بوريل..امريكا فقدت مكانتها المهيمنة في العالم وأوروبا مهددة بالانقراض    86 مشرعا ديمقراطيا يؤكدون لبايدن انتهاك إسرائيل للقانون الأميركي    المدير العام للديوانة يتفقّد سير عمل المصالح الديوانية ببنزرت    فتحي الحنشي: "الطاقات المتجددة والنجاعة الطاقية أصبحت أساسية لتونس"    تصنيف يويفا.. ريال مدريد ثالثا وبرشلونة خارج ال 10 الأوائل    قرعة كأس تونس لكرة القدم (الدور ثمن النهائي)    إفتتاح مشروع سينما تدور    فيلا وزير هتلر لمن يريد تملكها مجانا    بين النجم والمنستيري صراع مثير على المركز الثاني    منير بن رجيبة يترأس الوفد المشارك في اجتماع وزراء خارجية دول شمال أوروبا -إفريقيا    انتخاب تونس رئيسا للمجلس التنفيذي لمركز «أكساد»    القصرين: تمتد على 2000 متر مربع: اكتشاف أول بؤرة ل«الحشرة القرمزية»    بطاقتا إيداع بالسجن في حقّ فنان‬ من أجل العنف والسرقة    إنه زمن الإثارة والبُوزْ ليتحولّ النكرة إلى نجم …عدنان الشواشي    المركب الثقافي بمدنين يحتضن فعاليات الملتقى الجهوي للمسرح بالوسط المدرسي    محاميتها تتحدث عن كواليس ليلة القبض على الإعلامية حليمة بولند    المحمدية.. القبض على شخص محكوم ب 14 سنة سجنا    تالة: مهرجان الحصان البربري وأيام الاستثمار والتنمية    "سلوكه مستفز": الافريقي يطالب بتغيير هذا الحكم في مباراته ضد الصفاقسي    سوسة: ايقاف مروج مخدرات وحجز 500 قرصا مخدرا    حالة الطقس هذه الليلة    عاجل/ قضية "اللوبيينغ" المرفوعة ضد النهضة: آخر المستجدات..    مجلس وزاري مضيق: رئيس الحكومة يؤكد على مزيد تشجيع الإستثمار في كل المجالات    توقيع محضر اتفاق بين وزارة التربية وجامعة التعليم الأساسي .    توطين مهاجرين غير نظاميين من افريقيا جنوب الصحراء في باجة: المكلف بتسيير الولاية يوضّح    عاجل/ أعمارهم بين ال 16 و 22 سنة: القبض على 4 شبان متورطين في جريمة قتل    العثور على جثة آدمية مُلقاة بهذه الطريق الوطنية    حجز 67 ألف بيضة معدّة للإحتكار بهذه الجهة    نتائج قرعة الدورين ثمن وربع النهائي لكاس تونس لكرة القدم    عاجل/ الحوثيون: سنستهدف جميع السفن المتّجهة للاحتلال حتى في البحر المتوسّط    لجان البرلمان مستعدة للإصغاء الى منظمة "كوناكت" والاستنارة بآرائها    القصرين: اضاحي العيد المتوفرة كافية لتغطية حاجيات الجهة رغم تراجعها    مراسلون بلا حدود: تونس في المرتبة 118 في التصنيف العالمي لحرية الصحافة لسنة 2024    بطولة افريقيا للسباحة : التونسية حبيبة بلغيث تحرز البرونزية سباق 100 سباحة على الصدر    مدنين: حجز 50 طنا من المواد الغذائية المدعّمة    السعودية: انتخاب تونس رئيسا للمجلس التنفيذي للمركز العربي لدراسات المناطق الجافة والأراضي القاحلة "أكساد"    الحماية المدنية:15حالة وفاة و500إصابة خلال 24ساعة.    مواطنة من قارة آسيا تُعلن إسلامها أمام سماحة مفتي الجمهورية    منظمة إرشاد المستهلك:أبلغنا المفتي بجملة من الإستفسارات الشرعية لعيد الإضحى ومسألة التداين لإقتناء الأضحية.    