قال الأمين العام لحزب التيار الشعبي والقيادي البارز في الجبهة الشعبية زهير حمدي إن مشاركة حركة النهضة في الحكومة المقبلة تعتبر محاولة لطي ملف الاغتيالات في البلاد، مشيرا إلى أن "نداء تونس" هو حزب ليبرالي ولا علاقة له بمطالب الثورة الحقيقية، كما نفى وجود انقسام داخل الجبهة الشعبية، مؤكدا أن مصلحة البلاد تقتضي بقاءها في المعارضة. وأكد ل "القدس العربي" وجود تقدم في التحقيقات المتعلقة باغتيال البراهمي، مشيرا إلى أن هيئة الدفاع تقدمت بطلب لقاضي التحقيق بهدف توجيه الاتهام لكل من رئيس الحكومة السابق علي العريض (الأمين العام لحركة النهضة) ووزير الداخلية الحالي لطفي بن جدو، فيما يتعلق بعدم اتخاذها إجراءات كافية لمنع عملية الاغتيال بعد ورود برقية تحذير بهذا الشأن من قبل المخابرات الأمريكية. وكانت النائبة والقيادية في الجبهة الشعبية مباركة البراهمي كشفت فيها عن وجود اتصال مفترض تم يوم اغتيال زوجها القيادي محمد البراهمي بين العريض ورئيس حركة النهضة الشيخ راشد الغنوشي وتحدثا فيه عن عملية الاغتيال. فيما اعتبر الناطق باسم «النهضة» زياد العذاري أن محاولة البعض نشر «شائعات غير صحيحة» تتعلق باغتيال البراهمي في هذا التوقيت محاولة ل «تسميم الأجواء وخلق التوتر والاحتقان ومحاولة تقسيم المجتمع التونسي» في محاولة لمنع «النهضة» من المشاركة في الحكومة المقبلة. وأكد حمدي أنه لا يمتلك معلومات حول موضوع المكالمة، لكنه أشار إلى تورط بعض القيادات الأمنية ومسؤولين في الدولة بطريقة أو بأخرى في عملية الاغتيال، مشيرا إلى أن إثارة موضوع الاغتيال حاليا لا تحمل أية أهداف سياسية، على اعتبار أن «الهدف أولا وأخيرا هو كشف الحقيقة، مهما كانت تبعات ذلك على الأطراف السياسية أو الأطراف الأجنبية التي يفترض تورطها في ذلك». وكان القيادي في حركة النهضة عبد اللطيف المكي أشار إلى وجود أطراف من «العائلة اليسارية الماركسية» (في إشارة إلى الجبهة الشعبية) ترغب بإحراج رئيس الحكومة وإقصاء «النهضة» من المشهد السياسي، لأنه ترفض وجودها «من منطلق أيديولوجي». وعلّق حمدي على تصريحات المكي بقوله «نحن لا نسعى لإقصاء أي أشخاص أو تيار فكري بعينه، ولكننا نعتقد أن الذين حكموا في مرحلة ما (النهضة وحلفاؤها) وكانت لهم مسؤوليات في الاغتيالات لا يمكن أن يأتمنهم الشعب التونسي على مستقبله، وأية محاولات لإشراكهم (في الحكم) نعتبرها رسالة سلبية تفيد بأن هناك نية لطي ملفات الاغتيالات». وفي السياق، نفى حمدي وجود محاولات لإقصاء الجبهة الشعبية من الحكومة المقبلة، مشيرا إلى أن الجبهة أساسا «لا تجد نفسها إلا في المعارضة، ومن مصلحة تونس أن تكون هناك قوة حقيقية تحافظ على التوازن السياسي». وأضاف «الجبهة اختارت هذا الموقف على اعتبار أن الأحزاب المكلفة بتشكيل الحكومة لا تقترب بأي شكل من برامجنا وخياراتنا، ونحن نعتبر أن الحزب الأول (نداء تونس) ليبرالي يؤمن باقتصاد السوق ولا علاقة له بمطالب الثورة الحقيقية، وخاصة المطالب الاجتماعية، وهذا ينطبق أيضا على الأحزاب التي تحلقت حوله». ويشير بعض المراقبين إلى وجود خلافات كبيرة بين مكونات الجبهة الشعبية، وخاصة فيما يتعلق بالموقف من بعض القضايا السياسية الرئيسية كالعلاقة مع نداء تونس والمشاركة في الحكومة، مشيرا إلى جود انقسامات قد تؤدي لاحقا إلى تفكك هذا التحالف اليساري الذي يشكل القوة الثالثة في البلاد. لكن حمدي ينفي هذا الأمر، مشيرا إلى أن الجبهة الشعبية «هي أول تجربة تونسية وعربية تجمع قوى متنازعة تاريخية (يسارية وبعثية وناصرية) لكنها تعرف بعضها جيدا ولديها قدرة على تعبئة الشارع والعمل الميداني، وهذه القوى قد تختلف فكريا وأيديولوجيا، ولكن تجمعها أرضية سياسية مشتركة». ويضيف «الظرف الإقليمي والدولي يفرض على هذه القوى أن تقود النضال التقدمي ضد الإسلام السياسي وضد المشاريع الاستعمارية، كما أن الجبهة استطاعت تجاوز خلافاتها في مختلف المناسبات، ومواقفها تجاه القضايا الكبرى والرئيسية موحدة دوما، ولذلك ليس هناك مجال للرهان على تصدعها أو تفككها من قبل القوى المعادية». من جانب آخر، يشير حمدي إلى وجود تخوف دائم من قبل الجبهة الشعبية على الاستقرار في البلاد «وسط محيط متقلب سمته الرئيسية العنف والإرهاب في تونس والدول المجاورة والذي يهدد وحدة تونس». كما يؤكد أن المسار الديمقراطي في البلاد «يبقى دائما مهددا طالما أنه لم يتم فرز سياسي حقيقي في هذه المرحلة»، مشيرا إلى أن عودة النظام القديم (نظام بن علي) مستحيلة «إنما السياسات والمنظومات يمكن أن تعود، وأعتقد بأن وجود قوى كالجبهة الشعبية وغيرها سيساهم في تكبح جماح محاولات العودة إلى الوراء». ويضيف «وأود التأكيد على أن المطالب الاجتماعية التي هي الجوهر الرئيسي للثورة التونسية لم تتقدم طيلة السنوات الأربع الماضية، ربما هناك تقدم كبير على مستوى الحريات والديمقرطية وغيرها، ولكن ذلك يبقى مهددا ومنقوصا طالما أن الشعارات والأهداف الرئيسية المتعلقة بالمضامين الاجتماعية للثورة (العدل الاجتماعي والتنمية والتشغيل وغيرها) ما زالت مغيّبة».