تطرح مخاوف حقيقية في عدم قدرة القطاع السياحي على تجاوز أزمته، ولا تبدو مؤشرات الموسم السياحي الحالي- وتوقعات فترة الذروة التي هي على الأبواب- تبشر بنتائج إيجابية للقطاع. وتشير آخر الإحصائيات أن عائدات القطاع تراجعت خلال الثلاثى الأول من السنة الجارية بنسبة 7,5 بالمائة مقارنة بالفترة ذاتها من السنة الماضية. ولم تتجاوز قيمة العائدات 412 مليون دينار إلى موفى شهر مارس الفارط. وخلال الحديث مع المهنيين والمختصين في المجال السياحي يؤكد هؤلاء أن تواصل النسق السلبي لمؤشرات القطاع السياحي لا يبعث على الإرتياح ويدلل على موسم سياحي آخر صعب ينتظر المؤسسات السياحية وستكون له دون شك تداعيات على عائدات البلاد من العملة الصعبة وعلى مساهمة القطاع السياحي في تغطية المديونية والتخفيف من وطأة الصعوبات التي تواجه الإقتصاد الوطني. الوضع الأمنى ولم تنجح السياحة التونسية في تجاوز مخلفات الأحداث الأمنية المتتالية التي أثرت سلبا على توافد السياح على الوجهة التونسية منذ أحداث السفارة الامريكية التي يقر المهنيون أنها شكلت منعرجا في نتائج الموسم السياحي الفارط وبعد حادثة اغتيال بلعيد والحملة التى شنتها بعض وسائل الإعلام الفرنسية تتالت النتائج السلبية للقطاع. ويقر الحبيب بوسلامة رئيس الجامعة الجهوية للنزل بالوطن القبلي ونائب رئيس الجامعة التونسية للنزل أن عدم نجاح تونس في ضبط الوضع الأمني يعد من بين الأسباب الرئيسية لتواصل أزمة القطاع السياحي إلى اليوم. ويستشهد بوسلامة في هذا السياق بآخر حادث أمنى المتمثل في موت شاب من التيار السلفي في هرقلة والذي تناولته وسائل الإعلام العالمية بل وعمدت بعض وسائل الإعلام إلى التذكير بحادث التفجير في جربة الذي مر عليه أكثر من 12 سنة ، وكل هذه الأحداث وما ينقل في وسائل الإعلام المحلية والعالمية يؤثر دون شك على توافد السياح على الوجهة التونسية. ويضيف بوسلامة أن السياحة منظومة متكاملة إذا ما اختل منها عنصر أساسي كالأمن لا يمكن لبقية مكونات المنظومة أن تعمل بشكل سليم. وتضم المنظومة السياحية إلى جانب الفندق المحيط السياحي بما في ذلك الأمن والمحيط الطبيعي وأيضا المحيط البشري والمنتوج.. وللأسف يعانى القطاع السياحي في تونس اليوم من اخلالات تكاد تمس كافة المنظومة من ذلك المحيط الطبيعي وغياب النظافة ومشاهد الأوساخ وأكوام الفضلات التي تكتسح البلاد بما في ذلك المناطق السياحية . بالإضافة إلى التراخى الكبير من المهنيين في مجال التكوين والتكوين المستمر لليد العاملة في ظل الظروف الصعبة التي واجهتها الوحدات السياحية طيلة الفترة الماضية وتدنى مستوى التحسيس والشعور بأهمية السياحة في اقتصاد البلاد وضرورة ترجمة ذلك على أرض الواقع في التعامل الميداني مع كل ما من شأنه التأثير على القطاع. حملات الترويج والإشهار وفي ظل شبه شلل المنظومة السياحية يعتقد البعض أنه لا جدوى من الحملات الترويجية والإشهارية التي تستعد وزارة السياحة لاطلاقها قريبا(أواخر الشهر الجاري وبداية الشهر المقبل) في عدد من الأسواق السياحية في الخارج في محاولة منها لتدارك ما يمكن تداركه خلال موسم الذروة السياحية. ويرى بعض المراقبين للقطاع السياحي أن هذه الحملات الترويجية في الظروف الحالية ستكون بمثابة تبذير أموال طائلة دون جدوى لأن الخلل داخل المنظومة السياحية في تونس وليس في الأسواق وكان من الأجدى صرف هذه المبالغ في تحسين المناخ والمحيط السياحي في تونس.لا سيما وأن تجربة الحملات الإشهارية التي أقدم عليها القطاع مباشرة بعد الثورة لم تأت أكلها نظرا للظروف الأمنية غير المستقرة حينها. في المقابل يشير الحبيب بوسلامة إلى أن هذا الرأى يحمل البعض من الوجاهة لكن الغياب التام للوجهة التونسية في الأسواق السياحية لن يخدم أيضا السياحة في تونس. ويعتبر بوسلامة أنه كان على وزارة السياحة ضبط أولويات في صرف المبالغ المبرمجة للترويج تراعى الظروف الحالية كالتوجه أكثر إلى دعم شركات الطيران وتشجيع وكالات الأسفار ومنظمى الرحلات على برمجة الوجهة التونسية مع تحمل جزء من تكلفة المقاعد.لأنه يخشى أن يتجه منظمو الرحلات إلى التقليص من عدد الرحلات إلى تونس باتجاه وجهات سياحية أخرى على غرار المغرب وتركيا. ويقترح محدثنا أيضا التركيز على السوق الفرنسية عبر استقطاب لوبي الإعلام هناك لأن دوره فاعل ورئيسي في التأثير بالسلب أو الإيجاب على صورة الوجهة السياحية التونسية في عيون السياح الفرنسيين.