اعترافا بكرامة متأصلة في الذات البشرية ،و بتساوي الحقوق بين آدم وحواء،و بضرورة تعزيز علاقات التعاون بين الدول بهدف الانفتاح على عالم يتمتع فيه الفرد بحرية القول والعقيدة ويتحرر فيه من قيود الفقر والخصاصة والاستعباد والاستعمار ...وقّعت دول عديدة ومن بينها تونس على الإعلان العالمي لحقوق الإنسان،وثيقة حقوق دولية تبنتها الدول الأعضاء في الأممالمتحدة يوم 10 ديسمبر من سنة 1948، تتألف من 30 مادة تعنى بالحقوق المكفولة لجميع الناس دون تمييز على أساس الجنس أو العرق أو الدين أو اللغة...و صار يوم 10 ديسمبر من كل عام من أهم المناسبات التي تحتفي بها الدول الموقعة على الإعلان لتبرهن عن التزامها بما وقعت عليه ولتتباهى أمام العالم –بدرجة أولى- بما بلغته من تقدم ورقي في مجال الحقوق والحريات...فما هي تحضيرات المنظمات والرابطات الحقوقية التونسية لهذه المناسبة هذه السنة؟ وهل أوفت تونس بتعهداتها والتزاماتها إزاء هذه الوثيقة الدولية ؟و ما الذي يميز تونس عن غيرها في مجال احترام حقوق الإنسان؟و بماذا عساها تتباهى؟؟... «التونسية» حملت هذه الأسئلة وغيرها إلى عدد من الحقوقيين ورجالات القانون فكانت إجاباتهم كالآتي: قال عبد الستار بن موسى رئيس الرابطة الوطنية للدفاع عن حقوق الإنسان ،في تصريح ل«التونسية»، أن برنامج الرابطة لهذه السنة يتمثل في الترتيب مع وزارة الداخلية لإجراء زيارات ميدانية إلى كل مراكز الاحتفاظ في كامل تراب الجمهورية «حيث أعطتنا الوزارة الإذن بزيارة بعض الأماكن والحال أننا نرغب في زيارتها كلها خلال الفترة الممتدة من 15 ديسمبر إلى 31 من ذات الشهر»-على حد تعبيره-،مضيفا ان الرابطة تنوي اليوم تنظيم ندوة علمية بعنوان «التعذيب في مراكز الإيقاف والممارسة» وذلك قصد التعريف بمراكز الاحتفاظ من الناحية القانونية ومن حيث الممارسة. «حقوق الإنسان مهدّدة..و العقلية هي نفسها» و أكد بن موسى ان الرابطة بصدد اعداد تقرير من المنتظر ان يصدر هذا الشهر ويتعلق «بتواصل التعذيب وبشكل مريع سواء داخل مراكز الايقاف او السجون»،مضيفا:«سنقدم في تقريرنا مئات الحالات التي تعرضت للتعذيب سواء في مراكز الايقاف او داخل السجون والسبب في ذلك في تقديرنا يعود الى عدم اجراء اصلاحات تذكر لا على مستوى المنظومة الامنية ولا السجنية». و شدد بن موسى على ان حقوق الانسان في تونس «مهددة بصفة كبيرة»،متابعا:« العقلية ما زالت هي نفسها ،صحيح ان تونس أنشأت آلية لمناهضة التعذيب ولكن هذا غير كاف ...يجب احترام القوانين الدولية وتطبيقها لا مجرّد التوقيع عليها وانتهى الأمر ...فمادام التعذيب متواصلا فإن حقوق الانسان ليست بخير وكذلك الديمقراطية». و اضاف بن موسى :«هناك ما يهدد حقوق الانسان بصفة كبيرة ، هناك خروقات كبيرة في الممارسة ولا بد من بعث خطة قاضي حريات لان النيابة العمومية في تقديرنا لا يمكنها ان تقوم بدورها في مراقبة الانتهاكات الطارئة على حقوق الانسان ومعالجتها». آمنة قلالي:(مدير منظمة «هيومن رايتس واتش» في تونس): الوضع الحقوقي في تونس...