لم يكن اليوم يوما عاديا في الضواحي الغربية لمدينة القصرين التي عاشت طوال فترة ما بعد الظهر والى حد المساء اجواء حرب حقيقية اهتزت فيها تباعا على اصوات انفجارات الالغام وقذاف المدفعية الثقيلة وأزيز المروحيات والطائرات المقاتلة وهي توجه صواريخها صوب معاقل الارهابيين في مرتفعات الشعانبي وسالت فيها من جديد دماء جنودنا البواسل وعامل بإدارة الغابات جرحوا امس داخل اعماق الجبل. فبعد لغم أول أمس الذي انفجر قرب منطقة «أولاد منصور» شمال الشعانبي ولم يخلف والحمد لله الا بعض الاضرار المادية بالعربة العسكرية التي مرت عليها اثناء قيامها بمهمة لوجستية كانت مرتفعات الجبل من الجهة المقابلة ظهر أمس على موعد مع انفجار لغمين جديدين بالطريق المعبّدة المؤدية الى محطة الارسال الاذاعي والتلفزي وهي الوحيدة في الجبل التي تشقه من سفحه الجنوبي الى قمة «التلة» وسط المحمية وذلك لما كان جرار تابع لادارة الغابات بصدد ايصال «صهريج» من المياه الى تجمع عسكري قرب المحطة المذكورة وبرفقته ناقلة جند مدرعة بهدف حمايته لان الطريق المذكورة هي التي شهدت «الكمين» الذي اودى قبل غروب يوم20 رمضان الفارط بحياة 8 من ابطال جيشنا الذين ذبح «القضقاضي» وزبانيته خمسة منهم.. وبالفعل فقد مرّ الجرار على لغم مزروع على جانب الطريق مما ادى الى انقلابه وفصله عن «الصهريج» تماما واصابة سائقه وعند تقدم الناقلة المدرعة انفجر تحتها وفق مصادر مطلعة لغم ثان فيما ذكرت مصادر عسكرية انها انقلبت لوحدها وكانت الحصيلة اصابة عدد من العسكريين نقل 4 منهم الى جانب سائق الجرار الى المستشفى الجهوي بالقصرين حيث تبين انهم تعرضوا لإصابات غير خطيرة في الراس (بالنسبة لسائق الجرار) والظهر والصدر للعسكريين. منع التصوير في المستشفى ما ان وصلت سيارات الاسعاف العسكرية تحمل الجرحى الخمسة ( ثلاثة في الاول ثم تلاهما الاثنان الاخران) حتى هب ممثلو وسائل الاعلام الى المستشفى الجهوي لتغطية الحدث والتقاط صور للجرحى الا ان وحدات الجيش الوطني المصاحبة لهم منعتهم من استعمال الكاميراوات بما في ذلك تلك الخاصة بالهواتف الجوالة حفاظا على معنويات العناصر العسكرية وحتى لا يتكرر تمرير الصور الصادمة لشهداء «مذبحة» رمضان الفارط الثمانية.. ورغم الاجراءات العسكرية الصارمة في المستشفى فإن بعض الزملاء استطاعوا «سرقة» بعض اللقطات بكاميراوات خفية.. وفي المقابل فانه تم السماح بتصوير الجريح المدني (سائق الجرار واسمه احمد الحقي من القصرين). قصف مدفعي وجوي ما إن تمّ إجلاء الجرحى واحتياطا من ان يكون انفجار اللغمين للتغطية على عملية اخرى يخطط لها الارهابيون من الناحية الاخرى للشعانبي مثل التسلل خارجه او استقبال عناصر جديدة حتى قام الجيش الوطني بدك معاقل المجموعات المسلحة في الناحية الشمالية للجبل بالمدافع الثقيلة وضربات الهاون والرشاشات الثقيلة مع القيام بعمليات تمشيط ناري لكامل السفح الشمالي المقابل لقريتي «المنقار» و«البراطلية» والطريق الوطنيةعدد 17 المتجهة نحو تالة شمالا والحدود الجزائرية غربا بطريقة عنيفة جدا كانت انفجارات ضرباتها تهز الاحياء الغربية للقصرين وتسمع حتى من وسط المدينة .. وفي بداية المساء توقف القصف المدفعي لتحل محله غارات جوية مكثفة للطائرات المقاتلة استهدفت بصواريخ جو أرض أماكن محددة من الجهة الشمالية للجبل أسفل محطة الارسال الاذاعي والتلفزي اين يتمركز اغلب الارهابيين حسب ما ترصده من حين إلى آخر أجهزة المراقبة العسكرية التي تغطي كامل المنطقة العسكرية المغلقة بجبلي الشعانبي وسمامة. وحسب مصادر ميدانية فانه من المؤكد أن كثافة القصف المدفعي والجوي لبعد ظهر أمس وقعت خسائر في صفوف الارهابيين بين جرحى وقتلى لكن لا يمكن معرفة حصيلته بدقة لتعذر دخول وحدات الجيش الوطني الى اعماق الجبل اجتنابا للكمائن والالغام في انتظار الهجوم البري الشامل الذي يتم الاعداد له للزحف على «جحورهم» واستئصالهم نهائيا من جبال القصرين . وعلمت «التونسية» أن لغما ثالثا انفجر مساء أمس قرب المنطقة الصناعية لدى مرور مصفحة تابعة للجيش الوطني وأنّ اصابات لحقت بعض جنودها لم يتسن لنا الحصول على معلومات دقيقة حولها نظرا للتعتيم الأمني الكامل المفروض حول ما يجري بالمنطقة.