انعقد مساء الخميس الماضي بقصر الحكومة بالقصبة مجلس وزاري مضيق نظر في نتائج التدقيق الشامل الخاص بالبنوك العمومية التونسية وهي «الشركة التونسية للبنك» و«بنك الإسكان» و«البنك الوطني الفلاحي» والثماني شركات الفرعية التابعة لها. كما انتظم صباح الجمعة لقاء بمقر وزارة المالية حضره عدد من الخبراء ووزير المالية للنظر في سبل الاستئناس بالتجارب الدولية التي قامت بتأهيل بنوكها العمومية. ووفق المعطيات التي تحصلت عليها «التونسية» من مصادر رسمية من وزارة المالية فقد اظهر التدقيق الخاص بكل من الشركة التونسية للبنك وبنك الإسكان عدة مواطن خلل ونقاط ضعف في الأصناف الأربعة من التدقيق الفرعي الخاص بالتدقيق الاجتماعي وتدقيق النجاعة والدقيق المؤسساتي والتدقيق المالي. وأفادت المعطيات والبيانات المتحصل عليها أن انجاز التدقيق الشامل والمعمق للبنوك العمومية التونسية الثلاثة والتي تشكو من عجز بقيمة 2.2 مليار دينار(ألفي مليون دينار) يندرج في إطار برنامج إعادة هيكلتها من خلال وضع مخطط استراتيجي للإصلاح الشامل في مجال التصرف والمجالات المالية والمؤسساتية وذلك بهدف تدعيم الصلابة المالية لهذه البنوك وتحسين طريقة حوكمتها وتسييرها. وقد أصدرت وزارة المالية طلب عروض دولي موحد خاص بالتدقيق الشامل للبنوك العمومية وتم الشروع في الانجاز منذ صائفة 2013. وتجدر الإشارة إلى أن المجلس الوزاري لم ينظر في التدقيق الخاص بالبنك الوطني الفلاحي الذي لم ينطلق بعد بسبب الخلافات الحاصلة بين مكتبي الخبرة والدراسات الأمريكي والفرنسي الأمر الذي عطل التدقيق. ويدعى هذا المكتب الذي فاز بصفقة انجاز التدقيق للبنك الوطني الفلاحي FINANCE AND GOUVERNACE/BAIN SNC/ ومكتب دراسات تونسي أما مكتب الدراسات والخبرة الذي اشرف على تدقيق بنك الإسكان فهو BERGER STRATEGIE ROLAND CONSULTING/FICOM ومجمع دراسات تونسي أما المكتب الذي قام بانجاز التدقيق الخاص بالشركة التونسية للبنك فهو PWC/MTBF/ مع مجمع تونسي فرضيات وبرنامج إعادة الهيكلة وتتمحور مهمة التدقيق أساسا في انجاز مرحلتين، إذ تهم الاولى تدقيق تشخيصي معمق يشتمل على تدقيق مالي وتدقيق مؤسساتي وتدقيق اجتماعي وتدقيق النجاعة. فيما تهم المرحلة الثانية ضبط إستراتيجية إعادة الهيكلة يتم تحديدها عبر تحديد مختلف تصورات إعادة الهيكلة وعرضها على المصادقة بالإضافة إلى تحديد برنامج إعادة الهيكلة بالاعتماد على السيناريو الذي تم اختياره وتحديد خطة عمل لتنفيذه. أما فرضيات إعادة الهيكلة بالنسبة للشركة التونسية للبنك فستكون يوم 30 جانفي 2014 وغرة فيفري القادم بالنسبة إلى بنك الإسكان بينما ينطلق برنامج إعادة الهيكلة يوم غرة مارس 2014 بالنسبة للشركة التونسية للبنك وبنك الإسكان معا. تدقيق الشركة التونسية للبنك بالنسبة للتدقيق الخاص بالشركة التونسية للبنك اظهر التدقيق الاجتماعي ارتفاع معدل أعمار الأعوان دون وضع إستراتيجية تعويض ومحدودية وظيفة التصرف في الموارد البشرية واقتصارها على الجانب الإداري ووجود ثقافة اجتماعية قوية تحد من مبادرة التغيير وإمكانية تقييم أداء الأعوان بصفة موضوعية