تنتظر تونس مع موفى هذا الشهر ومطلع شهر أفريل تحديات عديدة سيوضح رفعها المسار الذي تتجه نحوه البلاد على عديد الأصعدة وهل نحن حقيقة نسير نحو الانتخابات مع مطلع شهر ديسمبر القادم ... وإن الحديث عن هذا الاستحقاق تحديدا مرتبط بعدة معطيات تحصلت عليها «التونسية» والتي تكشف ان حكومة مهدي جمعة تواجه عقبات عديدة منها ما هو سياسي ومنها ما هو اقتصادي واجتماعي. ولكن الأهم ولنقل الأدق في هذه المرحلة هي الشروط المطروحة من طرف المؤسسات المالية العالمية وهنا نقصد البنك الدولي وصندوق النقد الدولي وعندما نتحدث عن هذين المؤسستين فإننا نقصد كل مصادر التمويل العالمية المعروفة على غرار البنك الأفريقي للتنمية والبنك الاوروبي وهما مؤسستان لا تقرران إلا عبر موافقة صندوق النقد الدولي والبنك الدولي . في البداية يجب القول إن تونس مطالبة مع موفى شهر مارس بدفع القسط السنوي من ديونها الخارجية والتي تقدر ب5000مليون دولار وهي مسألة مهمة للتأكيد على مصداقية بلادنا ومن الشروط المطروحة في قادم الأيام على تونس إصلاح الوضع المالي الدقيق الذي يتطلب اصلاحات بنكية طالبت بها المؤسسات المالية العالمية وخاصة ما يتعلق بإعادة هيكلة البنوك العمومية والقيام بتدقيق شفاف في وضعيتها المالية كما سيتم فتح ملف صندوق التعويض والشروط الدقيقة للمؤسسات المالية العالمية لجلب الاستثمار الخارجي وهنا لا بد من الاشارة الى ان مديونية الدولة التونسية اصبحت محل حيرة وتخوف لدى المؤسسات المالية العالمية ، وانه تم تنبيه الحكومة التونسية لخطورة الوضعية. سياسيا تعمل الحكومة الأمريكية منذ سقوط نظام مرسي بمصر بحرص شديد على إنجاح التجربة التونسية في التحول الديمقراطي وعدم السقوط في فخ العنف أو الانقلابات. وهنا كشفت مصادر خاصة ب «التونسية» أن الادارة الأمريكية وجهت كافة جهودها في المنطقة لعدم عرقلة التجربة التونسية التي يجب أن تنجح خشية في فشل تجربة الربيع العربي وهنا ستكون زيارة جمعة لدعم الحكومة التونسية إلى حين الوصول إلى الانتخابات وتوفير المناخات الجيدة لها وفي هذا الباب علمنا أن الولاياتالمتحدة ستقدم مساعدات اقتصادية وأمنية لتونس الأولى لمقاومة حجم الأزمة الاقتصادية ومواجهة العجز المالي الكبير في ميزانية الدولة والمساعدة على إنجاز الميزانية التكميلية والثانية سيتم عبرها تجهيز الأمن التونسي بالصدريات وعدة وسائل تقنية وتكنولوجية حديثة لرصد الارهابيين والتصدي لهم كما سيتم الاعلان عن إجراءات متعددة للتعاون الثقافي والتجاري . ورغم أن الغرب لا يعطي شيئا بلا مقابل إلا أن ما تنتظره الولاياتالمتحدة من التجربة التونسية جعل الأمريكان يدعون كل البنوك العالمية ، الآن ، إلى دعم تونس وستبحث الادارة الأمريكية في لقاءاتها مع جمعة كيفية خلق توازن سياسي واجتماعي ضروريين لإنجاح الانتخابات القادمة ويتم حاليا الاتجاه نحو خلق ارضية لانتخابات تفرز توافقات لأحزاب قوية ومعتدلة. وفي هذا الاتجاه سيتم التأكيد على ضرورة إنهاء كافة مظاهر العنف والمليشيات وتأكيد دعم أمريكا لمجهود تونس لمقاومة الإرهاب والعنف عبر تمكينها من المعلومات الاستخباراتية الضرورية . اقتصاديا ، علمت «التونسية» أن الحكومة الأمريكية ستدعم كل الاصلاحات التي تقوم بها الحكومة التونسية وستدعو كلاّ من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي الى مساعدتها بشروط محددة تهم عدة أبعاد أهمها أن تحافظ تونس على نظام ديمقراطي تعددي تنتفي فيه مظاهر العنف والتطرف الفكري أيّا كان مصدره. وبينت مصادرنا أن الحكومة الأمريكية تابعت بكل دقة عملية إصدار الدستور التونسي ودور الرباعي الراعي للحوار ، كما علمنا أنها دعت عديد الأطراف في تونس إلى إنجاح تجربة العقد الاجتماعي ومأسسة الحوار الاجتماعي . وفي هذا الإطار كان البنك الدولي وصندوق النقد الدولي قد دعيا الحكومات التونسية المتعاقبة بعد الثورة إلى إنهاء المنظومة الحالية للدعم واصلاحها وإنهاء تمتع طبقات اجتماعية مترفة حسب البنك الدولي بالدعم على المحروقات والمواد الغذائية . وفي هذا الإطار اشترط كل من البنك الدولي و صندوق النقد الدولي عدم تواصل الدعم الموجه إلى بعض الشركات العمومية التونسية التي تشكو صعوبات اقتصادية ومالية حقيقية والتي لم تعد تحتمل تواصل تلقيها الدعم دون إصلاحها من الداخل وخاصة على المستوى الهيكلي . و يربط البنك الدولي أي إصلاح لمنظومة الدعم بإصلاح منظومة الحماية الاجتماعية في تونس حيث أكد أن الضمان الاجتماعي في تونس يحتاج إلى مجموعة من الإصلاحات لتعزيز حماية حقيقية للفئات المهمشة و الفقيرة وضعيفة الحال وتمكينها من المزيد من الإنصاف حيث كشفت دراسة للمانحين الدوليين فشل نظام الضمان الاجتماعي في تونس في حماية الفئات الأكثر فقرا، إذ أن أكثر المنتفعين من الضمان الاجتماعي هم الذين ينتمون إلى الفئات الاجتماعية الأيسر حالا، مما أدى إلى تفاقم اللامساواة والاحتقان الاجتماعي. ويبرز الحيف كيف أن نسبة من الدعم الخاص بالمواد الغذائية والمحروقات موجه لغير مستحقيه مما يجعله مكلفا وغير منصف ويتحصل عليه ميسورو الحال.