مسؤول بمحطة مترو:قريبا فرق خاصة للتصدّي للمنحرفين والمخالفين التونسية (تونس) الزمان: أفريل 2013 المكان: المترو الرابط بين محطة برشلونة بالعاصمة ومحطة خير الدين بمنوبة. التفاصيل: «بينما كان المترو يسير شعرت موظفة كانت ضمن العدد الهائل من المسافرين الذين اكتظ بهم المترو بحركات غريبة وراءها وباستدارتها إلى الخلف كانت المفاجأة التي أذهلتها: شاب في العقد الثالث «نصف عريان» كان متلصقا بها في خضمّ حالة الاكتظاظ والتزاحم و«دزّني وندزّك» (ولا فائدة في ذكر التفاصيل) فأطلقت عقيرتها بالصياح وسرعان ما تفطن الركاب للأمر واندهشوا لما رأت أعينهم في حين سارعت الفتيات والنسوة المتواجدات بالمترو إلى اخفاء وجوههنّ بين أيديهن أو الاستدارة نحو شبابيك القاطرة... وسرعان ما التقطت الموظفة أنفاسها وأمسكت بالشاب وما إن انفتحت أبواب القاطرة في مستوى محطة بوشوشة حتى دفعته إلى الخارج ولحقت به طالبة النجدة من أعوان الأمن الذين سارعوا نحوها وألقوا القبض على الجاني وحرّر محضر في شأنه وأحيل على القضاء بتهمة مفاحشة امرأة محصّنة. وإذا كانت هذه الحادثة فريدة من نوعها فإن غرائب ما تشهده خطوط المترو في العاصمة وضواحيها لا تحصى ولا تعد تبدأ بالتحرّش بالجنس اللطيف ومعاكسة الحسناوات إلى السرقة والنشل بل وحتى «البراكاج» من طرف منحرف أو عصابة لصوص غالبا ما يتخذون من عربات المترو المزدحمة بالركاب مسرحا لتنفيذ جرائمهم والفرار بغنائمهم. «التونسية» كانت لها جولة على متن العديد من خطوط المترو بالعاصمة رصدت خلالها مثل هذه الحوادث التي باتت ظاهرة متفشية جعلت عديد الركاب خاصة من الجنس الناعم يتخذون عديد الاحتياطات في تنقلاتهم بالمترو درءا لمفاجآت غير سارة وخرجت بالشهادات التالية: شيماء (طالبة) تبلغ من العمر 22 ربيعا أكدت أنها سئمت من استخدام المترو كوسيلة للتنقل نظرا لما يحتويه من حكايات غريبة وعجيبة ابطالها مجموعة من المنحرفين وقليلو الحياء والأدب وضحاياها فتيات في عمر الزهور, مضيفة ان المترو اصبح قبلة للمارقين على القانون لممارسة اهوائهم في ابتزاز وسرقة المسافرين والتحرش بهم دون حسيب ولا رقيب, قائلة: «كل يوم عركة وكل يوم عرعور على الصباح...». تحرّش وسرقة وأبرزت شيماء ان المشكل يكمن في عقلية عدد من التونسيين «الصدئة» على حدّ تعبيرها الذين يعملون دائما على استفزاز غيرهم وفي مقدمتهم الجنس اللطيف بحركات ونظرات تدل على ضحالة المستوى الفكري والمعرفي لصاحبها, مشيرة الى انها اضطرت مرّة الى الدخول في شجار مع أحدهم بعد ان أزعجها بنظراته وحركاته, مضيفة أنها لقّنته درسا في الاخلاق بعد أن انهالت عليه ضربا مبرحا صحبة شقيقتها على مرأى ومسمع من المسافرين الذين بقوا مكتوفي الأيادي دون ان يكلفوا أنفسهم عناء الوقوف إلى جانبها. هاجر قالت انها عاشت بعض التجارب المريرة في عربات المترو أين وجدت نفسها أمام محتالين ونشالة مؤكدة أنها كانت في كل مرّة تنجو بأعجوبة، قائلة: «هناك بعض الاشخاص دائما يلتصقون وراء البنات... لقد تعمد احدهم ذات يوم ادخال يده داخل جيبي لكنه لم يجد شيئا وعندما تفطنت له بدأ يرمقني بنظرات تفيض شرا... في المترو حكايات غريبة وعجيبة لم تعد خافية على احد... لم أعد أخشى هؤلاء لأنني متسلحة بالإصرار والعزيمة...» مضيفة أنها تشاجرت ذات يوم مع أحد المتحرشين بها حتى يتركها وشأنها و«يحشم على روحو» على حدّ قولها... أما سوسن فقد اوضحت انها عاشت تجربة مريرة داخل احدى عربات المترو «4» الرابط بين حديقة برشلونة بوسط العاصمة ومحطة «خير الدين» التابعة لولاية منوبة, جعلتها تقاطع المترو وتتحمل أعباء مصاريف سيارات الأجرة بحثا عن الأمان، وسردت سوسن تفاصيل الحادثة التي جدت قبل اشهر عندما قامت مجموعة من المتحرشين بتطويقها مستغلين الاكتظاظ داخل العربة للقيام بحركات غير أخلاقية تحت التهديد بسلاح أبيض, قائلة: «كنت مجبرة على الصمت وعدم التفوه بأية كلمة وقتها, لكني تمنيت لو انشقت الارض وابتلعتني ودعوت رب العالمين ان يخلصني من هؤلاء... فنحن في تلك اللحظات لا نمتلك سوى الدعاء فماذا عسانا أن نفعل يا ترى؟. حكاية «سوسن» لا تختلف كثيرا عن رواية «هند» موظفة بشركة خاصة, (32 سنة) التي قالت ان التحرش يتحول الى آلام تكتمها المرأة وراء الخجل لكنه يخلف العديد من الآثار النفسية كالتي عاشتها عندما اراد احدهم مضايقتها في احدى عربات المترو مستغلا الاكتظاظ, مضيفة ان الامر لم يتوقف عند هذا الحد بل تطور ليصبح تحرشا مفضوحا انتهى باختلاس هاتفها الجوال. هند أضافت أنها باتت تفكّر جديا التدرّب على فنون القتال حتى تصبح قادرة على حماية نفسها من السرقة والتحرش بعد ان عجز الامن في الحد من هذه الظاهرة. أما «أسماء» فقد أكدت ان التحرش الجنسي داخل وسائل النقل العمومية المكتظة أصبح خبزا يوميا لذوي العقول المريضة بعد ان ضرب البعض بالقيم الاجتماعية والاعراف عرض الحائط, مبرزة أنها كانت شاهدة على كثير من حالات السرقة والتحرش داخل المترو والحافلة حيث بينت ان عددا كبيرا من الفتيات ضقن ذرعا بهذه الظاهرة التي تتنامى بشكل كبير في وسائل النقل نتيجة الاكتظاظ وسوء التنظيم في مجتمع يتسم بطابع السلطوية الذكورية, وهو ما دفع بالكثيرات الى استعمال النقل الفردي للتخلص من بعض الممارسات, فيما أوضحت سيدة اخرى رفضت الافصاح عن اسمها انها كانت شاهدة على معركة طاحنة بين شابين بسبب فتاة جميلة تقف على مقربة من باب المترو المكتظ, مضيفة ان الاثنين كانا يريدان الالتصاق بها. أين الشجاعة والشهامة؟ أين الشجاعة والشهامة التي يتشدق بها الكثيرون عندما افتك منّي أحد النشالة هاتفي وحاسوبي المحمول عندما كنت أهمّ بالصعود في عربة المترو؟ سؤال طرحته «أنس شرايطي» (23 سنة) عند حديثها عن ظاهرة السرقة والتحرش بالمترو, مؤكدة انها تعرضت في عديد المرات الى السرقة داخل المترو, مرددة: «ناديت احياء عندما سرقت لكن لا حياة لمن تنادي... لقد استغربت كثيرا عندما بقي المسافرون يحدقون في النشال وهو يفتك مني هاتفي دون صده... «الناس ما عادش عندها الشجاعة باش تدافع عليك...»، التحرش أصبح حاجة عادية جدا أضف الى ذلك ان المحطين بك ينصحونك بعدم التكلم لتجنب الفضيحة... لقد تعرضت الى موقف محرج وصل بي الامر الى حد البكاء بصوت مرتفع عندما التصق بي احدهم وبدأ يقوم بحركات مشبوهة لقد تحرش بي داخل المترو المكتظ...لم اتحمل ذلك المشهد المقزز فدافعت عن نفسي بكل ما أوتيت من قوة ...», موضحة ان صديقتها ايضا تعرضت عديد المرات الى السرقة وكان آخرها عندما قام أحدهم بانتزاع قرطها عنوة في المترو ليلوذ بالفرار بعد ذلك دون ان يحرك المسافرون ساكنا, مطالبة باتخاذ اجراءات عاجلة لمحاربة ظاهرة التحرش والنشل داخل المترو مقترحة تكثيف الرحلات وتوفير اسطول قادر على نقل المسافرين في اريحية لتجنب الاكتظاظ الذي تعاني منه شبكة المواصلات العمومية في بلادنا. من جانبها تحدثت وهيبة (موظفة 28 سنة) بمرارة عن معاناتها اليومية مع وسائل النقل العمومية وفي مقدمتها المترو, مضيفة ان التعرّض للتحرش أصبح شرّا لابد منه على متن المترو, مرددة: «ما