التلقيح ضد الكوفيد يسبب النسيان ..دكتور دغفوس يوضح    أعمارهم بين 13 و16 سنة.. مشتبه بهم في تخريب مدرسة    فوز التونسي محمد خليل الجندوبي بجائزة افضل لاعب عربي    جدل حول آثار خطيرة للقاح أسترازينيكا مالقصة ؟    دراسة صادمة.. تربية القطط لها آثار ضارة على الصحة العقلية    خطبة الجمعة ..وقفات إيمانية مع قصة لوط عليه السلام في مقاومة الفواحش    خطير/ خبير في الأمن السيبراني يكشف: "هكذا تتجسس الهواتف الذكية علينا وعلى حياتنا اليومية"..    عاجل/ الأمن يتدخل لاخلاء محيط مقر مفوضية شؤون اللاجئين في البحيرة من الأفارفة..    الرابطة المحترفة الاولى : تعيينات حكام مقابلات الجولة السادسة لمرحلة التتويج    زلزال بقوة 4.2 درجة يضرب إقليم بلوشستان جنوب غرب باكستان    العمل شرف وعبادة    ملف الأسبوع .. النفاق في الإسلام ..أنواعه وعلاماته وعقابه في الآخرة !    "أنثى السنجاب".. أغنية أطفال مصرية تحصد مليار مشاهدة    بايدن يتحدى احتجاجات الطلبة.. "لن أغير سياستي"    وزارة الشؤون الثقافية تنعى الفنان عبد الله الشاهد    وفاة الممثل عبد الله الشاهد‬    موعد عيد الإضحى لسنة 2024    ''أسترازنيكا'' تعترف بأنّ لقاحها له آثار قاتلة: رياض دغفوس للتونسيين ''ماتخافوش''    وفاة حسنة البشارية أيقونة الفن الصحراوي الجزائري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. الصّحبي البصلي ( رئيس «حزب المستقبل» والرأي الآخر داخل العائلة الدستورية) ل«التونسية»: الكلام عن إقصاء العائلة الدستورية... هستيريا سياسيّة
نشر في التونسية يوم 24 - 03 - 2014


قضيّة الدساترة والتجمّعيين مفتعلة
واقعيّة الغنوشي جعلت منه رجل دولة ... وموقفه من الدساترة بداية الحل للديمقراطية في تونس
«حزب المستقبل» سيلعب دورا محوريا في الانتخابات القادمة
لا صفقات لي لا مع السبسي ولا مع الغنوشي
حوار : أسماء وهاجر
على خلفية ما يدور في كواليس الأحزاب السياسية عن سعي الديبلوماسي السابق والسياسي الدكتور الصحبي البصلي رئيس « حزب المستقبل» وعضو الأمانة العامة للجبهة الدستورية عن عقد صفقة سياسية مع الباجي قائد السبسي رئيس حزب «نداء تونس» في نطاق خلق تحالف جديد خاصة بعد الدور الذي لعبه في لقاء باريس التاريخي الذي جمع بين الغنوشي والسبسي كان ل«التونسية» لقاء بالدكتور الصحبي البصلي تطرّق فيه إلى حقيقة هذه الصفقة المزعومة ,وخاصة أسرار التراشق بالتهم بين الدساترة الذين يتبرؤون من التجمعيين, إلى جانب التحالفات السياسية المقبلة, وغيرها من المواضيع المطروحة على الساحة السياسية وفي ما يلي نصّ الحوار.
يشاع أنك بصدد إعداد صفقة جديدة مع الباجي رئيس حزب «نداء تونس» ؟
لقد كثرت الإشاعات والحمد لله في تونس دون مبرر ،وهذه الظاهرة القديمة الجديدة ،محسوبة مع الأسف علي حرية الاعلام . ففي حقيقة الامر، الإشاعات كانت دائماً في صلب الحكم في تونس منذ قديم الزمان وهي في صلب المنظومة السياسية واليوم أصبحت وسيلة إعلامية تتبادلها الصحافة والصحافيون ويرد عليها بنفس الحماس الساسة والسياسيون .
