- تحقق الكثير خلال الثلاث سنوات المنقضية لكن لم نبلغ بعد المطلوب - تجديد الترشح للمؤتمر القادم من عدمه أمر سابق لأوانه - لسنا معنيين بالحكم لكن من دورنا إبداء الرأي في الخيارات الوطنية - المراقبة الاقتصادية خربت القطاع وأضرت بمصالح المنتجين - لهذه الأسباب تم التراجع عن مقاطعة تزويد الأسواق - موسم إنتاج الحبوب كارثي هذا العام لم يخف عبد المجيد الزار رئيس الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري حزنه وتحسره وهو يتحدث عن الأوضاع المتردية والظرفية الصعبة التي يمر بها القطاع الفلاحي الذي زادته الجوائح الطبيعية على طول ردهات الموسم سوءا على سوء وجعلت نتائجه كارثية على الفلاحين وفق تقديره. في هذا الحوار الذي خص به "الصباح" انتقد الزار بشدة الذهنية الإقصائية لرأس السلطة لمنظمة عريقة مثل اتحاد الفلاحين من أمهات القضايا الوطنية ورضوخها للأصوات العالية..مبديا امتعاضا من تعامل السياسيين مع الاتحاد ومنظوريه بعقلية "العجلة الخامسة" التي يهرع الجميع إليها عند الأزمات والانتخابات. كما تعرض المتحدث بالرأي والتحليل لعدد من القضايا والشواغل نعرضها في الورقة التالية. بداية كيف هي أحوال القطاع؟ - حقيقة "الحال يشكي الربي" ولا يسر بالمرة. فإلى جانب الصعوبات المعتادة التي يعرفها القطاع زاد تعاقب الجوائح الطبيعية هذا العام في حدة تردي الأوضاع. فمن جفاف شمل كل الجهات ولم يستثن حتى المناطق السقوية التي لم تشفع لها مياه فيضانات السنة الماضية في إنقاذ ما يمكن إنقاذه هذا العام. وهنا أفتح قوسين وأطرح السؤال على أولى الأمر من المشرفين على القطاع أين ذهب منسوب المياه المتأتي من الفيضانات ألا يفترض أن تمتلئ بها السدود وتشكل مخزوناتها خير سند للمناطق السقوية زمن الجفاف؟ مجرد سؤال أطرحه وأمضي، إضافة إلى هذه الجائحة شهدت عديد الولايات ومناطق الإنتاج كوارث أخرى منها الأعاصير التي ضربت سابقا في ست ولايات وظهرت من جديد مؤخرا بولاية الكاف متسببة في خسائر كبرى مست نحو5 آلاف هك.. كما ضرب حجر البرد أول أمس بالقصرين بممرات معروفة بهذه الظاهرة مخلفا بدوره أضرارا هامة.. بالنسبة لنا يعتبر الموسم الفلاحي كارثيا،وربي يستر. تتحدث عن موسم كارثي لكن في المقابل كنت صرحت بتسجيل وفرة في الإنتاج هذا الموسم وأعربت عن مخاوف من انهيار الأسعار جراء الوفرة، كيف تقرأ هذه المفارقة؟ - لا هذه ليست مفارقة لأننا نتحدث عن معطيين أو تقييمين مختلفين. أولا نحن نقر بأن المنتوج متوفر لتغطية حاجيات السوق الداخلية لكن ماذا عن التصدير والتحويل والتخزين أليس هذا أيضا مشغلا أساسيا في عملية الإنتاج وللأسف لم يتحقق المرجو بسبب الجفاف وغيره من العوامل الطبيعية. ثم ماذا عن مردودية الفلاحين وماذا عن تداعيات هذه العوامل على دخلهم أليس الفلاح الضحية الأولى لهكذا أوضاع؟ لا حياة لمن تنادي وكيف السبيل لتجاوز هذا الوضع؟ - السؤال يبقى قائم الذات،، علما أننا كثيرا ما طالبنا بفتح قنوات الحوار لكن إلى حد الآن لا حياة لمن تنادي.. وفي هذا تجاهل وضرب لقدرات الفلاح. في غياب الدعم والمساندة القوية للمنتجين وفي غياب تفعيل بعض الإجراءات المعلنة من قبيل تلك الخاصة بجبر أضرار الرياح أو تأخر إصدار شهادة الإجاحة بما أثر الموسم الماضي على الانتفاع بعملية إعادة جدولة الديون. حتى الإجراءات الخاصة بقطاع الصيد البحري لم تفعل إلى الآن. واكبت المنظمة موفى الأسبوع انطلاق موسم الحصاد بعدد من ولايات الشمال الغربي،كيف هو حال القطاع؟ -عموما لا يختلف كثيرا عن سلفه.. قد يحصل الاختلاف في مستوى وضعية بعض الجهات عن أخرى لكن للأسف وقفنا على مناطق متلفة بالكامل جراء الجفاف، الموسم كارثي في تقديرنا.. موسم كارثي لكن وزير الفلاحة لم يستبعد تسجيل نسبة زيادة في إنتاج الحبوب ب20بالمائة هذه السنة وبلوغ14مليون قنطار معدل إنتاج عام. -نحن نستبعد بلوغ نسبة الزيادة المذكورة ثم ماذا يعني14م ق بالنسبة لنا الحصيلة كارثية على غرار الموسم الماضي. أراك محبطا وفاقدا للأمل والحال انك كنت تدافع دائما عن قوة إرادة الفلاحين في تجاوز الصعاب؟ -الوضع"ما يفرحش" ومن يطلع على أحوال مزارع الحبوب على عين المكان يحزن لأثر الجفاف حتى بالمناطق السقوية. الفلاح غارق في الديون سبق وأن شهد القطاع مواسم إنتاج زراعات كبرى أصعب..فلم كل هذا التشاؤم؟ - مواسم أصعب لا أعتقد، ومهما يكن الحال فإن الفلاح وبفعل تراكم الصعوبات ومنها المديونية أصبح غارقا في الديون مع البنوك. وإن كان يوجد في القرار السياسي سابقا ما يشكل قوة ضغط على الجهات الممولة ويحملها على التفاعل مع مقتضيات الوضع فإننا لا نشعر أو نلامس حضورا لهذه الإرادة راهنا. معضلة التأمين هل كتب على الدولة أن تتحمل بمفردها مسؤولية تقلبات الوضع في القطاع؟ لم لا يتحمل الفلاح بدوره جانبا من المسؤولية ويبادر بالتأمين على نشاطه بما يقلص من حجم الخسائر الناجمة عن الجوائح مثل تساقط حجر البرد وظهوره في ممرات معينة ومعروفة جغرافيا..؟ -كلام معقول..إنما أين هي شركات التأمين التي تقبل التغطية على ممرات حجر البرد. وحتى شركة التأمين الوحيدة المتخصصة في المجال الفلاحي ترفض التأمين ضد هذه المخاطر لاعتبارات حسابية وربحية. فما ذنب الفلاح إذا لم يجد خطّا تأمينيا لهذه الجائحة وغيرها. خلاف مع الوزارة إذن سيظل الوضع يراوح مكانه ولا وجود لمخرج للمشكل؟ -لا أدري والسؤال يبقى قائم الذات.. ومع ذلك فقد تحركت المنظمة وأعادت طرح تفعيل صندوق الجوائح ومجابهة أضرارها. ورغم تعهد الوزارة بتفعيله بداية من جانفي المنقضي لم يحدث شيئ. علما أن لنا اختلاف مع "الفلاحة" التي تعمل على تحميل الفلاح بمفرده عبء تمويل هذا الصندوق فيما الجوائح تعد قوة قاهرة لا دخل للمنتجين فيها ولا بد أن يدرج التمويل على أساس مبدأ التضامن الوطني. ولم لا تكون المبادرة من المنظمة نفسها بإحداث مؤسسة تأمينية توفر التغطية ضد المخاطر لمنظوريها؟ -هذا غير ممكن لأن المنظمة ليست مؤسسة مالية ولأن القوانين لا تسمح بذلك. ولهذا السبب جاء مقترح الاتحاد في صيغة صندوق وطني تكون تدخلاته شاملة لمختلف الأنشطة وبكامل جهات الإنتاج، دون تمييز بين نشاط وآخر. العاجل قبل الآجل ربما تنتظر الحكومة ما سيفرزه الحوار الوطني حول الفلاحة من قرارات لتبني مقترح المنظمة..؟ -القرارات الإستراتيجية يمكن أن ترتبط بمخرجات الحوار الوطني أما الإجراءات العاجلة والتي يقتضيها الظرف فلا تنتظر ولا بد من تسريعها. كيف كانت نتائج المرحلة الأولى من الحوار؟ - جيدة عموما، وقد سجلت هذه المرحلة نقاشات قيمة وصريحة ومشاركة واسعة.انطلق فيها العمل من ورقة بيضاء دون توجيه أو خيارات مسقطة. وسيقع الاختيار على ورقة أولية تشكل منطلقا للمرحلة الثانية لمزيد تعميق التشاور والتحاور، على أمل أن تستكمل مسارات الحوار برمته موفى السنة. بين نارين.. لوحتم مؤخرا بسلاح مقاطعة التزويد في رمضان قبل التراجع عن ذلك..أليس في اللجوء إلى هذه الحلول تعسفا على المواطن خاصة في هذا الظرف؟ - لقد وجدنا أنفسنا في وضعية صعبة وحرجة فمن جهة كان لا بد من الضغط للدفاع عن حقوق ومصالح الفلاحين وضمان استدامة النشاط ،،ومن جهة أخرى كنا نفكر أيضا في مصلحة المواطن والمحافظة على التزويد في رمضان..كنا بين نارين وفي النهاية قدرنا أن المصلحة العامة أولى بالاحترام مع مواصلة الدفاع عن حقوق المنتجين. إذن انطلقت عملية تزويد أسواق من المنتج إلى المستهلك الرمضانية؟ - رغم العراقيل التي تواجه تركيز هذه الأسواق في عدد من الولايات وخاصة بتونس الكبرى والناجمة عن قرارات بعض الولاة فرض تسويغ نقاط البيع المخصصة لهذا البرنامج وهو ما عطل إحداثها في كل من أريانة وتونس العاصمة ومنوبة تلتزم المنظمة بتعهداتها رغم انتفاء الغاية النفعية وهي ماضية في تزويد النقاط المحددة. الأسعار في الميزان.. كسب الاتحاد معركة الضغط على الحكومة لمنع توريد اللحوم الحمراء بمناسبة رمضان بتعلة توفر الإنتاج المحلي وانخفاض الأسعار ومع ذلك يتواصل يتذمر المستهلك من أسعار لحم الضأن في عدد من نقاط البيع بالعاصمة والتي تفوق20د، ما تعليقك؟ - في المقابل وفي المسالك المنظمة وفي عديد المدن وصل سعر "العلوش " حدود 16د. ولا وجود لإشكال بالنسبة لتوفير اللحوم الحمراء بأسعار معقولة . يبقى أنه بالنسبة لتونس العاصمة أمر التحكم في الأسعار موكول للمراقبة الاقتصادية التي عليها أن تكثف من نشاطها وتتصدى للتجاوزات. وأقولها بصراحة وعلى مسؤوليتي المراقبة الاقتصادية هي سبب الخراب الذي تردت فيه أوضاع الفلاحين عبر توخي سياسة ضبط سقف أقصى لأسعار عدد من المنتوجات عادة ما يكون المنتج ضحيتها الأولى لأن المراقبة تتجاهل الحلقات الوسطى المستفيدة من هوامش الربح الموظف جزافا والذي يزيد أضعافا عن سعر الشراء الحقيقي من الفلاح وتسلط سيف مراقبتها على الفلاح فقط رغم الخسائر التي يتكبدها عند الإنتاج. "اللي يعيط أكثر