يؤلمني حقيقة انه عند صد المتحرشين فانهم يعكسون الهجوم ويبدؤون بالقاء الشتائم يمينا وشمالا غير آبهين بالمسافرين... ولهذا السبب استقل التاكسي رغم عديد المؤاخذات منها أن بعض السواق الشبان لا يخجلون من محاولة استدراج الحريفات بالكلام وحتى معاكستهن ويطلبون أشياء غريبة أحيانا كرقم الهاتف وبعض الأشياء الأخرى... عندما كنت اهم بصعود سيارة تاكسي أخذ السائق يداعب ساقي وعندما نهرته قال لي: «كيف تجونا أحنا تولّو شريفات... يا للوقاحة». كما حدثتنا احدى السيدات عن حادثة غريبة ظلت عالقة بذهنها شهدتها احدى عربات المترو عندما تحرّش أحد الشبان بعجوز ترتدي «السفساري» دون ان تتفطن له, قائلة: «انها قلة احترام...اضف الى ذلك الكلام البذيء وقلة الاحترام والمصاطة والركاكة والبلادة... الصبر وبرا...» وللعجائز ما يضفن واشتكى كبار السن خاصة العجائز من سوء المعاملة التي يلقونها على متن المترو على يد بعض المسافرين سيما من صنف الشباب, مؤكدين أنهم تعرضوا عديد المرات الى الدفع وحتى الركل بعد انهيار المنظومة الرقابية والردعية التي تحد من حالات الانحراف. كما عبرت بعض العجائز عن خيبة آمالهن وحيرتهن من كيفية تصرف بعض الشباب معهن, متسائلات عن سبب عدم تمكينهن من مقعد في المترو, وقالت احداهن: «عندما اصعد الى المترو اشعر بالاختناق فالدوار نتيجة الاكتظاظ, والغريب في الامر انه لا يوجد من يتطوع ويبجلك بترك الكرسي رغم وجود لافتات تحث على مساعدة كبار السن منها «علم صغيرك يبجل كبيرك...». تأخير عن العمل وأيام «منقوبة» والسبب المترو!! وأوضح عدد من المستجوبين وفي مقدمتهم الموظفون والطلبة ان الاكتظاظ الذي تشهده خطوط المترو عمق من معاناتهم اليومية نتيجة عدم انتظام سفراته والتأخير. وفي هذا الاطار أبرز محمد وهو طالب بجامعة منوبة انه يقضي وقتا طويلا في محطات المترو عند ذهابه الى الدراسة نظرا للاكتظاظ, مما يجبره على القبوع في المحطة في انتظار مترو غير مكتظ قد يأتي وقد لا يأتي, ومن جانبه أوضح «عبد الستار» موظف بالقطاع العمومي ان المترو سبب له احراجا مع الادارة التي يشتغل بها مما يجبره على تبرير تأخره كل صباح, وهو نفس ما تطرق اليه «المولدي» موظف بمؤسسة خاصة مؤكدا ان المترو تسبب له في اقتطاع ايام من راتبه بفعل التاخير الخارج عن سيطرته, قائلا: «أيام منقوبة والمترو هو السبب...». أعوان مختصون في التعامل مع الحالات الاستثنائية في المترو قريبا «التونسية» كان لها اتصال برئيس محطة مترو «الباساج» الذي أكد أنه يجري تكوين مجموعة من الأعوان تابعين لشركة نقل تونس صلب وزارة الداخلية باشراف مجموعة من المختصين لتعليمهم كيفية التعامل مع الحالات غير العادية و«الترسكية» وأعمال العنف الخ...اضافة الى تدريبهم على كيفية التدخل والتعامل مع الوقائع...». من جانبه اقر أحد أعوان المحطة بوجود عديد الاخلالات على متن عربات المترو من سرقة و«ترسكية» وتجاوز للقانون محملا المواطن جزءا من مسؤولية تفشي هذه المظاهر من خلال الصمت والسكوت عن الاخلالات, مضيفا: «التحرش موجود لكن العباد يحشموا ميحكوش...» مضيفا ان عددا كبيرا يتحرشون بالفتيات من حيث لا يعلمن ويعود ذلك الى جهل بهذه الظاهرة وانهيار المنظومة الاخلاقية والحشمة لدى فئة الشباب... معلقا: «هناك 30 بالمائة من المواطنين فقط ملتزمون بدفع ثمن التذكرة... وهناك ايضا حافلة تربط بين الباساج والمنزه اصبحت شبيهة ب «الحومة» وتحول المسافرون على متنها يوميا إلى أصدقاء مقربين يرفضون صعود الغرباء عنهم...». منتصر الأسودي