ليست هناك أية صفقة او مخطط بيني وبين أي سياسي على الساحة والسيد الباجي قائد السبسي ليس في حاجة الى صفقة مع أي كان ،هناك اليوم إجماع جماهيري واسع على شخصه لأن الشعب التونسي كان وما يزال في حاجة لأن يرتاح لشخص يرى فيه خصال الزعيم الذي يتكلم لغة الشعب ، ويحس بآلامه ،ويشعره بالطمأنينة ،و قد وجد كل هذه الخصال في الوقت الحالي عند السيد الباجي قائد السبسي . كل ما في الأمر أن علاقتي برئيس «نداء تونس» هي اليوم علاقة هيكلية تستدعي في هذه المرحلة بالذات التشاور والزيارات المختلفة لتبادل الآراء حول تحديات المرحلة القادمة بعد ان نجحنا بسلام في تخطي الصعاب التي واجهناها في الأشهر القليلة الفارطة . لكن علاقتي الشخصية بالباجي قائد السبسي قديمة ترجع الى عقود طويلة عندما كان رئيس بلدية حلق الوادي ، حين كنت انشط في الفضاء الشبابي في جمعية كرة الطائرة في نجم حلق الوادي ، ثم حين تقلد منصب وزير للخارجية في أوائل الثمانينات , فعينت الطبيب المسؤول عن مصلحة طب الشغل بالوزارة , وتوطدت علاقتي به بصفة اكبر على المستوى السياسي عندما تقلد الباجي منصب رئيس الوزراء في حكومة ما بعد 14جانفي 2011في مارس. وأتذكر انه التقى ببعض الاحزاب السياسية الناشطة على الساحة في اطار استشارة للإعداد لانتخابات المجلس التأسيسي من عدمه وكنت من ضمن رؤساء الاحزاب الذين تم استقبالهم واتذكر انني كنت اعارض فكرة الالتجاء الى انتخابات المجلس التأسيسي خاصة ان قناعتي كانت في ذلك الوقت ان دستور 59 الذي اسس لمؤسسات الجمهورية وبنى مجتمعا مدنيا متحضرا ومتطورا كان مكسبا لا بد ان ندعمه بالبعد الديمقراطي والحقوقي والحريات الذي وان كان منصوصا عليه مبدئيا بالدستور فإنّه ممارسة لم يتم تطبيقه. كانت غايتي انشاء دستور في اسرع وقت وبأقل تكلفة سياسية واجتماعية للبلاد التونسية واستشعر انني كنت المسؤول الحزبي الوحيد حسب علمي في ذلك الوقت الذي جاء معارضا لفكرة «التأسيسي» لكن اليوم التاريخ اثبت أننا توصلنا الى ارساء دستور متطور متقدم نموذجي في العالم العربي الاسلامي وحتى على مستوى العالم شريطة ان يطبق لكن قضينا ثلاث سنوات لم نعمل فيها. كانت تكلفة اقتصادية واجتماعية باهظة نعاني منها اليوم وبالتالي هدفنا اليوم انتخابات في اسرع وقت حتى نركز حكومة سياسية قادرة على اخذ القرارات وان تكون في مستوى طموحات الشعب التونسي التي أصبحت كبيرة وصعبة التحقيق وحيث انني اعتبرت ان السبسي الرجل الذي يجب ان يكون فوق الاحزاب لأنه قادر على لمّ شمل الشتات اليساري والدستوري والوسطي فعندما وقع احداث«نداء تونس» واصبح حزبا متكونا فضلت في ذلك الوقت ان اواصل المشوار داخل «حزب المستقبل» الذي له مرجعيته وهياكله وتموقعه السياسي قد يختلف عن هذه المنهجية...
اليوم صحيح اننا في فترة ما قبل الانتخابات ونحن في انتظار صدور القانون الانتخابي وفي حالة حراك وعلى الاحزاب غير الممثلة في المجلس التأسيسي ان تتموقع في فضاء سياسي وهو اليوم يتجسم في قوتين اساسيتين:من ناحية حركة «النهضة» ومن ورائها «الترويكا» وما حولها وفي المقابل «النداء» ومن وراءه . واعتقد ان المرحلة القادمة ستشهد تدعيم هذا التمشي وسيكون هناك محتوى اكبر للاتحاد من اجل تونس ,ففي هذا الاطار سنحدد من هنا الى31مارس 2014 موقفنا نهائيا من الالتحاق او عدم الالتحاق بأي طرف موجود على الساحة السياسية .