هشّ وصفت آمنة قلالي مدير منظمة «هيومن رايتس واتش» في تونس ، الوضع الحقوقي في تونس بالهشّ ، مشيرة إلى صعوبة المرحلة التي تمر بها البلاد على كل الأصعدة الأمنية والاقتصادية والسياسية ، مضيفة:«انّ لكلّ ذلك تأثيرات على أوضاع حقوق الإنسان في هذه المرحلة على وجه التّحديد مما يستوجب إصلاحات أساسيّة وجذريّة»،مشيرة الى ان «هيومن رايتس واتش» أصدرت خلال الايام القليلة الماضية وبالتزامن مع ذكرى الاعلان العالمي لحقوق الانسان اخر تقاريرها المتعلقة بظروف الاحتجاز في مراكز الايقاف. و بيّنت امنة قلالي انه من الضروري اعادة النظر في المنظومة القانونيّة «إذ توجد ثغرة خطيرة في القانون التونسي في ما يتعلّق بضمانات منع سوء المعاملة وهي غياب الحق في الحصول على مساعدة قانونيّة في بداية الاحتجاز بالنسبة للموقوفين». أيوب الغدامسي(رئيس الرابطة التونسية من اجل المواطنة): «انتهاكات لا حريات» بدوره ،قال أيوب الغدامسي رئيس الرابطة التونسية من اجل المواطنة ان الرابطة تنوي تنظيم يوم تحسيسي بالقرب من محطة المترو 10 ديسمبر «لما في ذلك من رمزية» حول الاعلان العالمي لحقوق الانسان الصادر في 10 ديسمبر 1948. و بخصوص وضع الحريات في تونس،قال الغدامسي أن «هناك تخبطا كبيرا من قبل «الترويكا» والسلطة الحاكمة في تعاملها مع الإعلانات العالمية لحقوق الإنسان لمعتقدات في ذهنها لا تمّت بصلة للمنظومة الكونية لحقوق الإنسان-على حد تعبيره-،مضيفا»سوء إدارة المرحلة من قبل حكومة «الترويكا» تنتقل بنا من الحديث عن الحقوق والحريات إلى الحديث عن انتهاكات خطيرة». لطفي الماجري (خبير ومحام): «ينقصنا الكثير» قال لطفي الماجري الخبيير القانوني ان «المشكل اليوم يكمن في سيادة الدول وحق التحفظ بطريقة تفرغ الاتفاقية من محتواها»،مضيفا:« على المستوى النظري يمكن ان يتجلى للعيان ان الدولة ملتزمة بما وقعت عليه في حال ان الواقع غير ذلك ...ما يزال ينقصنا الكثير لنبلغ مصاف الدول المتقدمة في مجال الحقوق والحريات وخاصة من حيث التطبيق». ليلى الحداد (محامية جرحى الثورة وعائلات الشهداء): هنيئا للسياسيين من جانبها،قالت ليلى الحداد محامية جرحى الثورة وعائلات الشهداء أن «كل المؤشرات تؤكد انه ما من حديث في تونس خلال هذه المرحلة إلا عن الانتهاكات لا الحقوق والحريات»-على حد تعبيرها-،مضيفة:«أصبح دم التونسي رخيصا وقد لمحت ذلك من خلال مرافعتي عن حق جرحى والثورة وشهدائها». و اضافت المحامية ليلى الحداد :«نسبة غلق الملفات لعدم معرفة الجاني تجاوزت 90 بالمائة...فعن أية حقوق نتحدث؟؟؟...فقط اقول هنيئا للسياسيين الذين جاؤوا على اشلاء شهدائنا وجرحانا وتربعوا على الكراسي وحوّلوا الحديث عن حقوق وحريات الى الحديث عن فقر وجوع وانتهاكات».