يسمعوه" رفضتم المشاركة في حكومة الوحدة الوطنية التي أعلنها رئيس الجمهورية مؤخرا دون أن توجه الدعوة للاتحاد في هذا الشأن ومع ذلك تطالبون بتشريككم بالرأي والموقف؟. تفاعل غريب مع عقلية الإقصاء المنتهجة ضد المنظمة. الإتحاد غير معني بالتواجد في السلطة أوفي الحكم ولا بأي منصب وزاري وهو ما عبرت عنه ردا على سؤال وجه لي في الغرض لكني أرى أنه من دورنا كمنظمة وطنية المشاركة بإبداء الرأي في أمهات القضايا المحورية ونطلب الإصغاء لموقفنا. وبخصوص منهج الإقصاء المسلط على الاتحاد أعتقد أن تعامل السلطة بهذه العقلية يعود إلى عوامل تاريخية تتعلق بغياب المنظمة عن الشأن الوطني وعن القضايا المصيرية.. إضافة إلى أن رئيس الدولة وغيره في السلطة دائما ما يصغون إلى الصوت العالي "إللي يعيط أكثر يسمعوه" بعد خمس سنوات من الثورة لم تتغير عقلية الإقصاء إذن؟ - لا هي بصدد التحسن ونحن نسعى إلى ذلك.وهناك تغير واضح في طريقة تعامل رئيس الحكومة مع المنظمة الفلاحية. المنظمة تسيرها مؤسساتها هذا لأنه ابن القطاع والوزارة . لكن لنطرح السؤال بطريقة أخرى هناك من يرى أن انتسابكم لحركة النهضة وهي الحليف في الحكم يجعلكم تتقاسمون نفس الرؤى والتوجهات وبالتالي فصوتكم مسموع؟ -لا شبهة الانتماء هذه ليس لها معنى وإلى الآن ثابت عند الجميع بأن المنظمة تحكمها مؤسساتها وخياراتها وعدم تحزبها..لكن أسلوب التعامل هذا نرجعه أساسا إلى عقلية أو منهج الإقصاء المترسخ لدى البعض. العجلة الخامسة المفارقة أن رغم تفشي عقلية الإقصاء هذه فإن التقرب والتودد إلى الاتحاد لا ينقطع إثناء المناسبات الانتخابية. ولنا في أخبار توافد زعماء بعض الأحزاب عشية الانتخابات السابقة على مقر الاتحاد خير دليل على سياسة المكيالين؟ - صحيح..هناك تعامل مع الاتحاد بطريقة "العجلة الخامسة" هذا يحدث عند الأزمات والاستحقاقات الانتخابية وبمجرد تجاوز تلك الظرفية تعود "العجلة "إلى مكانها. بعد مضي نحو الثلاث سنوات عن توليك رئاسة اتحاد الفلاحين ماذا تحقق لفائدة المنظمة وللفلاحين عموما؟ - على أهمية ما أنجز فإننا نعتبر أننا لم نبلغ المطلوب والمنشود من الأهداف التي رسمناها. ومع ذلك أمكن تحقيق نقلة نوعية في مستوى الطرح والتعاطي مع ملفات محورية للدفاع عن الفلاحين وفي حضور المنظمة وطرحها لكل القضايا التي تشغل المنتجين برا وبحرا والحرص على البحث لها على حلول جذرية.ولعل في تغير نظرة الرأي العام للفلاح وفي الاقتناع السائد بأنه ضحية وليس مسؤولا عن غلاء الأسعار ما يحسب للمنظمة في انتظار تسجيل مكاسب أخرى. والسعي قائم لجعل الوعي مشتركا والقناعة راسخة لدى الجميع بأن الفلاحة قطاع اقتصادي استراتيجي وبأن بقية القطاعات روافد حيوية له. ترشح أم انسحاب؟ قبل سنتين من انتهاء فترة رئاستك للمنظمة عل تفكر في تجديد ترشحك أم الانسحاب؟ - الموضوع سابق لأوانه.. ولم أحسم فيه بعد. أجرت الحوار منية اليوسفي جريدة الصباح بتاريخ 08 جوان 2016