يرى البعض أن الصحبي البصلي لم يعد في خدمة الجمهورية بل في خدمة الغنوشي بعد ان التقطت لك صورة وانت تحاول التودد له وهو يرفض النظر اليك حسب ما جاء في الصحيفة التي نشرت الصورة؟
هذه من الحالات الشاذة التي يقوم بها بعض الصحافيين وهذه الصورة فيها مغالطة للرأي العام التونسي حيث كنت بصدد تقديم شخصية تونسية للغنوشي في العيد الوطني الهندي وكان ذلك في يوم المصادقة على الدستور التونسي وكان من البديهي في مثل هذه المناسبة وانا ديبلوماسي ان نتبادل بعض المجاملات بين مختلف الاطياف السياسية كما يجري ذلك في كل اللقاءات الديبلوماسية لكنني اغتنم هذه الفرصة لأوضح بانه في نفس هذه المحادثة كنت شكرت السيد راشد الغنوشي و«الترويكا» الحاكمة وكذلك المعارضة التي كانت متواجدة في نفس هذا الحفل وتوجهت بالشكر اليهم جميعا على النجاح الباهر الذي توصلت اليه كل القوى السياسية لإعداد دستور يليق بتونس القرن 21 وبالتالي اعتبر ان هذه الصورة والتعليق عليها لا تليق بالصحافة التونسية التي اعطتها الثورة التونسية حريتها لكي تكون مسؤولة وواعية بالتحديات المستقبلية ولا تكون صحافة تجييش وسمسرة شأنها شأن السماسرة في السياسة التونسية . وكما يقال هذه حالة شاذة عند الصحافة التونسية والشاذ يحفظ ولا يقاس عليه.
هل ترى أن هناك تحالفا جديدا سينشأ بعيدا عن التحالفات المرتقبة ؟
اكيد ان المشهد السياسي القادم سيكون مختلفا عمّا هو عليه الحال اليوم لاعتبارين اثنين: الاول ان الصراع من اجل الدستور انتهى والثاني وهو الصراع ما بين القدامى والجدد انتهى في تقديري عند الراي العام التونسي واتضح للجميع ان تونس في حاجة لكل التونسيين وأن لمّ شمل العائلات السياسية ضروري. وانطلاقا من هذا ستمّهد التحالفات من اجل الانتخابات الرئاسية والتشريعية للمشهد السياسي بعد الانتخابات لان النجاح في الانتخابات ليس الهدف في حد ذاته, بل الهدف ان نصل ما بعد الانتخابات القادمة الى مجتمع متماسك متضامن يسوده الوفاق الوطني من اجل تونس التي تنتظرها اعوام صعبة على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي. ولهذا السبب في الحقيقة بدأت باتصالات مع كل القوى السياسية لتهيئة المناخ السياسي في هذه المرحلة فان توصلنا الى وفاق وطني قبل الانتخابات فهذا مكسب لتونس وان لم نتوصل الى هذا الوفاق وجب علينا ان نعمل على الوحدة الوطنية بعد الانتخابات. ليتنا نعمل جميعا من اجل حكومة وحدة وطنية بعد الانتخابات وهذا انطلاقا من التجربة الاليمة التي مررنا بها خلال السنتين الاخيرتين ما بعد انتخابات اكتوبر ...وبالتالي الهدف الاساسي هو التفاف القوى السياسية الثلاث التي ستفرض نفسها قبل الانتخابات وبعدها اي اليسار بمختلف مشاربه والاسلاميون وحلفاؤهم والعائلة الدستورية التي سيكون لها دور في الانتخابات القادمة في كل الاحوال. اذن صحيح هناك من ينتظر تحالفا سياسيا او انتخابيا بين حركة «النهضة» والعائلة الدستورية وهناك من يتصور ان هناك تحالفا بين «نداء تونس» و«النهضة» كل هذا سابق لأوانه. انا في تقديري سوف يكون هناك تحالف ثالث سينطلق في الاسابيع القادمة وهذا الفضاء الثالث بالإمكان اكتساحه من طرف حزب «التكتل» ممثلا في شخص مصطفى بن جعفر الذي مهما يقال يبقى الرجل الذي نجح في الوصول الى عملية المصادقة على الدستور وهي نقطة ايجابية وبالتالي بإمكانه ان يكون شخصية وفاق بين الاحزاب التي لا ترى نفسها في المرجعية الدستورية أو الاسلامية كما هو الشأن بالنسبة ل«الجمهوري» و«حزب افاق» واحزاب عديدة اخرى بإمكانها التموقع حول الاخ احمد نجيب الشابي من جديد في هذه المرحلة بالذات .
