيب بوسلامة أن الوحدات الفندقية سترفع من حالة الاستنفار الأمنى التي شرعت فيها منذ فترة تأهبا لأي طارئ.