في الوقت الذي تتواصل فيه الاشتباكات العنيفة بين الجيش السوري والمسلحين في حلب برزت خلافات جديدة داخل المعارضة السورية عقب إعلان 70 ناشطا سوريا في المنفى إنشاء "مجلس الثورة السورية" وتكليف الناشط هيثم المالح بالتحضير لتشكيل حكومة انتقالية تكون بديلا للأسد. وكثف الجيش السوري حملته العسكرية لطرد مقاتلي المعارضة من مدينة حلب في شمال سوريا باستخدام طائرات هليكوبتر حربية واسلحة ثقيلة اخرى. وقال العقيد رياض الاسعد قائد الجيش السوري الحر في تسجيل مصور بثته قناة العربية التلفزيونية الاخبارية إن السياسيين الذين شكلوا الائتلاف الجديد "أصابهم حمى التسلق على الفرص وإغتنام المناصب الذي دعاهم ان يعلنوا انشاء وتأسيس حكومة انتقالية في محاولة صريحة وواضحة لركوب ثورتنا والاتجار بدماء شهدائنا." واضاف قائلا "لكنهم في الواقع يحاولون اعادة احياء نظام الاسد الساقط في إتخاذ قرار من دون الرجوع الى الشعب الذي بذل الدم والدموع لكي يحصل على استقلاله من عصابة الاسد المجرمة." وقال الاسعد ان الاعلان عن خطط لتشكيل حكومة انتقالية يهدف بشكل رئيسي إلي "إرضاء الخارج وضرب الداخل بعضهم ببعض وتفكيك يد الشعب الضاربة والمتمثلة في الجيش السوري الحر." وساعد الاسعد في انشاء الجيش السوري الحر بعد انشقاقه عن جيش الاسد ولجوئه الي تركيا العام الماضي. وقال هيثم المالح رئيس الائتلاف الجديد انه سيبدأ حوارا مع جميع اعضاء المعارضة بما في ذلك الجيش السوري الحر بشان تشكيل حكومة انتقالية. واضاف المالح -وهو عضو بارز بالمعارضةالسورية- قائلا في مؤتمر صحفي يوم أمس الثلاثاء "سيكون لدينا بالتأكيد اعضاء من الجيش الحر في الحكومة الجديدة." وتحث دول غربية وعربية منذ اشهر المعارضة السورية على الاتحاد. وفي حين ان المجلس الوطني السوري هو صوت دولي للمعارضة إلا ان نشطاء على الارض يشتكون من ان قياداته الذين يعيشون في المنفى ليس لهم صلة تذكر بما يحدث في سوريا. وردا على تشكيل الائتلاف الجديد قال عبد الباسط سيدا رئيس المجلس الوطني السوري لرويترز إن عملية تشكيل حكومة انتقالية عملية صعبة وتحتاج إلى مشاورات مع جميع أعضاء المعارضة السورية ومقاتلي المعارضة والجيش السوري الحر. واضاف قائلا "لكن إذا خرجت كل جماعة لتعلن منفردة تشكيل حكومة جديدة دون محادثات وبحث فإن هذا يعني أن ننتهي إلى سلسلة من الحكومات الضعيفة التي لا تمثل أحدا ولن تكون قادرة على أن تعني أي شيء أو أن تفعل أي شيء. "هدفنا النهائي هو تشكيل حكومة تمثل وترضي جميع أعضاء المجتمع السوري." وعقد مجلس الامناء الثوري السوري مؤتمره التاسيسي أمس الثلاثاء. وفي ختام اعماله، اعلن هيثم المالح ان الائتلاف الذي يضم معارضين مستقلين غير حزبيين، طلب منه تشكيل حكومة انتقالية مقرها القاهرة. وقال المالح "كلفني الاخوة بقيادة حكومة انتقالية وان ابدأ بالتشاور مع المعارضة في الداخل والخارج"، معتبرا ان "المرحلة الحالية تتطلب منا التعاون (...) لتشكيل حكومة انتقالية". وكان المالح استقال من المجلس الوطني السوري المعارض في 13 مارس الماضي منتقدا اداء المجلس. ويعد المالح (81 عاما) من ابرز المعارضين للنظام السوري منذ ايام الرئيس السابق حافظ الاسد وامضى سنوات طويلة في السجن. ورأى سيدا من جهته انه "لا بد من اخذ الوقت اللازم لتشكيل حكومة انتقالية"، معتبرا ان كل حكومة انتقالية يجب ان "تعكس الوضع على الارض والتنوع" في المجتمع السوري. وذكر بان المجلس الوطني كان شكل لجنتين للتشاور مع الجيش السوري الحر ومع مجموعات في الداخل ومع المعارضة في المنفى من اجل تشكيل حكومة انتقالية. ميدانيا قصفت طائرات هليكوبتر ومدفعية سورية منطقتين مهمتين في مدينة حلب الثلاثاء في اطار حملة الجيش للسيطرة على أكبر مدينة في البلاد لكن مقاتلي المعارضة قالوا إنهم أجبروا القوات الموالية للرئيس بشار الأسد على التراجع. وتصاعدت سحب كبيرة من الدخان الاسود الى السماء بعدما أطلقت طائرات الهليكوبتر الهجومية نيرانها على الاحياء الشرقية للمرة الأولى منذ نشوب أحدث قتال في حلب وقصفت طائرة حربية من طراز ميج نفس المنطقة من المدينة في وقت لاحق. وأصبحت المعركة من أجل السيطرة على حلب محور تركيز الانتفاضة التي تفجرت قبل 16 شهرا ضد الاسد حيث يواجه مقاتلو المعارضة قوات الحكومة التي تعززها المدفعية وطائرات الهليكوبتر الحربية. وسمع دوي إطلاق نار كثيف في حي صلاح الدين بجنوب غرب المدينة والذي كان مسرحا لبعض من اعنف الاشتباكات حيث تساقطت القذائف معظم اليوم. وتوصل مراسلو رويترز الى انه لا الجيش السوري ولا مقاتلي المعارضة يسيطرون تماما على الحي الذي قالت الحكومة انها استعادت السيطرة عليه في مطلع الاسبوع. ويشبه حي صلاح الدين ما وصفه أحد المراسلين بأنه "بلدة اشباح" فمتاجره مغلقة دون مؤشر على وجود حياة في المباني السكنية وشوارعه خالية في الغالب من حركة المرور. وقال التلفزيون الرسمي السوري أمس الثلاثاء إن القوات الحكومية مازالت تلاحق فلول "الإرهابيين" هناك وهي الطريقة المعتادة لوصف مقاتلي المعارضة. وقال قائد للمعارضين في حلب إن هدف مقاتليه هو التقدم نحو وسط المدينة والسيطرة على منطقة تلو الأخرى وهو هدف قال إنه يعتقد بامكانية تحقيقه "في غضون أيام وليس أسابيع." ويقول المعارضون انهم يسيطرون الان على قوس يغطي أحياء شرق وجنوب غرب المدينة. وقال العقيد عبد الجبار العقيدي رئيس المجلس العسكري المشترك وهو أحد جماعات المعارضة العديدة في حلب ان النظام حاول على مدى ثلاثة أيام استعادة السيطرة على حي صلاح الدين لكن محاولاته باءت بالفشل ومني بخسائر فادحة في الارواح والاسلحة والدبابات واضطرت القوات الحكومية للانسحاب. (أ ف ب)