افتتح حمادي الجبالي رئيس الحكومة المؤقتة صباح اليوم بقمرت يوما دراسيا حول "السكن الاجتماعي والتكنولوجيات الحديثة" بحضور باعثين عقاريين ومهندسين ومقاولين ومختلف المتدخلين في قطاع البناء من تونس ومن الخارج. وبيّن رئيس الحكومة حسب ما جاء في الموقع الرسمي لرئاسة الحكومة أنّ هذه التظاهرة تتنزّل في إطار مقتضيات برنامج الحكومة والسعي إلى بناء مجتمع متوازن ومتماسك ومستقر يضمن الحد الأدنى من الرعاية والعيش الكريم لمختلف شرائحه مضيفا انه "رغم ما تبرزه الإحصائيات من أهميّة عدد المالكين للمساكن، فقد سجل منذ انطلاق الثورة طلبات عديدة على السكن بمختلف جهات الجمهورية لفئات كبيرة مهمشة لم يتسن لها الحصول على مسكن لائق نتيجة عدم قدرة المنظومة المعتمدة من قبل الدولة الاستجابة لتطلعاتها." وأضاف الجبالي أنّ هذا اليوم الدراسي هو مناسبة للانطلاق الفعلي في تنفيذ البرنامج الخصوصي للسكن الاجتماعي وإكسابه بعدا دوليّا بمشاركة عديد الكفاءات الوطنية والأجنبية من خلال تقديم عرض لنماذج من التكنولوجيات الحديثة للبناء حيث سيتمكّن المشاركون من مهندسين وباعثين عقاريين ومقاولين ومختلف المتدخلين في قطاع البناء مقارنة مع التقنيات المعتمدة في تونس، بالإضافة إلى التقليص في آجال التنفيذ وكلفة البناء وهو ما تنشده الحكومة عند تنفيذ البرنامج السكني الذي تم إقراره ضمن ميزانية هذه السنة. وأكد الجبالي بهذه المناسبة أنّ أهم نقائص التي تشكو منها المنظومة الحالية تتمثّل في الارتفاع المشط في كلفة الأراضي الصالحة للبناء وخاصة بالتجمعات العمرانية الكبرى وعدم قدرة المقسمين الخواص على توفير مقاسم اجتماعية بكلفة منخفضة. وتطرّق الجبالي أيضا إلى محدودية دور شركات البعث العقاري العمومي المتمثّلة أساسا في شركتي السنيت والسبرولس في توفير السكن الاجتماعي حيث لا يتجاوز عدد المساكن المنجزة سنويا من قبلها حوالي ال 1.500 مسكنا موزعة على مختلف جهات الجمهورية من جملة 10.000 مسكنا ينجزها الباعثون العقاريون العموميون والخواص سنويا. كما أبرز حمادي الجبالي حصر تدخل الباعثين العقاريين الخواص أساسا في توفير السكن الرفيع وتركيز نشاطهم في التجمعات العمرانية الكبرى وبالمناطق الساحلية. وبيّن الجبالي عدم توفر منظومة تمويل ملائمة للشريحة من المجتمع ذات الدخل المحدود من غير الأجراء. وأضاف الجبالي أنه في إطار اعتماد منهجيّة تشاركيّة لانجاز البرنامج فقد تمّ الحرص على تشريك جميع المتدخّلين بمختلف جهات الجمهورية وخاصة مكوّنات المجتمع المدني موضحا ان البرنامج يتوزع إلى جزئين: جزء عاجل يهدف إلى إزالة المساكن البدائية وتعويضها بمساكن جديدة وجزء على المدى المتوسّط يهدف إلى توفير السكن الاجتماعي لذوي الدخل المحدود. ومن جهة أخرى، أفاد الجبالي أن العديد من ممثلي شركات البناء عبروا عن استعدادهم للانطلاق في تركيز وحدات لتصنيع المكونات الحديثة المعتمدة في البناء وهو ما سيعزز فرص توفير مواطن شغل سواء لأصحاب الشهادات العليا أو لبقية العاطلين عن العمل وذلك بمختلف مناطق الجمهورية. كما أعلن أن الحكومة ستتخذ جملة من الإجراءات التنظيمية والمراجعات القانونية الضرورية لضمان شفافية الصفقات العمومية وتقليص آجالها وتنظيم القطاع وتأهيل المتدخلين فيه وإعداد منظومة متطورة فيما يتعلّق بتأهيل وتصنيف الشركات الوطنية ومكاتب الدراسات بما يضمن تطويرها لتكون أكثر تنافسية وتمكّن من تحقيق الجودة العالية في مجال إنجاز المشاريع وتقديم الخدمات مضيفا أنّه سيتمّ استغلال بعض الأراضي الدولية القابلة للبناء على مستوى الولايات وذلك للضغط على كلفة الوحدات السكنية. كما دعا رئيس الحكومة المؤقتة كافة المتدخلين في قطاع البناء للانخراط في المجهود الوطني الموجه نحو المساهمة في تحقيق تطلعات المواطنين في الحصول على مسكن لائق وذلك إلى جانب الدور المحوري للدولة في دعم القطاع ودعم كلفة المسكن وإنجاز برنامجها للسكن الإجتماعي. وقد قام رئيس الحكومة بجولة في المعرض المقام على هامش الندوة، عاين فيه مجموعة من تقنيات البناء الحديثة وحث المتدخلين في مجال البناء على التمعن في هذه التقنيات لاختيار الأجدى منها لاعتمادها في تنفيذ المشاريع السكنية وعلى اكتشاف تقنيات جديدة تمكن من الانفتاح على العالم الخارجي وتطوير نفسها من خلال اعتماد تقنيات أو استعمال مواد مركبة تمكّن من الضغط على الكلفة والتقليص في الآجال وكذلك الترفيع في الجودة. وصرح رئيس الحكومة لوسائل الإعلام أن الحكومة تعمل على أن لا تتجاوز كلفة المسكن الواحد الذى سيستفيد منه أصحاب الدخل المحدود 35 ألف دينار تسدد على 25 سنة مع منحهم فترة إمهال تقدّر ب3 سنوات مع تحديد نسب فوائض ضعيفة. ويذكر أنّ الحكومة قد أقرّت خلال شهر أفريل الفارط برنامجا خصوصيا للسكن الاجتماعي تمّ التنصيص عليه ضمن وثيقة "برنامج عمل الحكومة لسنة 2012" ويتمثّل في توفير 30.000 مسكن اجتماعي على مدار سنتين موزعة على كافة ولايات الجمهورية والحكومة ساعية في البحث عن موارد أخرى لتمويل هذا البرنامج الهام. كما بادرت الحكومة ضمن برنامجها لسنة 2012 وفي إطار تحسين ظروف عيش مواطنينا القاطنين بالأحياء الشعبية الفاقدة لأبسط مقومات الحياة الكريمة والتي تفتقد لكافة المرافق، بإقرار برنامج جديد لتهيئة الأحياء السكنية الكبرى بكافة الولايات اضافة الى انطلاق أشغال 30 حيا خلال الفترة القادمة ويهدف إلى الارتقاء بها إلى المستوى الذي يطمح إليه المتساكنون.