لماذا لم تشأ أن تظهر في الصورة في حين انك ساهمت في لقاء باريس بين الغنوشي والسبسي؟
لم أكلف من أي طرف بأن أكون همزة وصل بين الغنوشي والسبسي. كل ما في الامر هو انه اثر اغتيال محمد البراهمي رحمه الله, شعرت ان الوضع السياسي سينزلق لمنحى غير مرغوب فيه وكنت مقتنعا في ذاك الوقت ان تهدئة الخواطر وامتصاص التشنج السياسي والاجتماعي يمرّان بلقاء بين شخصيتين تربطني بهما علاقة شخصية هما الغنوشي والسبسي وان كانت علاقتي بالثاني قديمة فإنني قابلت الشيخ راشد الغنوشي لأول مرة قبل انتخابات 23اكتوبر واتذكر انني قلت له , «لقد جئت لك مع امكانية الاختلاف الشديد معك في مشروع المجتمع الذي تعمل من اجل تحقيقه او السياسة الدولية التي ستنتهجها كحزب الا انني طلبت المقابلة للمعرفة الشخصية كي لا اواصل الحكم حسب الصورة التي كان النظام السابق يعطيها للإسلاميين بانهم ارهابيون واعداء الديمقراطية فاردت ان تكون لي صورة حقيقية لراشد الغنوشي ونمطه الفكري والسياسي». ومن الطرائف انني قلت له انني جئتك قبل الانتخابات حتى لا اكون انتهازيا ولقد قدّر ذلك وقال لي منذ ذلك الوقت «نحن حزب مدني وسياسي وان البعد الاسلامي للحزب لا يتجاوز فهمنا للاسلام التونسي ونمط المجتمع التونسي هذا الدين الرحيم المتسامح والمتفتح, وان هدفنا الأساسي هو المساهمة في الحكم لا التفرّد بالحكم ولا رجوع الى منظومة الحزب الواحد» مضيفا في نفس تلك الجلسة انه لن يمس بالفصل واحد من الدستور بعد الانتخابات التأسيسية. وبالتالي توطدت هذه العلاقة وبعد ازمة جويلية 2013 تبين في تقديري للسيد راشد الغنوشي ان المصلحة العليا للبلاد تقتضي بان يتحاور مع السيد الباجي قائد السبسي وغيره وحتى مع اعدائه السابقين وهم الدساترة اقتناعا منه انه في هذه المرحلة بالذات تقتضي مصلحة البلاد الوفاق والمصالحة وتفرض التضامن من اجل الاستقرار والسلم والدفاع عن المكاسب الاجتماعية وحدود الوطن ومناعة تونس وهذا اكبّره شخصيا في هذا الرجل. وقد تعددت اللقاءات معه على هذا الاساس ورغم الضغوطات التي واجهها في صلب حركة «النهضة» بسبب هذا التمشي فإننا توصلنا الى هذه الصياغة النهائية للدستور الذي نفتخر به جميعا والذي اعطى صورة ناصعة لتونس بعد ان تدهورت صورتنا في العالم بحكم الارهاب والصراع السياسي. فكل هذا يرجع الى كل القوى السياسية والمجتمع المدني والمعارضة والمرأة التونسية التي ابلت البلاء الحسن في الدفاع عن حقوقها وكانت الدرع الواقي ضد الرجوع للعصور الوسطى في بلادنا. الشكر لكل هذه القوى واذا كتب التاريخ المعاصر ما بعد 14جانفي غدا سيذكر دون شك دور حركة «النهضة» في الوصول لحل توافقي وكذلك ممارستها للعبة الديمقراطية وبفضل هذه المبادئ خرجت من الحكم وهي تستعد للانتخابات القادمة بنفس هذا النفس لأنه لا مجال للرجوع الى الوراء ويكفي من تراشق التهم بين الفرقاء السياسيين لأن طبيعة المرحلة تقتضي ذلك .
وبالتالي كنت من الذين سعدوا بهذا اللقاء بباريس الذي لولاه ما كنا لنتوصل للدستور بعد ستة اشهر في صيغته النهائية .