علاوة على أهمية تدخل الطرف الاجتماعي في القرارات ذات العلاقة في التصرف في الموارد البشرية. وابرز تدقيق النجاعة ضعف مردودية البنك مقارنة بمردودية البنوك المنافسة وارتفاع تكلفة الموارد ووجود هامش صاف اقل من معدل الهامش لدى المنافسين إلى جانب تسجيل استقرار الناتج الصافي البنكي في مستوى اقل من الذي سجل في سنة 2010 (انخفاض بنسبة 9 بالمائة سنة 2011 مقارنة بسنة 2010) مع تراجع في نسق فتح الفروع خلال العشرية الأخيرة وكذلك ارتفاع كلفة مخاطر القروض والمساهمات. وبيّن التدقيق المؤسساتي ضعف منظومة الرقابة الداخلية وغياب منظومة التصرف في المخاطر مع تنظيم غير مرن وغير ملائم وطول مسالك اخذ القرار ومحدودية منظومة القيادة والتصرف في الميزانية خاصة في ما يتعلق بمؤشرات النجاعة ومتابعة الميزانية والتخطيط على المدى المتوسط والبعيد علاوة على غياب وظيفة السلامة المعلوماتية مع تسجيل صعوبات في تسيير مشاريع هيكلية في توقيت معقول. أما التدقيق المالي الخاص بالشركة التونسية للبنك فقد ابرز نقصا غير تقديري في المدخرات وتخص المدخرات بالأساس التخفيض في قيمة الضمانات وتفاقم تصنيف الديون المتعثرة مع نقص في تقييم بعض الضمانات وزيادة في تقدير قيمة البعض الأخر. تدقيق بنك الإسكان وبينت الوثيقة التلخيصية للتدقيق الصادرة عن وزارة المالية بتاريخ 15 جانفي 2014 في 6 صفحات أن التدقيق الاجتماعي لبنك الإسكان، كشف عن غياب ثقافة المؤسسة ورؤية إستراتيجية لتحفيز الأعوان والقيام بانتدابات لا تتماشى وحاجيات البنك إلى جانب غياب برامج تكوين تتلاءم وحاجات البنك وطول إجراءات انجازها مع توزيع غير مدروس بين المهام للأعوان وغياب متابعة مؤشرات المناخ الاجتماعي. كما أن الامتيازات الملحقة للأجور هامة وغير مراقبة ولا تعتمد على مقاييس تتماشى ومردودية الموظفين. وفي المقابل أشار التقرير إلى أنه بالرغم من أهمية حجم الأجور يبقى مستوى تأجير رؤساء الفروع اقل مما هو معمول به في القطاع البنكي. بالإضافة إلى أن نظام التأجير لا يعتمد على نظام تحفيزي يرتبط بتحقيق الأهداف وان الترقيات تسند بصفة آلية والتقييم غير الموضوعي في اغلب الأحيان. وخلص التدقيق المؤسساتي إلى حصول بطء في أخذ القرار وتعويم المسؤوليات مع ضعف الرقابة الداخلية علاوة على حاجة البنك إلى اقتناء منظومة معلوماتية شاملة مع تواجد هيكل تنظيمي يتسم بكثرة الهياكل وعدم المرونة. وفي ما يتعلق بتدقيق النجاعة فقد اظهر اعتماد البنك بالأساس على منتوج السكن لجلب الحرفاء وعدم وضع سياسة للمحافظة عليهم قصد استقطابهم في منتوجات أخرى إلى جانب ضعف الإيرادات المتأتية من العمولات (3 بالمائة مقابل 11 بالمائة في القطاع) فضلا عن تسجيل بطء نسق تطور هامش الفوائد (1 بالمائة مقابل 5.8 بالمائة في القطاع البنكي) وتراجع نسق الناتج البنكي الصافي (2 بالمائة مقابل 9 بالمائة في القطاع). أما التدقيق المالي فيُشار إلى انه غير نهائي حيث اظهر نقصا في المدخرات ويهم النقص التخفيض في قيمة الضمانات وتفاقم تصنيف الديون المتعثرة مع نقص في تقييم بعض الضمانات وزيادة في تقدير قيمة البعض الأخر.