سجل اليوم مجلس إدارة البنك المركزي التونسي،في بيان له، تباطؤ نسق النمو العالمي في سنة 2012. حيث ينتظر تراجع نسبة النمو حسب تقديرات صندوق النقد الدولي إلى 3,2٪ مقابل3,9٪ قبل سنة وذلك بسبب،تداعيات أزمة المديونية العمومية في منطقة الأورو. وبالنسبة لسنة 2013، راجع كل من البنك العالمي وصندوق النقد الدولي، خلال شهر جانفي الحالي، تقديراتهما لنسبة النمو العالمي المنتظرة إلى حدود 2,4٪ و3,5٪ على التوالي وذلك بسبب ضعف الأداء الاقتصادي في البلدان المصنعة في حين يتواصل تدعم النمو في البلدان الصاعدة والنامية. وأوضح نفس البيان ان الأسواق المالية العالمية عرفت تطورا إيجابيا عموما في بداية السنة الحالية بالعلاقة مع بروز بوادر انفراج الصعوبات المالية في البلدان المصنعة ومواصلة البنوك المركزية في هذه البلدان إتباع سياسات نقدية ملائمة لدفع النشاط الاقتصادي. وفيما يتعلق بالاقتصاد الوطني، بين ذات البيان على ان تونس تمكنت خلال سنة 2012 من الخروج من حالة الركود التي شهدها قبل سنة وتحقيق انتعاشة تدريجية شملت جل قطاعات النشاط وخاصة الفلاحة والخدمات لاسيما السياحة والنقل الجوي مع تحسن المداخيل السياحية وحركة نقل الأشخاص ب30 ٪ و32٪ على التوالي، إضافة إلى قطاع الصناعات غير المعملية الذي شهد بالخصوص ارتفاع مؤشر إنتاج المناجم ب 11,2٪ إلى موفى أكتوبر 2012 وبدرجة أقل بالنسبة للطاقة. وبالمقابل سجل قطاع الصناعات المعملية الموجهة للتصدير تراجعا لنفس المؤشر بالنسبة للصناعات الميكانيكية والكهربائية والنسيج والملابس ب 1,1٪ و3,6 ٪ على التوالي. أما على مستوى التوازنات المالية، لاحظ المجلس أن جملة من التطورات السلبية المسجلة خلال السنة المنقضية والمتعلقة سواء بتردي الظرف الاقتصادي الدولي أو بمناخ الأعمال الداخلي ساهمت في احتداد الضغوط على ميزان المدفوعات الجارية وارتفاع مستوى الأسعار بالإضافة إلى تعمق عجز ميزانية الدولة. وفيما يتعلق بالمدفوعات الخارجية، افاد المجلس ان الصادرات تأثرت بتقلص الطلب الخارجي للبلدان الأوروبية الشريكة التي عرفت انكماشا في السنة المنقضية في حين ارتفعت الواردات، خاصة بالنسبة للطاقة ومواد التجهيز والمواد الاستهلاكية، بنسق سريع مما أدى إلى توسع العجز التجاري ب 35٪ خلال سنة 2012 وهو ما ساهم في تفاقم عجز ميزان المدفوعات الجارية الذي بلغ ما يعادل8,1٪ من الناتج المحلي الإجمالي مقابل 7,3٪ قبل سنة. وقد أمكن تمويل هذا العجز بفضل ارتفاع تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر (+85,4٪) من جهة وتكثيف تعبئة القروض الخارجية متوسطة وطويل الأجل من جهة أخرى مما ساهم في ارتفاع الموجودات الصافية من العملة الأجنبية إلى 12.576 مليون دينار أو ما يعادل 119 يوما من التوريد في موفى سنة 2012 مقابل 10.582 مليون دينار و 113 يوما في نهاية 2011. وفي مجال تطور الأسعار، ارتفعت نسبة التضخم إلى حدود5,9 ٪ بحساب الانزلاق السنوي و5,6٪ بالمعدل في موفى سنة 2012 مقابل 3,5٪ تم تسجيلها في سنة 2011. وشمل هذا الارتفاع جل مجموعات المواد وخاصة المواد الغذائية التي شهدت زيادة ب 8,4٪ في نهاية السنة المنقضية. وعلى المستوى النقدي، سجلت حاجيات البنوك من السيولة تراجعا تدريجيا خلال الربع الأخير من السنة وهو ما أدى إلى انخفاض تدخل البنك المركزي في السوق النقدية. وقد نتج عن هذه الوضعية، بالتضافر مع قرار البنك المركزي الترفيع في نسبة الفائدة الرئيسية في موفى شهر أوت 2012، ارتفاع نسبة الفائدة الوسطية في السوق النقدية من 3,16٪ في جانفي 2012 إلى 3,98٪ في شهر ديسمبر من نفس السنة. وفي بداية العام الحالي، تراجع تدخل البنك المركزي في السوق النقدية إلى حدود 3.663 مليون دينار خلال شهر جانفي (مقابل 4.786 مليون في الشهر السابق) بالعلاقة مع ترشيد إعادة التمويل من ناحية وتحسن السيولة المصرفية نتيجة بالخصوص للزيادة الملحوظة في نفقات الدولة من ناحية أخرى، فيما ارتفعت نسبة الفائدة الوسطية في هذه السوق إلى مستوى 4,25٪ في نفس الشهر. وبخصوص نشاط القطاع المصرفي، فقد اتسم بارتفاع قائم الإيداعات خلال سنة 2012 بنسق أسرع من ذلك المسجل في السنة السابقة (10,8٪ مقابل 5,1٪) ليشمل، بالخصوص، شهادات الإيداع والإيداعات تحت الطلب. وبالمقابل، سجلت المساعدات للاقتصاد تباطؤا في نسق نموها (8,7٪ مقابل 13,4 في سنة 2011) شمل، أساسا، القروض متوسطة الأجل بالعلاقة مع تباطؤ الاستثمار الخاص. وعلى ضوء هذه التطورات، و مع تسجيل مجلس ادارة البنك المركزي لبوادر استعادة النشاط بنسق مشجع في بعض القطاعات من ناحية و استمرار الضغوط على التوازنات المالية الداخلية والخارجية من ناحية أخرى، فقد دعا المجلس الى ضرورة التصدي إلى مصادر هذه الضغوط داعيا إلى مزيد من الحذر و العمل على اتخاذ الإجراءات الكفيلة بالمحافظة على هذه التوازنات في حدود مقبولة كعامل أساسي لتوفير الشروط الملائمة لتدعيم الاستثمار المحلي والأجنبي ودفع النمو والتشغيل واستعادة مقومات الاستقرار الاقتصادي والمالي. كما قرر البنك المركزي الإبقاء على نسبة الفائدة الرئيسية له دون تغيير.