بعد أن تم استعمال كلمة «أزلام» لعزلكم سياسيا اليوم أبدى الغنوشي في خطاب بأمريكا استعدادا لمبدإ التصالح والتواصل بين الدساترة و«النهضة» بما تفسر ذلك ؟
هذا يسمى بالواقعية السياسية ، فعلا لقد قلت لك سابقا ان السيد راشد الغنوشي أدرك ان المصلحة العليا للبلاد تمر عبر المصالحة الوطنية ، وطي صفحة الماضي ،وهي في تقديري خطوة جريئة وشجاعة من رجل قرر الارتقاء من صفة رئيس حزب سياسي ليصبح رجل دولة .
و حصل ذلك في تقديري بطريقة طبيعية بعد ان أدرك صعوبة المسؤولية ، وأعباء الحكم . وفي هذا تطور إيجابي يشكر عليه وكل القادة من حوله في حركة «النهضة» ، وانطلاقا من هذا المبدإ فإنني جد متفائل بالمرحلة القادمة وهي الانتخابات الرئاسية والتشريعية والبلدية ، التي نرجو ان تجسم بحق الوفاق الوطني ،لان بناء الديمقراطية في محيطنا ما زال هشا ، والوضع الاقتصادي والاجتماعي في تونس لا يتحمل هزات أو إرهاصات سياسية مثل التي شاهدناها اخيرا .
فالمصالحة الوطنية ، والوفاق الوطني ،عنصران اساسيان للمرحلة القادمة ، وأولية الأولويات هي مكافحة الإرهاب بجميع أنواعه ،واستئصال أسبابه ، والذهاب في اقرب وقت الي انتخابات شفافة ونزيهة ، وتونس تتسع لكل التونسيين .
نعم ان ما جاء في كلمة زعيم حركة «النهضة» تجاه الدساترة هو كلام صواب وهو بداية الحل بالنسبة للديمقراطية في ربوعنا ولابد لنا ان نحيي مثل هذه المواقف ،و نرجو ان تنسج على منواله قوى اخرى سياسية ما زالت مع الأسف الشديد تسمسر بالثورة التونسية وبمكتسباتها.
ما رأيك في ما صرح به الباجي أن الدساترة «انتهوا» ؟
ليس لي علم بتصريحات الباجي التي افاد ضمنها« ان الدساترة انتهوا »... لكنه ربما يقصد ما قلته آنفا ، لأن المرجعية الدستورية لن تنتهي بل بالعكس هناك من يرى ان المنتمين للفكر الإصلاحي سيكون لهم دور محوري في الانتخابات القادمة . ومن ناحية اخرى ان قال ذلك فلربما يقصد ان النفس الدستوري البورقيبي انتهى لأنه تضمن في طياته الحكم الفردي ،وثقافة الحزب الواحد ، كما تضمن عهده انعدام الحريات شأنه شأن المنظومة التي تلته مع اضافة الفساد المالي والسياسي في فترتها الاخيرة ، فلربما يقصد ان اليوم ، مثل هذا التصرف في شؤون البلاد والعباد لا يمكن بعد ان قال الشعب كلمته يوم 14 جانفي 2011 . وبالتالي فان هذه القراءة موجودة عند عدد كبير من الدساترة ، وحتى عند السيد حامد القروي ،الذي اختار منهجية اخرى لا تختلف في مضمونها عما قاله الباجي ولكنه أراد التشبث بالمرجعية والصفة ،واختار حسب قوله, ان يسلم المشعل للجيل الجديد والشباب الذي دخل في صلب التجمع الدستوري الديمقراطي وناضل في صلبه ولا يرى اي حزب أو حركة بإمكانه التفاعل معها لان الشباب الدستوري يعتبر الضحية الكبرى في العائلة التجمعية الواسعة . وفي كل الحالات فان هذه العائلة متجذرة في المجتمع التونسي ،بل هي احدى مقومات الهوية التونسية وبالتالي لا يمكن طمسها وجهلها وكل ما نسمعه اليوم من هنا وهناك حول اقصائها, هي هستيريا سياسية ،تتجاهل الواقع التونسي وطبيعة المجتمع التونسي الذي لم يتغيّر في نهاية المطاف كثيراً في طبيعته ووجدانه بعد 14جانفي 2011 رغم الخطاب السياسي الجديد والحريات التي يتمتع بها اليوم ، بل اصبح متخوفا منها ، لأن التونسي إنسان معتدل ، ومحافظ ،
ومتسامح ، يطمح الى مجتمع متفتح ويؤمن بالعدالة الاجتماعية ، وعلوية القانون ،لكن هاجسه الاول هو الاستقرار السياسي والأمن الاجتماعي ،وهو ما فقده منذ 14جانفي 2011.
