قال رئيس حركة نداء تونس الباجي قائد السبسي أنه أقنع النهضة بالمشاركة في الحوار الوطني وأنه أقنع الشيخ راشد الغنوشي رئيس الحركة بأنه إذا لم يتعاون فإن حزبه سيقع اسقاطه بالقوة. وأضاف في حوار لمجلة "لوبوان" الفرنسية أنه يرى أن تنظم الانتخابات الرئاسية قبل التشريعية. وفي التالي نص الحوار: *كيف تقبلتم تشكيل حكومة جديدة من تيكنوقراط؟ يوم الثلاثاء كان يوما عظيما بالنسبة لتونس، هدفنا كان رحيل الحكومة وهذا ما حصل، والآن تونس ستشرع في الذهاب إلى الأمام، بعد استرجاع الثقة، وعودة الإستثمارات. *كيف استطاعت النهضة أن تقبل بالتخلي على السلطة؟ أنا من جهتي أقنعت النهضة بالمشاركة في الحوار الوطني، قلت لراشد الغنوشي أنه إذا لم يتعاون، فإن حزبه سيقع اخراجه بالقوة من السلطة. والآن النهضة خرجت من السلطة، وهذه أول حالة من نوعها، ففي العموم فإن الإخوان المسلمين عندما يعتلون السلطة، لا يتركونها إلا بعد استعمال العنف، نحن دفعناهم قليلا، فغادروا من دون اراقة دماء. مقاربتنا في هذا لا تعتمد على أن لا تكون اسلاميا، لكن عن الكيفية السيئة التي حكموا بها، وما تسببوا فيه من تدهور أحوال البلاد، والذهاب بها نحو الإفلاس". *هل كان للوضع في مصر تأثير على قرار النهضة؟ لا نستطيع أن نقول أن ما حصل في مصر لم يلعب دورا فيما حصل في تونس، لكن النهضاويين يختلفون عن الإخوان المسلمين في مصر، فهم أكثر حداثة، فتونس كانت دوما بلادا معتدلة، فالإسلام التونسي السني المالكي، هو دين انفتاح على الآخر بالمقارنة مع الوهابية". *ماهي الإستحقاقات القادمة للحكومة الجديدة؟ المجلس التأسيسي انتخب هيئة عليا مستقلة ستنظم الانتخابات القادمة، وعلينا أولا المصادقة على القانون الإنتخابي قبل تحديد موعد محدد للانتخابات، وأظن أن الإنتخابات ستنظم في شهر أكتوبر القادم، ومن رأيي أنه لابد من تنظيم انتخابات رئاسية قبل الإنتخابات التشريعية. *هل ستترشحون للانتخابات القادمة؟ بالطبع هناك امكانية، لكن يجب انتظار تحديد موعد دقيق للانتخابات، سوف يكون هناك عدة مرشحين، لأن في تونس توجد تعددية. *هل أن النهضة بالفعل خارج اللعبة؟ النهضاويون هم جزء من المشهد السياسي التونسي، ولكن لن يصبح حزبهم مهيمنا على الساحة كما كان في العامين الماضيين، وكما أنهم يمثلون حزبا ايديولوجيا، سيتمكنون من ضمان نصيبهم من الأصوات، لكن ستخفض إلى أدنى مستوى، في النهاية لن يكون للنهضة نفس نتائج انتخابات 2011، وبطريقة أخرى فإن نسبة 18 في المائة التي تحصلت عليها في 2011 جاءت بسبب نسبة التغيب الكبيرة في الانتخابات الماضية، والنسبة الضعيفة للتسجيل فيها. *ماذا عن الرئيس الحالي المنصف المرزوقي (حليف للنهضة)؟ من دون شك لن نتذكر ولايته، المنصف المرزوقي قبل بمنصب رئيس من دون صلاحيات فعلية والتي اسندت من قبل النهضة إلى رئيس الحكومة. أظن أن المرزوقي سيترشح للانتخابات القادمة، انظروا فقد شرع في حملته الانتخابية، ولا فائدة في القول أن أداءه في الرئاسة لن تلعب لصالحه في الانتخابات القادمة. *في فرنسا، وسائل الإعلام ركزت كثيرا على التهديد الإسلامي، هل لا تظن أنها ذهبت كثيرا في ذلك؟ بالتأكيد، وجدت تهديدات، فالحكومة والسلطات العمومية وقفت متراخية أمام العنف السلفي، لأنهم لا يريدون مشاكل معهم. والدليل ، لم تمر إلا 5 أشهر فقط على تمسية تنظيم أنصار الشريعة تنظيما ارهابيا، لقد تركوا الوضع يتأزم كثيرا من الوقت، وهذا السبب هو الذي جاء بالاغتيالات السياسية، والهجوم على السفارة الأمريكية. *ماهو دور النهضة في هذا الإختراق السلفي؟ الواضح أنه وجد تراخي من طرف السلطات التي سمحت لهم بذلك. النهضة والجهاديين من نفس العائلة، هدفهم هو تغيير النمط الاجتماعي للبلاد، يريدون مجتمعا اسلاميا بالاعتماد على الشريعة كمصدر أساسي في الدستور، لكن بتفاوت كبير بينهما. لكنهم لم ينجحوا، لان المجتمع المدني موجود وتحرك، وخاصة المرأة التونسية، التي كانت في الطليعة في هذه المعركة ضد أسلمة المؤسسات، وأرجو أن تستمر الحكومة القادمة في هذه المعركة. *فيما يتمثل برنامجكم؟ يبقى الفقر هو أبرز سبب للثورة، وقد بدأت بالشباب ومن دون أي خلفية ايديولوجية أو دينية أو سياسية، وطالبت بالحرية والكرامة والعدالة الإجتماعية. عديد الجهات ظلت مهمشة، وتعاني من البطالة، لأنها مطرودة من الدورة الإقتصادية، وهذا كله بالإضافة لارتفاع كلفة المعيشة، والتي أضرت بالطبقة الوسطى التي بدأت تلتحق بالطبقة الفقيرة، والحكومة الجديدة يجب أن يتوفر لها برنامج قوي يستطيع الرد على هذا الواقع. *ولكن ماهو الطريق لاعادة احياء اقتصاد يحتضر؟ يجب على الحكومة تغيير أولوياتها في الميزانية، عليها أولا أن تخلق صدمة نفسية لاعادة الثقة للشعب وللخارج، والانتقاص في المصداقية هو الذي منع تونس من الحصول على القرض من الصندوق النقد الدولي (تم صرفها يوم الأربعاء وتتمثل في 506 مليون دولار لتونس. ومن دون المستثمرين الأجانب لا تستطيع تونس الخروج من النفق، ولهذا لا بد من أن تعطي الدليل بأنها استعادت الاستقرار، وأن هناك عمل كبير لمقاومة الإرهاب. *شخصيا ألا تُعتبرون أنفسكم سياسيا من الماضي، ينتمي إلى الحرس القديم؟ الشباب هو حالة ذهنية، ليست حالة مدنية، حتى بانتمائي إلى النظام القديم، وهذا ليس مجرد صدفة أن أكون الأول في استطلاعات الرأي. عندما عرض علي رئيس الجمهورية (فؤاد الامبزع) أن أشغل الوزير الأول في حكومة انتقالية قبلت في النهاية لأنه كانت توجد تهديدات، الحدود مفتوحة والتونسيون يهربون إلى إيطاليا، المؤسسات الاقتصادية حرقت والسجون فتحت، واستطعنا في الأخير تنظيم انتخابات وتهدئة الجو. تونس في حاجة للجميع. في عام ونصف نداء تونس هو أول حزب من خلال استطلاعات الرأي، ولدينا أكبر عدد من المنخرطين.