هناك ضمن واقع منظومة الألبان ببلادنا، حكايات وأسرار وخفايا، ارتأينا الخوض فيها مع السيد محمد علي شطيبة، خبير مستشار في الإنتاج الحيواني، ورئيس لجنة الإنتاج الحيواني في الجمعية الإفريقية للأطباء البياطرة وصاحب مشروع رائد في مجال تأطير صغار المربين المنتجين، ويعتبر من الكفاءات التونسية التي عانت وتعرّضت الى مضايقات ومظالم خلال النظام السابق. مليونان و850 ألف لتر حليب يوميا الطاقة الجملية للتحويل بمصانعنا انطلق حديثنا مع السيد محمد علي شطيبة، بالتطرّق الى ظاهرة ملفتة للإنتباه في قطاع الألبان، وهي المتعلّقة بسكب وإهدار كميات كبيرة من الحليب من قبل المصانع، فكان أن أوضح بأن الفترة الحالية هي فترة ذروة الإنتاج، وتقدّر الطاقة الجملية للتحويل بالمصانع في الجمهورية، بنحو مليونين و850 ألف لتر يوميا (منها 450 ألف لتر لتحويل الأجبان) ويوجد بمراكز التجميع في ولاية سيدي بوزيد مثلا، طاقة لاستيعاب 260 ألف لتر يوميا. مايُفهم من هذه المعطيات، هو أنّه مقابل وفرة الإنتاج الذي هو في ذروته، تبدو طاقة الاستيعاب لدى المصانع دون ماهو متوفّر من الكمّيات المنتجة. ولحماية المنتج من الوقوع بهذه المشكلة، يمكن الاتفاق بين المنتج والمجمع والمصنع على إبرام عقود إنتاج، وتكمن في عمليات التجفيف والحلول الممكنة الأخرى. ولاحظ مستجوبنا أن تحويل الولادات الى المناطق السقوية نقطة هامّة كذلك في نفس الإطار، رغم أن إشكالية غلاء الأعلاف تلقي بظلالها على وضع القطاع،مما يحتّم التفكير في تصوّر استراتيجي لمنظومة الأعلاف الخضراء، باعتبار أن الأعلاف المركّزة ليست في الحقيقة الا مكمّلات. ولئن تعتبر مشكلة منظومة الألبان مشكلة هيكلية، نظرا للعامل المتصل خاصة بتشتت الفلاحين الذين يوجد لدى الصغار منهم، 80 بالمائة من الأبقار، اضافة الى ماتشكوه منظومة الإرشاد الفلاحي وتأطير صغار الفلاحين من نقص، فإنه يبقى الفلاّح، الحلقة المستضعفة في كامل المنظومة، اذ يجد نفسه واقعا تحت رحمة بقية الحلقات. غياب المصادقة الصحية على القطيع مشكلة حقيقية ان المشكلة الأساسية للقطيع من الأبقار في المنظومة الفلاحية ببلادنا، هي المشكلة الصحية المتمثلة في غياب قاعدة ترقيم، والمصادقة الصحية على القطيع. ويضيف محمد علي شطيبة بوصفه خبير مستشار في الإنتاج الحيواني ان الترقيم يمكن من الحصول على بنك معلومات خاص بالقطيع، وعرّج في هذا الإطار على برنامج القطيع النواة الهادف الى إرساء منبت حيواني من أجل تنمية مستديمة، رغم أن مصطلح التنمية المستديمة تمّ توظيفه في النظام السابق لابتزاز ونهب الأموال والخيرات التي تزخر بها البلاد. ويتكوّن القطيع النواة وفق البرنامج النموذجي الذي انطلق ببعثه محدّثنا منذ سنة 2000 من سلالات مزدوجة (توفر اللحم والحليب معا)، على أن يتولى المرّبون استخلاص القروض عبر العجول، بتكفّل الدولة بإسناد منحة ب 30 بالمائة، ويتعهّد المستثمرون الأجانب بنسبة 70 بالمائة. وسيتم إرساء تجربة القطيع النواة (من خلال 1200 بقرة) بجندوبة، ويذكر صاحب التجربة أو البرنامج، محمد علي شطيبة أن والي الجهة قد استقبله مؤخرا، مرحّبا بالبادرة، نظرا لما سيوفره البرنامج من فرص تشغيل لما لايقلّ عن 250 عائلة، بعد الحصول على التمويل اللازم والاستثمار الأجنبي. ومن خلال المصادقة الصحية على مستوى الإنتاج والتحويل، يقع ضمان الاسترسال في انتاج الألبان، وببادرة شخصية، قام مستجوبنا الذي له حكاية مع ظلم وقمع نظام المخلوع، بالإتفاق مع السلط الجهوية بسيدي بوزيد، ببرمجة بعث شركة خدمات فلاحية وبشراكة ليبية تضمّ مراكز التجميع بالجهة، قصد تصنيع الحليب وتصديره الى ليبيا، السهر على تأطير صغار المربين المنتجين. أطالب باسترجاع أرضي المسلوبة مني كان البرنامج المندمج لتأطير صغار المربين حلما جميلا راودني منذ سنوات، ولكن بعض أتباع بن علي، اغتصبوا مني الحلم... ويقول محمد علي شطيبة الذي تحصل على عدّة تتويجات في الخارج، ومنها حصوله على درع الأطباء البياطرة في السودان في جانفي 2009، وميدالية للاستحقاق البيطري من وزير الزراعة البرتغالي، إضافة الى تكليفه برئاسة لجنة الإعلام في الجمعية العربية الأوروبية للأطباء البياطرة: خلال سنة 2008 ، افتك مني أحد أقارب المخلوع قطعة الأرض التي تمسح 14 هكتارا بمنطقة الحبيبية من ولاية منوبة، بعد أن عزمت على تنفيذ حلمي ومشروعي المتمثل في برنامج مندمج لتأطير صغار المربين المنتجين، والذي تطلب مني البرمجة لتوريد ألف بقرة ومصاريف لأجل مركز لتجميع الحليب وتربية الأراخي المؤصلة بقيمة 140 ألف دينار. وبعدما تعرّضت اليه من مظلمة، وجدت نفسي مدانا للبنك الوطني الفلاحي ب 220 ألف دينار (أصل الدين) ومهدّدا ب 6 أشهر سجنا للتفويت في معقول، مع أن «الجماعة السراق» افتكوا الأرض بما عليها، فهل هذا معقول...؟ ويؤكد مستجوبنا أنه يملك كل الوثائق والأدلة على مايقول، كما أنه عندما التقى الهادي البكوش، في تلك الفترة، ليطرح عليه مشكلته، أعلمه بصريح العبارة، بأن الأمر خطير. وبعد قيام الثورة، وسقوط النظام البائد، يطالب محمد علي شطيبة باسترجاع أرضه المسلوبة، حتى يستكمل انجاز المشروع، لإفادة أبناء بلاده، وتوفير فرص الشغل في المناطق الداخلية.