تحظى حكومة " الوحدة الوطنية "بشرعية إنتخابية ب0عتبارها منبثقة عن عملية ديمقراطية شهد العالم بشفافيتها ونزاهتها رغم بعض الهنات التي تحسب على الدربة وقلة التجربة، كما انها ذات تركيبة إئتلافية من عدة أحزاب تمثل أغلبية مطلقة في مجلس نواب الشعب وهو ما يمثل نظريا على الأقل مصدر قوتها، بقي هل إستفادت هذه الحكومة من الشرعية ذات المستندين المذكورين خاصة وأنها أظهرت من التردد والإرتباك والتراجع ما أثار إستغراب الملاحظين بالداخل والخارج، فحكومة بهذه الشرعية والقوة البرلمانية لا يمكن لها أن تسقط في متاهات تلك الفخاخ والمطبات التي عادة ما تسقط فيها الحكومات ذات التمثيل البرلماني الضعيف والهش، لكن الباحث بدقة في هذه المسألة والمتابع بعيون المعاينة العميقة لأداء هذه الحكومة وما يحدث بداخلها يكتشف أن "الفرامل " التي تعيق عملها أكثر وأشد تأثيرا من الدوافع التي تحثها على التحرك، وهو ما أثر سلبا على أدائها العام والأداء الفردي لبعض الوزراء الذين أكدوا مع مرور الأيام ضعفا فادحا في التعامل مع الأزمات المتفاقمة وحتى الطارئة والمسائل العالقة وذلك لآنعدام الكفاءة المطلوبة لديهم وقلة تجربتهم من جهة وعدم إعتمادهم على الكفاءات المختصة في وزاراتهم ، مخيرين الإستنجاد بمستشارين من أحزابهم ولا يفوقونهم كفاءة وتجربة ومعرفة، وبمجرد الإطلاع على برامج بعض الوزارات نكتشف بيسر عدم واقعية أغلب تلك المشاريع التي يعلنون عنها و0نعدام صلتها بخصوصيات الأولويات وطبيعتها العاجلة ومدى تأثيرها على المناخ العام بالبلاد ، بالإضافة إلى غياب الإنسجام بين وزراء هذه الحكومة مما ولد حالة من التجاذبات الخطيرة التي أعاقت إمكانية توفير الظروف الملائمة لإيجاد نوع مما يسمى،إصطلاحا، بالتضامن الحكومي . ظهرت هذه الحالة في أغلب القرارات والإجراءات التي إتخذتها . لم تبق هذه التجاذبات والصراعات حبيسة الكواليس والجلسات المغلقة وانما تعمدت بعض الأحزاب المشاركة في هذه الحكومة ،إن لم نقل كلها، الكشف عنها عبر تصريحات قادتها في وسائل الإعلام المحلية والخارجية وبقية المنابر المفتوحة في إطار سياسة المزايدات التي أصبحت ظاهرة عامة في الساحة السياسية ، كما لا يجب نسيان ما يحدث في الأحزاب المصنفة " كبرى" والمكونة لهذا الإئتلاف من صراعات أدت إلى انشقاق في نداء تونس وتململ في حركة النهضة وتحركات غاضبة في آفاق تونس، وقد إشتدت هذه الصراعات في الأسابيع الأخيرة وهو ما أثر سلبا على أداء الحكومة وعمل مجلس نواب الشعب وباقي مؤسسات الدولة، وشغلها عما يحدث إقليميا وخاصة في القطرالليبي الذي يمثل إمتدادا إستراتيجيا حيويا لبلادنا ، وكل ما يحدث هناك ينعكس على أوضاعنا الداخلية سلبا وإيجابا . كانت الديبلوماسية التونسية شبه غائبة عن الشأن الليبي في حين انها المعنية الأولى بما يحدث هناك. ن كان المناخ الداخلي الذي تعمل فيه حكومة يوسف الشاهد متوترا فإن المناخ الخارجي،بمعنى خارج تركيبتها أكثر إرباكا لها، خاصة بعد تكاثر الضغوطات و0شتدادها وتصاعد حدتها من جهات مختلفة كالأطراف الإجتماعية والنقابات وأحزاب المعارضة ، الممثلة في مجلس نواب الشعب أو الجالسة على ربوة الإنتظار، والتحركات الشارعية ذات الخلفية المطلبية في ظل الفوضى والإنفلات وغياب هيبة الدولة وسلطة مؤسساتها .