أصدرت اليوم جمعية القضاة التونسيين بيانا أكدت فيه على تضامنها مع عائلات شهداء وجرحى الثورة وقضيتهم الوطنية العادلة وعلى حقهم في عدالة منصفة وفي تحميل المسؤوليات كاملة لكل من يتحمّلها في جرائم قتل الشهداء وجرح من ثاروا ضد نظام القمع والاستبداد. وذكّرت الجمعية بمواقفها منذ اندلاع الثورة، المؤكدة على غياب ضمانات الاستقلالية للقضاء العسكري تجاه السلطة التنفيذية بما يحدّ من توفر شروط المحاكمة العادلة أمامه (توصيات الندوة العلمية التي نظمتها الجمعية حول القضاء العسكري بتاريخ 11 ماي 2012) وبالجهود التي بذلتها الجمعية إبان مناقشة الدستور الجديد لإقناع السلطة التأسيسية بالتنصيص الواضح على أن القضاء العسكري هو قضاء استثنائي وليس قضاء متخصصا لتجنّب توسيع صلاحياته لاحقا خارج نطاق الجرائم العسكرية المرتكبة من العسكريين عند قيامهم بوظائفهم وذلك باعتبار أن القضاء المدني هو القضاء الطبيعي الحامي لحقوق وحريات كل الأفراد بمن فيهم العسكريون (توصيات الندوة العلمية للجمعية بتاريخ 14/06/2013 في إطار قراءة لمشروع الدستور 1 جوان 2013، والمذكرة التي وجهها المكتب التنفيذي للجمعية في ديسمبر 2013 وجانفي 2014 إلى السيد رئيس المجلس الوطني التأسيسي السادة ممثلي المنظمات الراعية للحوار الوطني والسادة ممثلي الأحزاب المشاركة فيه والسادة نواب المجلس الوطني التأسيسي حول حصيلة أعمال لجنة التوافقات بخصوص الدستور). موضّحة أن السلطة السياسية التنفيذية والتشريعية بعد الثورة تتحمّل مسؤولية خيار الإبقاء على المجال الموسع لاختصاص القضاء العسكري خارج نطاق الجرائم العسكرية وتعهد المحاكم العسكرية بناء على ذلك الخيار بقضايا شهداء الثورة وجرحاها. منبّهة من خطورة التدخل التشريعي لسنّ أي إجراءات استثنائية لتدارك تلك المسؤولية السياسية بما يناقض المبادئ الدستورية الجديدة التي تحجّر التدخل في سير القضاء وسن أي إجراءات من شأنها التشريع لإلغاء الأحكام النهائية وسلطة القضاء بحسب الظرفية السياسية بما يتنافى ومقومات النظام الجمهوري في الفصل بين السلط. وطالبت جمعية القضاة التونسيين بالتعجيل في تفعيل إجراءات العدالة الانتقالية حتى تشمل قضايا شهداء وجرحى الثورة . مشددة على ضرورة التسريع في ملائمة التشريعات المنظمة للمحاكم العسكرية واختصاصاتها بما يتطابق وأحكام الفصل 110 من الدستور الجديد وذلك باعتبار المحاكم العسكرية محاكم استثنائية وتحديد اختصاصاتها في الجرائم العسكرية المرتكبة من العسكريين أثناء أدائهم لوظائفهم العسكرية دون غيرها مع وجوب أن تتقيّد تلك المحاكم بشروط المحاكمة العادلة وسحب ضمانات الاستقلالية المكفولة للسلطة القضائية على المحاكم العسكرية وعلى قضاتها. وحذّرت من خطورة الزج بالسلطة القضائية في خضم التجاذبات السياسية تحت غطاء الانتصار لقضية شهداء وجرحى الثورة والحال أنّها قضية وطنية يجب أن تُحيَّد عن كل التوظيفات.