تمكن أول أمس رجال مركز الامن الوطني بباب سعدون من القبض على متحيلة وزوجها اوهما بعض العاطلين عن العمل بوظائف بوزارة العدل وبالمحكمة الابتدائية بتونس ثم لهفا منهم عشرات الملايين . وحسب ما توفر من معلومات حول هذه القضية فإن المظنون فيها سبق لها ان قضت عقوبة في السجن وبعد خروجها تزوجت من احد الشبان ثم انطلقت في التحيل ونجحت خلال عامين في الايقاع بالعديد من الاشخاص . وقد اتضح من أطوار هذه الواقعة أن المظنون فيها كانت ترتدي لباسا انيقا وتحمل بيدها زيا رسميا للقضاة وحقيبة سوداء وكانت تتنقل على متن سيارة فاخرة وتتوجه الى الاماكن العامة وتتربص بضحاياها وما إن تظفر بأحدهم حتى توهمه بأنها قاضية بالمحكمة الابتدائية بتونس وانه بإمكانها مساعدته ومساعدة اقاربه للعمل في مقر المحكمة وكذلك بوزارة العدل مستظهرة له بوثائق مفتعلة تتضمن هويتها ومهنتها وسرعان ما كانت حيلتها تنطلي على الضحية لتغنم بذلك عشرات الملايين الى أن استراب احد الشبان في أمرها فتوجه الى مركز الأمن الوطني بباب سعدون وقدم شكاية في الغرض. 17 مليونا وفي لقاء ل «التونسية» ببعض المتضررين في القضية أمام مركز باب سعدون أكد وسيم علوي ان المتهمة توجهت في يوم الواقعة الى مقر سكناه وتظاهرت بأنها ترغب في شراء منزل بجهة العمران فرحبت بها والدته ثم تجاذبت معها اطراف الحديث فاستفسرتها عن ابنها الذي كان مارا بالصدفة فأخبرتها الام بأنه عاطل عن العمل فانتهزت المتهمة الفرصة واخبرتها أنها قاضية بالمحكمة الابتدائية بتونس وبإمكانها التوسط له للعمل ككاتب تحقيق بالمحكمة ثم استظهرت كعادتها بوثائق مدلسة تشير الى انها قاضية فانطلت الحيلة على الأم وعلى ابنها وطلبا منها المساعدة. ولما تأكدت المظنون فيها ان الضحية وقع في شراكها انطلقت في تنفيذ مخططها وطلبت منه في البداية مبلغ 240 دينارا لشراء طابعين بريديين وبعض الملابس ولم تكتف بذلك بل اعلمته بأنه تم قبوله ثم مكنته من بطاقة تحمل وظيفته ككاتب تحقيق فصدقها المتضرر ثم طلبت منه ضرورة اقتناء سيارة فاخرة لمرافقة وكيل الجمهورية والتمست منه تمكينها من مبلغ 17 مليون لتقديمها الى احدى الشركات المختصة في بيع السيارات بالتقسيط وفي يوم الواقعة توجهت والدة المتضرر الى احد مكاتب البريد وسحبت المبلغ المذكور ثم سلمته الى ابنها فتوجه بدوره الى المظنون فيها ومكنها من الاموال . تحيّل على حارس بالسفارة الأمريكية أما حسان صولي وهو عون حراسة بالسفارة الأمريكية فقد قال إن المتحيلة أوهمته بأنها قاضية وأنها ستتوسط له في العمل كحارس بوزارة العدل فوافق على مطلبها . وقال انه في اليوم الموالي اتصلت به وطلبت منه ان يدفع لها 240 دينارا لشراء طابعين جبائيين ومبلغ 300 دينار كضمان مالي خاص بالزي الرسمي للعمل فامتثل لها وسلمها ما طلبته منه الى ان سلبته مبلغ 14 مليونا وذلك على مراحل بعد ان اقتنع ان الوظيفة مضمونة. ضحية اخرى... كما اتضح أن المظنون فيها تحيّلت على شاب يدعى بشير ردادي يعمل كعون حراسة بأحد الفضاءات التجارية الذي قال انه قام يوم الواقعة بإيقافها بعد ان اصدرت آلة التنبيه بالفضاء صوتا اثناء مرورها وقال انه بتفتيشه لحقيبتها عثر بداخلها على مبالغ مالية هامة ووثائق تثبت انها قاضية فاعتذر لها ثم سمح لها بالمرور وطلب منها ان تتوسط له في العمل بإحدى المؤسسات الحكومية فأعلمته انها ستشغله كعون حراسة بوزارة العدل وانه سيتقاضى مرتبا شهريا يصل الى 674 دينارا ففرح وتوسلها بأن تساعده في اقرب وقت ممكن فطمأنته ووعدته بالاتصال به لاحقا. وقال انها بالفعل اتصلت به وطلبت منه في البداية تمكينها من 500 دينار لشراء بعض الطوابع البريدية ولتقديم ضمان مالي خاص بلباس الشغل لوزارة العدل فمكنها من الاموال وأضاف أنها بعد مرور ايام اتصلت به واخبرته انه تم قبوله وأن عليه أن يدفع مبلغ 12 مليونا لتسلم الوظيفة وقال انه سحب على الفور «تحويشة العمر» من البنك ثم اقترض من ابن عمه مبلغ 5 آلاف دينار وسلمها لها . وروت لنا طالبة تدعى أميمة قصّتها مع المتحيلة ذاكرة أن هذه الأخيرة أعلمتها ان وزارة العدل تبحث عن كاتبة مساعد تحقيق ثم لهفت منها 240 دينارا شأنها شأن رياض بن علي الذي لهفت منه ما يفوق 300 دينار. رحلات ومؤتمرات لخداع الضحايا وقد اتضح من الأبحاث أنه لنجاح مخططها بإحكام كانت المتهمة توهم ضحاياها بأن لديها لقاءات هامة مع بعض القضاة ورجال الاعمال وأصحاب المؤسسات ثمّ كانت تتحيّن مناسبات مؤتمرات أو ملتقيات يعقدونها بالنزل لتستدعي ضحاياها الى هناك وتسدد معاليم اقامتهم موهمة إياهم بأنها احدى المشاركات في المناسبات التي تنتظم. وقد كانت حيلتها تنطلي على الذين تحيلت عليهم. القبض على المتهمة وزوجها في أحد النزل وبانطلاق الابحاث والتحريات الامنية تمكن رجال مركز باب سعدون أول أمس من القبض على المتهمة وزوجها بأحد النزل بالعاصمة. وباستنطاق الزوج انكر ما نسب اليه وأكد انه كان يرافق زوجته مبينا انه لا يعرف وظيفتها الحقيقية. وباستنطاق الزوجة انكرت في البداية لكن بمكافحتها ببعض المتضررين تراجعت واعترفت بما نسب اليها . وتجدر الاشارة الى ان عدد الضحايا يفوق 200 شخصا حسب التحريات الاولية وهذا الرقم مرشح للارتفاع .