هناك من يعتبر أن الدساترة انتهى دورهم مع بناء الدولة الحديثة لكنهم فشلوا في الانتقال الديمقراطي وعليه أصبحوا جزءا من «خبر كان»؟
مثل ما قلت لكما ،لا اعتبر ان الدساترة هم في «خبر كان» بل بالعكس ، صحيح انهم فشلوا في ممارسة الديمقراطية وتكريس مبادئ الحريات في التعامل السياسي التعددي ، لكنني أقول في نفس الوقت انهم قادرون اليوم اكثر من غيرهم على التفاعل الإيجابي مع الواقع الجديد لتونس ما بعد 14 جانفي 2011 . لا يجب أن ننسى ان كل الأجيال السياسية ناضلت في وقت ما من اجل الحريات في مختلف أنحاء العالم بما فيها تونس ، وكان العالم بعد الحرب العالمية الثانية تحت سيطرة أيديولوجيتين اثنين ، وهناك من اختار المعسكر اليساري والشيوعي الذي افرز أنظمة دكتاتورية باسم الديمقراطية والعدالة الاجتماعية ، وهناك من اختار المعسكر والفضاء الحر « الذي كرس هو الاخر مبادئ الديمقراطية كأسلوب حكم في العالم الغربي المتطور، وفشل رغم المبادئ المعلنة في دساتير دول عدم الانحياز ، في تكريس الديمقراطية في مجتمعات فقيرة وغير مثقفة ، ماعدا في بعض الدول الآسيوية مثل الهند ...وبالتالي فان ممارسة الديمقراطية الحقيقية التي تخضع الي مواصفات مجتمعية واقتصادية وسياسية ،اصبحت اليوم متوفرة في مجتمعنا التونسي بفضل السياسات التربوية لأكثر من 60 سنة من استثمار في الرأسمال البشري ,كي نقطع نهائيا مع الدكتاتورية ، والحكم الفردي ، الذي ولد الكراهية بين مختلف أفراد المجتمع الى جانب الفساد والاحتقان الاجتماعي .
ما تعليقك على ما قاله حامد القروي بان حزب «النداء» هو حزب الرعاة؟
لا أريد ان أعلق على هذه التصريحات ، لأنني لا أحبها ، قد حصلت قبلها تصريحات مماثلة ، فنحن اليوم في غنى عن مثل هذه التجاذبات , لم أفاتح في الموضوع السيد حامد القروي الذي استغربت منه ما صدر عن لسانه ، وانا على قناعة بأننا سوف نتجاوز هذه العقبة في القريب العاجل،ان لم يتم ذلك بعد ، قد تحصل بين أفراد العائلة الواحدة اختلافات ، لكنه في تقديري عندما يأتي وقت الحسم ،سنجد أنفسنا في صف واحد كالبنيان المرصوص يشد بعضه البعض ,لأنه لا يمكن لهذه العائلة التي ناضلت من اجل الاستقلال ، وبنت الدولة المعاصرة ،وأسست لمجتمع مدني متطور ،ان تتخلف اليوم في بناء تونس الديمقراطية ،والحريات وحقوق الانسان .
