التونسية (تونس) نعم...هو بكل المقاييس عيد نحتفل فيه جميعا بالعودة المدرسية حيث يتوجه ابناؤنا الى مدارسهم ينحتون في صخور الجبال مسالك ليعبروا مطبات الجهل نحو حقول العلم ورياض المعرفة. اليوم 16 سبتمبر تفتح المدارس الابتدائية والاعداديات والمعاهد الثانوية ابوابها لتستقبل جحافل التلاميذ قادمين والبشر يعلو محياهم طالبين العلم من المهد الى اللحد راسمين خارطة الطريق التي تنتهي حتما برفع اسم تونس بين صفوة البلدان العظمى التي آمنت بالراس مال البشري واشتغلت على حقل التعليم فتقدمت اشواطا كبيرة في الصناعة والتكنولوجيا والزراعة رغم قلة مواردها الطبيعية . اليوم يؤم ابناؤنا قاعات الدرس وفي أذهانهم رحلة التميز والتألق تحت عنوان « لا الرحلة ابتدأت ...و لا الدرب انتهى» ضاربين في الارض حرثا وبذرا من اجل الحصاد ....يسقون التربة الصالحة في أرض معطاء بعيدين عن التجاذبات السياسية والانتماء الايديولوجي طالما المعرفة في جوهرها لا تؤمن بغير الابداع الانساني والفعل الفكري والاجتهاد المتواصل حتى تتحقق ذات الانسان في اكتمال صورتها الاخلاقية . صورة رائعة بكل المقاييس تفضي على الشارع قداسة وسحرا وتفوح معها رائحة العلم الذي يختلط بشذى الحبر والطباشير وأوراق الكتب والكراس ...اطفالنا يتأبطون محافظهم يسيرون في هيبة الأباطرة والقديسين مرفوقين بآبائهم يوشحون الأنهج والحارات وفضاءات المدارس بصخبهم وحكاياتهم وتهاليلهم يختصرون فيها مغامرات عطلة الصيف بين البحر والجبل والريف الجميل ومتواعدين على كتابة اسم تونس في اول يوم من العودة المدرسية طالما الوطن ينام في قلوب طلاب العلم في رحلة ...من هنا مشرقها...و من هناك مغربها ...على نخب امل وضاء يشع في الأفق البعيد... في انتظار رنين جرس الساحة ينبعث فجأة ويدعو التلاميذ الى الاصطفاف في حياء وكبرياء لترديد النشيد الوطني معلنين أن ساعة الجد حانت بل انطلقت في رحلة التحدي .