يوم 20 مارس سيتم الإعلان رسميا عن مؤسسي حزب "حركة مشروع تونس"،هذا الحزب الذي "وُلد" من رحم حزب نداء تونس،بعد انسلاخ عدد هام من القيادات ومن نواب النداء عن الحزب الفائز تشريعيا ورئاسيا. محسن مرزوق، المنسّق العام للحزب الجديد "حركة مشروع تونس"، وفي حوار مطوّل أدلى به ل"الصباح" تحدّث عن خاصيات حزبه الجديد وأهدافه المستقبلية، كما تحدّث عن موقع الحزب في الخارطة السياسية، وعلاقته بباقي الأحزاب،وردّ على اتهامات خصومه بأن "المشروع" فشل في استقطاب كل المنشقين عن النداء، كما خاض في عدة مسائل أخرى منها موقفه من حركة النهضة وموقفه ممّا عُرف إعلاميا بقضية النائب "احمد العماري".. *أين وصل مشروع «"حركة مشروع تونس"؟ - بالنسبة ل"حركة مشروع تونس"، كانت الفكرة الأولى أن يكون هذا المشروع ثمرة استشارة وطنية موسّعة ولأجل ذلك قمنا بتنظيم ثمانية اجتماعات إقليمية شارك فيها مناضلو ومناضلات الحزب على كامل تراب الجمهورية .. وكان هدف هذه الاجتماعات النقاش حول الميثاق السياسي والفلسفة التنظيمية التي سيقوم عليها المشروع، وقد انتهينا بداية الأسبوع من صياغة الميثاق السياسي للمشروع وسيُتلى هذا الميثاق يوم 20 مارس،ونحن الآن بصدد إعداد النظام الأساسي الذي لن نكتفي من خلاله بتكوين حزب جديد بل سنساهم في تعصير وتحديث الحياة السياسية. من ذلك تحديد مُدد تولي المسؤوليات داخل الحزب بنيابتين وهذا يعتبر تجديدا كبيرا في الحياة السياسية. *جغرافيا،لكل قوة سياسية وحزب اليوم ثقل في جهة معينة،في تقديرك ثقل "حركة مشروع تونس" أين سيكون؟ -لا يمكن التحديد بدقة ثقلنا السياسي جغرافيا،نحن حرصنا عندما قمنا بالاستشارة الوطنية على تشريك المناضلين في كل الجهات،وبالنسبة لنا التوزيع الجغرافي لمراكز الثقل والقوة ستتضح أكثر في الصيف القادم عند انجاز المؤتمرات الجهوية والمحلية. وفي كل الحالات فان الخارطة السياسية التونسية لها مراكز ثقل لثلاثة مشاريع مختلفة،المشروع الوطني العصري له مراكز قوة،المشروع المحافظ له مراكز قوة حسب ما اتضح من انتخابات 2014،والمشروع الثالث تقوده الجبهة الشعبية. *وحركة مشروع تونس أين يمكن تصنيفها في هذه المشاريع؟ -على مستوى الساحة السياسية اليوم،أعتقد أن هناك قطبين، القطب الذي نمثّله من خلال حركة مشروع تونس،والقطب الذي تمثّله حركة النهضة أو الإسلام السياسي بشكل عام. *القطب المناهض للنهضة هل يمثله «مشروع تونس» أم النداء والنهضة؟ - الحياة السياسية مرتكزة على ثلاث دوائر الأولى دائرة المشروع الوطني العصري،وهذا كان يملؤه في الماضي "الحزب القديم" الذي كنت انتمي إليه – وأنا أفضّل استعمال لفظ الحزب القديم – وقد انهار اليوم بكل أسف.. واعتقد أن مشروع تونس هو استمرار له بعد القطع مع كل الأخطاء كغياب الديمقراطية داخله.. وهناك دائرة الإسلام السياسي برئاسة حركة النهضة.. والدائرة الثالثة تحتكرها الجبهة الشعبية ذات التوجّه السياسي الخاصّ. وهذه هي الدوائر الكبرى التي تتواجد حولها جملة من الأحزاب. *عكس ما كان متوقّعا،لم يستهو "المشروع" كل القيادات المنشقة عن نداء تونس لماذا في تقديرك؟ - مثل من؟.. * مثل لزهر العكرمي والطاهر بن حسين؟ - هل نأخذ بعين الاعتبار رأي شخصين لا غير ونتغافل عن مئات وآلاف الأشخاص الذين انضموا للمشروع. *نحن لا نتحدّث عن القواعد بل عن القيادات؟ -لا هم ليسوا قواعد، بل مناضلين وقيادات في جهاتهم ويجب أن نتجاوز هذا التمييز بين من هم في المركز ومن هم في الجهات. هناك نواب منتخبون من الشعب، انشقوا عن النداء والتحقوا بالمشروع وكذلك التحق 23 عضوا من الحزب القديم،وكذلك هناك شخصيات جديدة انضمت للمشروع،وهو ما يعني أن الالتفاف حول المشروع هو ظاهرة جماعية، ما لم يفهمه البعض أن هناك عمليتين منفصلتين وهما عملية المعركة من أجل الديمقراطية داخل الحزب القديم،وعملية بناء هيكل جديد هي عملية مختلفة،نحن خضنا معركة داخل الحزب القديم من أجل تكريس الديمقراطية ومررنا إلى بناء المشروع. *لكن خصومك يتهمونك بأنك بصدد إعادة إنتاج نداء جديد بنفس الأخطاء السابقة؟ - ردّت على هذا "الافتراء" القيادات الأخرى الموجودة في المشروع وأن ذلك غير صحيح وأننا جميعا نعمل معا ضمن فرق لها هامش للتصرّف الذاتي ويتم إعلامي بالتطوّرات مثل البقية،ورغم أن هذا الموضوع لا يستحق التركيز ولكن أطلب بلطف من الإخوة المحافظة على مستوى أخلاقي معيّن. *في تقديرك هل أنخرم واختل التوازن في المشهد الحزبي بعد الأزمة التي مرّ بها حزب النداء؟ - رغم أني لا أريد الحديث عن الحزب القديم ومشاكله.. ولكن انا موافق على أن عدم التوازن عاد من جديد على الساحة الحزبية.. برلمانيا نتائج 2014 ستبقى على حالها .. ولكن على الساحة الحزبية هناك اختلال وهو ما دفعنا للعمل بكل هذا الجهد ليكون "حزب مشروع تونس" جاهزا ومستعدا بعد مرحلته التأسيسية مع نهاية الصيف وهو ما سيساهم في إعادة التوازن من جديد للساحة الحزبية وأكيد أن ذلك سينعكس على التوازنات البرلمانية والتوازنات داخل السلطة، وهذا ما سيؤدي للمطالبة بتغييرات، ليس بتغيير أشخاص الحكّام لكن تغيير السياسات المتبعة. *وما هي مطالبكم العاجلة؟ - أوّلا استكمال بناء المؤسسات الدستورية كالمحكمة الدستورية،ثانيا لا بدّ من اعتماد إستراتيجية حرب،حرب على الإرهاب،فحتى قانون مكافحة الإرهاب بات لا يجاري نسق المخاطر الموجودة حاليا،لأنه ما زال يعامل الظاهرة الإرهابية وكأنها ظاهرة داخلية يقوم بها تونسيون مارسوا جريمة حق عام مضاف لها ركن حمل السلاح ضدّ الدولة، ورغم ايجابيات هذا القانون في نواح كثيرة ولكنه قانون غير مناسب لحالة حرب على الإرهاب . هناك إصلاحات كبرى يجب أن نحرص على تنفيذها لتكريس قيم واستحقاقات الثورة. *مع كل عملية إرهابية جديدة تتوجّه أصابع الاتهام من جديد لحركة النهضة،ومؤخرا تفجّرت قضية النائب أحمد العماري الذي قيل أنه تم إيقافه على خلفية عملية بن قردان وإطلاق سراحه بعد ذلك،ورغم أن الحركة تنفي ذلك جملة وتفصيلا الاّ أن ذلك لم يمنع الاتهامات من أن تلاحقها.. فكيف تنظر أنت للمسألة؟ - في ما يخصّ قضية النائب العماري اعتقد أنها قضية خطيرة،لا بدّ للسلطات الأمنية والعسكرية التي كانت متواجدة على عين المكان في بن قردان أن تصدر تصريحا حول هذا الملف بالذات بكل وضوح وشفافية لأن حقيقة ما حدث لن تُخفى وستُكشف آجلا أم عاجلا.. من جهة أخرى ليس هناك شك أنه في سنتي 2012/2013 تحت حكم "الترويكا" تم التساهل مع الإرهابيين،وكان هناك أيضا نوع من التشجيع لتنامي المدّ السلفي. ومن الطبيعي أن يتذكّر التونسيون مع كل حدث جديد،مسببات هذه الأحداث،ومن المفروض أن تخرج اليوم الأطراف السياسية المتهمة لتعتذر إذا كانت تعتقد أن لها مسؤولية أفضل من الاستمرار في تغطية عين الشمس بالغربال. *لكن النهضة تعمل اليوم على فصل السياسي عن الدعوي كما أنها تنفي أن تكون لها أي مسؤولية في ما حصل فكيف يعتذر من يرى أنه لم يرتكب خطأ؟ -الفصل بين الديني والسياسي هو الكفيل بالحيلولة دون التحوّل إلى سلفي راديكالي،جهادي،وليس الفصل بين السياسي والدعوي مثلما يرّوج اليوم لأن ذلك بمثابة ذرّ رماد على العيون. مهمة الحزب السياسي هي ممارسة السياسة وليس الدين. *طالبت بالكف عن «الرخص السياسي» والانتهازية في استثمار أحداث بن قردان..لماذا؟ - في عملية بن قردان هناك من تناسى الحرب على الإرهاب كموضوع أساسي وحاول توظيف الحدث لتصفية الحسابات بالعودة لشعارات انتخابية سابقة،بمحاولات ابتزاز تقوم على التفرقة بين الجهات وعلى ممارسات عنصرية،هذا ما وصفته أنا ب"الرخص السياسي" وهو تحويل موضوع يهم الأمن القومي لتونس إلى مسألة تنازع جهوي،حماية الوطن تتطلّب أن لا نبث خطاب الكراهية والفرقة زمن الأزمات وفي غير زمن الأزمات . *ما هو موقع «حركة مشروع تونس» القادم،مساندة السلطة أم المعارضة؟ - نحن سنكون في "المنزلة بين المنزلتين" مثل ما قال المعتزلة.. نحن لن نعارض ولا نوالي،نحن نحكم على النتائج وليس النوايا،ومن خلال كتلة الحرّة سنقدّم اقتراحات للبناء. *كيف ستكون علاقتكم المستقبلية باتحاد الشغل القوة الاجتماعية، كحزب جديد في الساحة السياسية؟ -علاقتنا باتحاد الشغل،علاقة مميزة،وربما لا يعلم الكثيرون أني اشتغلت صلب اتحاد الشغل لمدة سنة ونصف ولذلك أعتبر الاتحاد بيتي وأحد أبرز المدارس التي تعلّمت فيها، ودور الاتحاد هو دور رئيسي على مستوى التوازنات الكبرى والاتحاد اليوم له إشعاع عالمي وكان له دور رئيسي في حماية الدولة والحريات،ولا يمكن من طرف واحد أن ينضج بسرعة قبل الآخرين. أجرت الحوار :منية العرفاوي جريدة الصباح بتاريخ 18مارس 2016