لماذا يتبرأ الدساترة اليوم من صفة «تجمعي»؟
في تقديري قضية الدساترة والتجمعيين هي قضية مفتعلة ، ونعرف جميعا أسبابها ومسبباتها ، لأن مرجعية الدستوري والتجمعي هي واحدة ، والأب الروحي لكليهما هو واحد وهو الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة ، كل ما في الامر ان الصراع الذي نشاهده اليوم هو صراع بين اجيال مختلفة في صلب عائلة واحدة ذات الأب الواحد. بقي أن أحد الأبناء وهم التجمعيون أساؤوا في وقت ما الإحاطة والاحترام بالأب الروحي والحقيقي للعائلة الدستورية الواسعة ، وهذا خطأ فادح قامت به القوى السياسية الحاكمة آنذاك ولا بد من الاعتراف بالذنب لما عاناه الزعيم بورقيبة في العشر السنوات الاخيرة من عمره ، بقي ان الأجيال التي تعاقبت بعد7 نوفمبر والتي لا تعرف ولم تتعامل مع الزعيم الراحل لا يمكنها ان تحشر في هذا الصراع المفتعل وان تنعت بتجمعية وكأنها قيمة منقوصة ومنتهية . هناك من عمل في صلب التجمع الدستوري الديمقراطي وهو ما يزال مفتخرا بهذا الانتماء وهذا الشأن شأني لأنني في زمن بورقيبة كنت تلميذا ثم طالبا ، وأصبحت موظفا وتقلدت مسؤوليات في زمن بن علي وها أنا لا اتنكر للمرجعية الإصلاحية والمرجعية البورقيبية التي افتخر بها والتي جاءت بهذا المجتمع الذي نحن متمسكون به الى يوم الناس هذا ، مع العلم وكلمة حق أقولها من منطلق مسؤولياتي السابقة ، كنت دائماً زمن بن علي في العديد من تدخلاتي العامة اذكر المرجعية البورقيبية واطنب فيها احيانا ولم أر أي مسؤول سياسي أو حزبي آنذاك يدلي لي بملاحظة في هذا الصدد.
البعض يعتبر أن الحركة الدستورية هي الوجهة الحقيقية ل«النهضة» بعد أن فشلت مع «المؤتمر» و«التكتل» هل هذا ممكن رغم الاختلافات الكبيرة؟
قلت لكما ان تحالفات سياسية جديدة ستفرزها المرحلة القادمة، وبالتالي ان تواجدت ثوابت صلبة ، ومرجعيات واضحة المعالم ،حول مشروع المجتمع التونسي ، والنظام السياسي، والهدف الاقتصادي والاجتماعي الذي نريده، مع أولوية مطلقة للملف الأمني ومكافحة الإرهاب سوف نرى مختلف الحساسيات تتموقع حول جملة من هذه المبادئ، بما فيها حركة «النهضة»،والتيار الدستوري.
كمسؤول سياسي وعلى اطلاع بخفايا «الداخلية» هل من الممكن أن تسترجع عافيتها بعد أزمة التعيينات في المناصب العليا داخلها ؟
هذا موضوع يكتسي أهمية بالغة ، فقد بلغت الى علمنا ، تعيينات منذ انتخابات 23 أكتوبر 2011 ،اقل ما يقال فيها انها لا تستجيب الى المعايير التي بفضلها يمكن ان يستتب الأمن ، والقضاء على الجريمة المنظمة وهذا شيء سلبي لا بد من تداركه في أسرع وقت. في المقابل قد تسترجع المؤسسة الأمنية ، شيئا فشيئا قوتها بعد ان قررت ان تكون في خدمة الجمهورية ولا في خدمة حزب ،أو فئة أو نظام , فهناك الآن نقابات أمنية تدافع عن مثل هذه المبادئ وتساهم في استرجاع هيبة السلطة والأمن الذي كان كبش فداء للنظام السابق بعد 14 جانفي 2011 وعلى الكل فكلما تحدثت بصراحة مع رجال الأمن بمختلف رتبهم وانتماءاتهم المهنية ، فانهم يقرون جميعا ان الوضع الحالي رغم صعوبته هو أفضل مما كانت عليه الأمور قبل14جانفي 2011وهي مناسبة لأحيي قوات الأمن الداخلي ، والديوانة ،والجيش التونسي لما يقدمونه من تضحيات من اجل تونس ،و الجمهورية والشعب بأسره .
ما تقييمك لوضع «حزب المستقبل» بعد غياب عن الساحة الاعلامية؟
صحيح هذا الغياب لبضعة اشهر له سبب موضوعي وهو ان «حزب المستقبل» غير ممثل داخل المجلس التأسيسي وبالتالي لم يساهم في الحوار الوطني مما مكنه في حقيقة الامر من اعادة هيكلته وفروعه التي جاء بها مؤتمره التأسيسي الذي انعقد يوم 17 جويلية 2011 . كما تم التركيز على الاتصال المباشر مع الجهات خاصة مع الفئات الشبابية والطلبة والتلاميذ التي وجدت فيها حسا سياسيا مرهفا وتعطشا للمعرفة والمساهمة في الحياة السياسية .
و حيث نحن نتهيأ للانتخابات القادمة فإنني اؤكد لكم ان «حزب المستقبل» سيلعب دورا محوريا في الانتخابات القادمة .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.